الأحد، 27 أبريل 2014

شكر الله سعيكم


                                       عبدالناصر بن عيسى/جريدة الشروق اون لاين الجزائرية
 
     من غير الإنصاف، أن لا نعترف بعبقرية النظام الجزائري على مدار نصف قرن، الذي ما عاد يخوض موقعة إلا وخرج منها منتصرا، وبالضربة القاضية، ولن نبالغ إذا قلنا أن النظام حلّق عاليا بسرعة البرق بعيدا عن الشعب ومشتقاته من معارضة ودعاة مقاطعة وما شابه ذلك، بسنوات ضوئية، إلى درجة أنه قدّم مسرحية انتخابية فيها من الدراما والكوميديا المدهشة، فنقل المواطنين بكل أطيافهم ومن دون استثناء، من مقاعد التفرّج إلى خشبة المسرح، كل منهم يؤدي دوره بإتقان، بين محايد ومقاطع ومتظاهر في الشوارع وكاتب لرسائل التنديد ومقدّم لتصريحات صحفية شاجبة للعهدة الرابعة، في تناسق، بيّن أن مخرج النص، فاهم لإمكانات كل الممثلين، الذين قدّموا للعالم فصولا متناسقة في رواية كادت أن تكون طبق الأصل لما يحدث في أوربا، إن لم تكن أكثر إتقانا.

    ومن غير الإنصاف أن نلوم الشعب الذي اختار ما يسميه هو الاستقرار قبل أن يسميه النظام، لأن غالبية الشعب يعيش "دلالا" لا يمكن أن يعيشه في زمان آخر أو مكان آخر، ولو جاء الأمريكيون والسويديون إلى الجزائر لاختاروا العهدة الرابعة وما بعدها، مادام النظام تنازل عن مطالبة الشعب بواجباته، وترك لكل من أفراده حرية البحث عن حقوقه، فاستنسخ النظام في الشعب مثيلا له، فهو يستخرج ما في باطن الأرض من خيرات، ويبيعها للدول الصناعية، ويفرق على الشعب جزءا منها، في أجواء صارت مرتبطة بالكماليات فقط، وأجمع الشعب على أن الجزائريين صاروا شبه سكارى، يعيشون في شبه فندق مدى الحياة مدفوع التكاليف من نوم وإطعام وفقط، ولن نبالغ إذا قلنا بأن بعض الجزائريين صاروا يعيشون في جنة الأرض، لا يعملون ويمتلكون من كل الخيرات، ولن نبالغ إذا اعترفنا بأن عددهم ليس قليلا، وسنكون صادقين عندما نقول بأن التسوّل في الجزائر صار يدرّ الثروات. والذي يعيش في ما يشبه الجنة، لن يطلب غيرها.

     والحقيقة التي رفضها من يسمّون أنفسهم معارضون، هي أن الشعب الجزائري على خلاف كل الشعوب، لم يطلب أبدا بالتغيير، ولو طلبه فعلا لبدأ بمحيطه، وهو راض بهذا اللاشيء الذي رفع عنه قلم الواجب، ومنحه فسحة طلب الحقوق.
ولن نكشف سرا لو قلنا، بأنه في أوربا لو توقف أي طبيب أو مهندس عن العمل بطواعية، لمدة شهر لمات جوعا، أما في الجزائر فيوجد أناس، لم يعملوا منذ عقود ويعيشون مثل السلاطين.

   لقد تمكن النظام بعبقرية نادرة، من دون أن يبذل أي جهد، من تقديم مشهد انتخابي أكثر بريق من المشاهد الأصلية، ونكاد نجزم أنه لو رشّح الرئيس الراحل هواري بومدين للانتخابات وهو راحل عن دنيانا، لحقق مراد النظام، وفاز بالنسبة التي يريدها، ولو رشح تمثال الأمير عبد القادر بالعاصمة لفاز بالنسبة المريحة أيضا، حتى وإن كان البعض يرى أن عبقرية الفرد لا تكون إلا في غياب الآخرين؟

0 التعليقات: