هل نشهد قريباً ارتفاع أسعار الفوائد من جديد؟ | |
|
عقد السلم
بي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ضمن سعيه لاستبدال مبدأ التمويل مقابل الفائدة الربوية، يطرح الاقتصاد الإسلامي مجموعة من العقود التي يراد منها حل مشاكل التمويل، ومن أبرز تلك العقود عقد "السلم" وهو من أهم صيغ حل مشكلة نقص السيولة لدى أصحاب المشاريع.
ويقول علماء التفسير، وخاصة الطبري، إن الآية التي تحض على كتابة الدين: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" قد نزلت تحديدا في عقد السلم المطبق بالمدينة المنورة، ونقل ذلك عن ابن عباس، كما يرد عقد السلم في الحديث النبوي الوارد في البخاري ومسلم ونصه: "من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم."
سبب مشروعية السلم حاجة الناس إليه، ويلجأ إليه المنتج عادة لحاجته إلى رأس المال النقدي ليستعين به على إنتاجه أو تحقيق رغباته الاقتصادية، فالبائع يريد الإنفاق على نفسه وعياله ويحتاج إلى سيولة نقدية، ولا يجد من يقرضه قرضاً حسناً، وليس عنده ما يبيعه الآن، ولكنه يستطيع الحصول عليه وتسليمه مستقبلاً فيقوم بالبيع بطريق السلم حتى يتسنى له الحصول على المال الذي يحتاجه في صورة أثمان معجّلة .
والمشتري يقدم على هذا العقد عادةً طمعاً في ربح المستقبل بالشراء بسعر أرخص مما يحتمل وقوعه، وقد لا يتيسر له عن طريق الشراء والبيع العادي، فيلجأ إلى الشراء بطريق السلم، لأنّ تأجيل تسليم المبيع يقابله تخفيض الثمن عنه في حالة تعجيل التسليم، فيبيعه بعد تسلّمه الأجل بأكثر مما اشتراه به، فيحصل له الربح الذي يبيعه.
يمكن تعريف السلم بأنه عملية بيع مع التسليم المؤجل للسلع. وخلافا للمرابحة لا يتدخل البنك بصفته بائع لأجل للسلع المشتراة بطلب من عميله، ولكن بصفته المشتري بالتسديد نقدا للسلع التي تسلم له مؤجلا.
في الأساس، تحظر قواعد الشريعة الاسلامية كافة العمليات التجارية التي ليس لها موضوع عند ابرام المعاملة (البيع المعدوم) غير أن بعض التطبيقات التجارية التي لا تستوفي هذا الشرط مسموح بها بسبب ضرورتها في حياة الناس، هذا هو الحال بالنسبة للتمويل بالسلم.
ويشترط للسلم كي يتوافق مع الشريعة الإسلامية أن تكون السلع موضوع العقد معروفة (بطبيعتها ونوعيتها )، وكمياتها (الحجم والوزن ) ومحسوبة (بالنقد أو بما يعادله في حالة المقايضة)، ويجب أن يكون أجل تسليم السلع من قبل البائع معروفا في العقد لدى الطرفين، كما يجب أن يكون سعر (أو ما يعادل ) السلع محددا في العقد و ان يكون معروفا لدى الطرفين و مسدد من قبل المشتري (البنك) نقدا.
ويتوجب أيضا أن يكون مكان التسليم محددا ومعروفا لدى الطرفين ويمكن للمشتري أن يطالب البائع بكفالة لضمان تسليم السلع عند الاستحقاق أو أي ضمانات شخصية أو عينية أخرى، ويمكن للمشتري أن يوكل البائع لبيع أو تسليم السلع عند الاستحقاق لشخص آخر مع أخذ عمولة أو بدونها و عليه يصبح البائع مدينا تجاه المشتري بتحصيل قيمة المبلغ، ولا يمكن للمشتري أن يبيع السلع قبل تسليمها من قبل البائع. غير أنه يسمح بذلك عن طريق عقد سلم موازي.
أما أهمية هذه الصيغة فتبرز في واقع أن الكثير من الاحتياجات تتطلب مساهمة نقدية مباشرة، وبالتالي يتوجب وجود أسلوب تمويل أكثر ملائمة من المرابحة، ويسمح السلم للبنك بتقديم الأموال مباشرة للعميل مقابل شراء السلع و منحه مهلة لتسليم السلعة المشتراة. وعلاوة على ذلك فإن الوكالة التي سنراها أدناه تسمح للعميل التعامل مع زبنائه بصفة عادية شريطة أن يقوم بهذا العمل لحساب البنك في حدود قيمة السلع المشتراة من قبل البنك في إطار عقد السلم.
السلم هو وسيلة مثلى لتمويل بعض النشاطات الاقتصادية، ويمكن للسلم أن يكون صيغة بديلة لتطبيقات الخصم التجاري. تأخذ الأوراق التجارية أو القيم المحتفظ بها من قبل العميل على سبيل ضمان التمويل في شكل السلم الذي سيمنح للعميل، ويسمح السلم بتوفير التمويلات القصيرة المدى مثل تسهيلات الصندوق والسحب على المكشوف والقروض الموسمية والتسبيقات على السلع.
أوجه عقد السلم وشروطه
ويقول مجمع الفقه الإسلامي إن عقد السلم يجري على سلع تشمل كل ما يجوز بيعه ويمكن ضبط صفاته ويثبت ديناً في الذمة، سواء أكانت من المواد الخام أم المزروعات أم المصنوعات، وانطلاقاً من أن السلم في عصرنا الحاضر أداة تمويل ذات كفاءة عالية في الاقتصاد الإسلامي وفي نشاطات المصارف الإسلامية، تعددت مجالات تطبيق عقد السلم.
ويعدد المجمع في هذا السياق استخدام عقد السلم لتمويل عمليات زراعية مختلفة، حيث يتعامل المصرف الإسلامي مع المزارعين الذين يتوقع أن توجد لديهم السلعة في الموسم من محاصيلهم أو محاصيل غيرهم التي يمكن أن يشتروها ويسلّموها إذا أخفقوا في التسليم من محاصيلهم، فَيُقَدِّمُ لهم بهذا التمويل نفعاً بالغاً ويدفع عنهم مشقة العجز المالي عن تحقيق إنتاجهم.
كما يمكن استخدام عقد السلم في تمويل النشاط الزراعي والصناعي، ولاسيما تمويل المراحل السابقة لإنتاج وتصدير السلع والمنتجات الرائجة، وذلك بشرائها سَلماً وإعادة تسويقها بأسعار مجزية. كما يمكن تطبيق عقد السلم في تمويل الحرفيين وصغار المنتجين الزراعيين والصناعيين عن طريق إمدادهم بمستلزمات الإنتاج في صورة معدات وآلات أو مواد أولية كرأس مال سلم مقابل الحصول على بعض منتجاتهم وإعادة تسويقها.
وتقول "مجموعة الرقابة" للاستشارات الشرعية والمالية إن السلم من أنواع "البيوع المؤجلة" وهو من المعاملات التي كان الناس في الجاهلية يتعاملون به قبل مجيء الإسلام، فلما جاء الإسلام أقرهم عليه مع تهذيب له، وهو من أهم الصيغ الشرعية للتمويل والاستثمار، وهو صورة من صور البيع يعجّل فيه الثمن ويؤخر فيه المبيع إلى أجل معلوم، وبمقتضاه يتمكن أصحاب المشروعات الزراعية أو الصناعية من تمويل مشروعاتهم عن طريق بيع مثل ما ستنتجه مشروعاتهم مقدماً فيحصل لهم تمويل مشروعاتهم هذه بتلك الأثمان بعيداً عن القروض الربوية التي تعرضها البنوك.
محاذير متعلقة بعقد السلم
وتتركز مشكلة القضية في المخاطرة التي تترتب على عقد السلم في ظل احتمالية مماطلة البائع في تسليم السلعة للمشتري، أو منازعته في قدر المسلم فيه أو صفته أو احتمال هرب المسلم إليه بالمال الذي أخذه وهذه تعد مشكلة وعقبة في طريق التعامل بطريق السلم فكان لا بدّ من ضمانات تكفل للمشتري استيفاء حقه عند مماطلة المسلم إليه أو هربه أو تعذر التسليم عليه.
ولذلك يرى الفقهاء أن هناك أوجه للضمانات المتفق عليها لتأكيد الحقوق، وبينها كتابة العقد والاستعانة بالشهود، ولكن الخلاف وقع في الاستعانة بالرهن والكفالة، وقد ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، وذهبت رواية إلى قبول الإمام أحمد بن حنبل بذلك، بينما ذهبت رواية أخرى عنه إلى رفضه، في حين أجاز ابن حزم الرهن ورفض الكفيل، ولكن الرأي الراجح هو جواز أخذ الرهن أو الكفيل في دين السلم وهو الرأي الذي اعتمده المجلس الشرعي في المدينة المنورة.
كما يختلف الفقهاء في أنواع أخرى من الضمانات، بينها جواز استبدال ما هو مسلم بموجب العقد، وهو أمر تنبع أهميته من واقع ميل العملة إلى الانخفاض، على أن ذلك لا يكون على إطلاقه، بل يتوقف على قدرة المسلم إليه على دفع البدل أو توفره عنده، وعلى عرضه الوفاء بالبدل.
ويلفت البحث المقدم من "مجموعة الرقابة" إلى إمكانية أن تساهم الدولة في عقود السلم، وذلك عن طريق تقديم التمويل لمن يرغب في تنفيذ مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي، ويساهم ذلك بالقضاء على البطالة وتحريك وتفعيل ونشيط السوق الداخلية استثمار جزء من رؤوس الأموال العامة، ومن الممكن للدولة أن تبيع بطريق السلم المتوازي مثل ما ستستلمه من أصحاب المشروعات، وبهذا يتوفر لها جزء من رؤوس أموالها التي دفعتها.
ويرفض الفقهاء الشرط الجزائي في عقد السلم لأنه فعليا زيادة على أصل الدين في حالة التأخر، ما يشكل ربا نسيئة، ويشمل ذلك رفض الشرط الجزائي بحال التآخر في التسديد أو التأخر في تسليم البضاعة، وهذا ما نصت عليه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "أيوفي" في معاييرها الشرعية
ا
=================================================
مفكرة سفير عربي في
اليابان
بقلم: د. خليل حسن *
تطورت رأسمالية الغرب في القرن العشرين، بحيث إنها استطاعت أن تتحدي النظرية الشيوعية السوفيتية، فمع قرب نهاية القرن العشرين أسدل الستار على هذه النظرية، وليتفاخر الغرب بأن العالم وصل لنهاية التاريخ بنجاح ديمقراطية الغرب وفكرها الرأسمالي. ولم يبدأ القرن الحادي والعشرين وإذا برأسمالية الغرب وديمقراطيتها تواجهه تحديا جديدا، بتطور تكنولوجيا المواصلات والاتصالات، وليتحول كوكبنا الأرضي الشاسع إلى قرية عولمة صغيرة، ترافقت معها تحديات هائلة. وفي نفس الوقت، برزت في الأفق تجارب تنموية جديدة في اليابان، وكوريا الجنوبية، وتيوان، وسنغافورة، والصين، وكلها متربطة بشكل أوبآخر بالفلسفة الكنفوشيوسية. كما طورت دول أمريكا اللاتينية تجاربها الخاصة في التنمية، ولتتبعها تجارب القارة الإفريقية الوليدة. ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: كيف سيغير عالم العولمة الجديد، بتكنولوجياته المتنوعة، النظام الرأسمالي الغربي، وديمقراطيته العريقة؟
يعتبر جرمي رفكين من خيرة علماء الاقتصاد في القرن الحادي والعشرين. وقد كتب الكثير عن تأثيرات التكنولوجيا على الاقتصاد العالمي، وصدر له حتى الآن 19 كتابا في هذا المجال، وترجمت إلى 35 لغة، كما أنها تدرّس في الكثير من الجامعات والمعاهد في العالم، بل وتهتم حكومات العالم بجدية لتنبؤاته العلمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد صدر له كتاب جديد في طوكيو بعنوان « مجتمع الصفر لهامش الكلفة» والذي يناقش الانترنت، والمشاع التعاوني، وخسوف الرأسمالية. فيكتب في مقدمة كتابه ويقول: «قرب عصر الرأسمالية على الانتهاء.. ليس بسرعة ولكن حتما. كما أن هناك نموذجا اقتصاديا جديدا بازغا في الأفق، تعاونية المشاع، والتي ستغير طريقة حياتنا. فنحن نشاهد شروق اقتصاد هجين، يجمع بين رأسمالية السوق، وتعاونية المشاع. ويعمل النظامان بترادف، ولكنهما يتنافسان أحيانا، كما يجدان التآزر في محيطيهما، حيث يضيف كل منهما قيمة إضافية للآخر، بل ويستفيد كل منهما من الآخر بينما في بعض الأحيان الأخرى يكونان متضادين، يحاول كل منهما أن يحل محل الآخر. وسيكون الصراع بين هذين النموذجين الاقتصاديين المتنافسين حادا وطويل الأجل، ولكن يبدو، وفي هذه المرحلة المبكرة، بأن النظام الرأسمالي، والذي يوفر ردا قهريا للطبيعة البشرية، وشبكة تنظيمية لحياة المجتمع اليومية، تجاريا، واجتماعيا، وسياسيا، والذي امتد على مدى عشرة أجيال ماضية، وصل لذروته، بل بدأ في الانحدار البطيء».
ووصف الكاتب توقعاته المستقبلية بالقول: «ومع أني أتوقع أن الرأسمالية ستستمر جزءا من نظامنا الاجتماعي لنصف قرن قادم، ولكن أشك بأنها ستبقي النظام الاقتصادي المسيطر في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين. ومع أن المؤشرات رخوة لنظام اقتصادي بديل، ولكن يبدو بأن تعاونية المشاع في الصعود، وبقرب عام 2050، سيكون الوسيط الأولي للحياة الاقتصادية في معظم أرجاء العالم. وسيبقى النظام الرأسمالي نشطا على حواف النظام الاقتصادي الجديد، ويبحث عن فرص يستغلها، كمجمع للشبكات الالكترونية وحلولها، لتجعلها لاعبا قويا في العصر الاقتصادي الجديد، ولكن لن يبقى المسيطر. وقد يبدو ذلك غريبا عند الكثيرين الذين يعتقدون بأن الرأسمالية لا غنى عنها، فهي مهمة كالماء والهواء لبقائنا. وبالرغم من أن جهود الفلاسفة وعلماء الاقتصاد، على مدى قرون طويلة، حاولت فرض النظام الرأسمالي كقوانين الطبيعة، ولكن النظام الاقتصادي ما هو إلا نظام اخترعه البشر، وليس ظاهرة فيزيائية طبيعية. وقد بقت الرأسمالية إيجابية كنظام اقتصادي، بالرغم من قصر عمرها بالنسبة للأنظمة الأخرى في التاريخ البشري. ومن العدل أن نقول بأنه كان لها دور ايجابي، وسلبي بصورة بارزة في التاريخ البشري، مقارنة بالأنظمة الاقتصادية الأخرى. ومن سخرية القدر، فإن انحدار الرأسمالية لم يتم من قوى معادية، بل بالعكس، فالذي قلل من شأن الرأسمالية، هو النجاح الباهر للنظريات التي تحكمها. ففي قلب الرأسمالية هي الآلة التي رفعتها للقمة والتي تدفعها اليوم للموت».
ويعتقد الكاتب: «بأن الرأسمالية قد دفعت بجميع أوجه الحياة البشرية إلى حلبة الاقتصاد، لتحولها لسلعة، ولتستبدل كملكية خاصة في السوق. بل لم تترك شيئا في حياتنا، كالطعام الذي نأكله، والماء الذي نشربه، والمنتجات التي نصنعها، وحتى علاقاتنا الإنسانية والأفكار التي نتبادلها، والوقت الذي نستهلكه، بل أسرار الحياة المكتمنة في مورثات جينات الـ (دي إن آيه)، ألقيت جميعها في مرجل، حيث نظمت من جديد، وحدد سعرها، ووزعت في السوق. ومع أنه عبر التاريخ كانت السوق مكانا للقاء، تستبدل فيها البضائع، ولكن اليوم جميع مجالات حياتنا مرتبطة بالتبادل التجاري، بل السوق تحدد من نحن. وهنا يبدو التناقض، فمنطق العملية الرأسمالية صممت، لكي تفشل بنجاحها».
ويحاول الكاتب شرح ما يعنيه بقوله: «لقد كتب ادم سميث، أب الرأسمالية المعاصرة، في كتابه ثراء الأمم، بأن آلية السوق تعمل بنفس قوانين الجاذبية، كما هي في الطبيعة، فلكل فعل رد فعل مساوٍ، فالعرض والطلب يوازنان بعضهما، في سوق تنظم نفسها ذاتيا. فإذا زاد الطلب على بضاعة ما، يقوم البائع بزيادة السعر، وحينما يرتفع السعر بشكل حاد، يقل الطلب على البضاعة أو الخدمة، فيدفع بالبائع لخفض السعر. كما أن التكنولوجيات الجديدة تزيد الإنتاجية، لتؤدي بالبائع لإنتاج بضائع جديدة، وبسعر منخفض، وزيادة العرض لبضائع أرخص تدفع لطلبات جديدة، لتؤدي بالمنافسين لاخترع تكنولوجيات جديدة، لتزداد الإنتاجية، وينخفض السعر أكثر، لجذب مستهلكين جدد، ولتتحول العملية لأسعار أرخص نتيجة الاختراعات التكنولوجية الجديدة، وزيادة الانتاجية تعني توفر نقود أكثر عند المستهلك، لكي يصرفها في مواقع أخرى، ليؤدي ذلك لزيادة المنافسة بين الباعة، لجذب المشترين. وقد تؤدي خلال هذه المنافسة الاختراعات التكنولوجية الجديدة، لخفض الكلفة لتقترب هامشية الكلفة لقرب الصفر. وحينما يتم ذلك، تكون الرأسمالية قد بدأت تغرب، لأنها أصلا تعتمد على ربحية معاملات السوق، وحينما تنتهي هذه الربحية ستلاقي الرأسمالية حتفها».
ولو دققنا في اقتصاد السوق نجد أنه يعتمد على التبادلات التجارية، ليحقق الكثير من الوسطاء أرباحا مقبولة على الهوامش. فمثلا يقوم الكاتب ببيع إنتاجه الفكري إلى الناشر. فيتحرك الكتاب بعدها في أيد كثيرة، من المحرر، إلى الطابع، إلى البائع العام، إلى الموزع، ومن ثم إلى المكتبات، لينتهي أخيرا في يد القارئ. وكل مجموعة من هذه المجموعات تحصل على هامش من الربحية كافية لجهودهم. ولكن حينما يقوم الكاتب بنشر كتابه مباشرة على صفحات الانترنت، تنتهي تراكم هامش الربحية بين هذه الأيدي المتعددة، لتصبح قيمة هامش الربحية للكتاب قريبا من الصفر. فقد انتشرت ظاهرة هامش الكلفة القريبة من الصفر في عالم الانترنت في النشر، والاتصالات، وصناعة الأغاني، والأفلام، والمسرح، بل لأكثر من ذلك، لتمتد للطاقة المتجددة، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وشبكات التعليم الالكترونية. وليظهر تعبير جديد في اللغة الانجليزية، «بروسيومر»، أي المستهلكين الذين أصبحوا منتجين، لما يحتاجونه من الكهرباء الخضراء، بهامش كلفة قريبة من الصفر، وفي جميع انحاء العالم. ويقدر اليوم هواة «البروسيومر»، أي المستهلكين المنتجين، بما يقارب المائة ألف الذين يصنعون ما يحتاجونه بواسطة الطباعة الثلاثية الأبعاد، وبهامش كلفة قريبة من الصفر. كما أن هناك حوالي ستة ملايين طالب ملتحقين ببرامج تعليمية الكترونية، وتحت رقابة خيرة اساتذة العالم، وبهامش كلفة قريبة من الصفر، ليحصلوا على شهادات علمية مرموقة، وموثوق بها. بل خلال العقود الثلاثة القادمة، سيتشاركون المستهلكين المنتجين، المنتشرين في جميع أنحاء العالم، في الطاقة الخضراء، والبضائع، والخدمات، كما سيتعلمون على شاشات الكومبيوتر، وبهامش كلفة قريبة من الصفر، ليدفعوا باقتصاد السوق إلى عصر البضائع والخدمات القريبة من المجانية. ويتوقع البعض أن تتزايد هذه الظاهرة، ولكنها ستفتح الأبواب لصناعة بضائع وخدمات جديدة، وبربحية كافية، لتحافظ على النمو الاقتصادي، وتنعش السوق الرأسمالية. وقد استخدمت حتى الآن البضاعة المجانية، لزيادة مبيعات البضائع المرافقة، فمثلا شركة جيليت تعطي مجانا آلة الحلاقة، لتشجع المستهلك على شراء الأمواس. كما يوفر المغنين أغانيهم على شبكات الانترنت للملايين بالمجان، أملا أن يحضر هؤلاء المتفرجين حفلاتهم الغنائية الحية. كما وفرت الكثير من المجلات مقالاتها بالمجان على شبكات الانترنت، لكي يشتري القراء بعض المقالات المتخصصة، لتصبح المجانية السنارة التي تصطاد المستهلك لشراء حاجيات أخرى، فتخلق بذلك الشركات قاعدة من المستهلكين لمنتجاتها. وفي الحقيقة حينما تتزايد المنتجات المتوفرة بهامش كلفة قريبة من الصفر، سيؤدي ذلك إلى انكماش السوق الرأسمالية، لتبقي فرص شركات الربحية على هامش الاقتصاد الجديد في بضائع وخدمات متخصصة جدا. وليس من الغرابة أن لا يتمكن الكثيرون من تخيل اقتصاد فيه البضائع والخدمات بهامش كلفة قريبة من الصفر، والربحية معدومة، والملكية لا معني لها، وتبقي السوق زائدة عن الحاجة.
ويتساءل الكاتب: «وماذا بعد ذلك؟» ويعقب بقوله: «لقد توقع علماء الاقتصاد هذه التغيرات قبل حوالي قرن من الزمن، ليدخل العالم عصر الغزارة لا الندرة، ولكنهم لا يعرفون ما نوع النظام الاقتصادي القادم. ويبدو أننا ندخل عصر نظام اقتصادي جديد من قلب النظام الرأسمالي القديم، حيث ستكون المنتجات المجانية في ازدياد مضطرد مع الزمن. كما أن النظام الرأسمالي، الذي اعتبر الآلية ذات الكفاءة العالية في تنظيم النشاطات الاقتصادية، معرضة للخطر لسببين. السبب الأول هو الاختصاصات العلمية الجديدة المتداخلة، والتي جمعت علوم البيئة، والكيمياء، والأحياء، والهندسة، والهندسة المعمارية، وعلوم تخطيط المدن، وعلوم المعرفة التكنولوجية، تتحدي اليوم النظريات الاقتصادية التقليدية، وبنظريات اقتصادية جديدة، مرتبطة بقوانين الثرمودينامك، أي الديناميكا الحرارية. فالنظرية الرأسمالية التقليدية صامتة أمام العلاقة بين النشاطات الاقتصادية، والتحديات البيئية الايكولوجية، التي فرضتها قوانين الطاقة. فقد فشل علماء الاقتصاد التقليديين في معرفة أن قانون الديناميكية الحرارية تحكم جميع النشاطات الاقتصادية. فالقانون الأول والثاني فيها تؤكد أن مجموع الطاقة الكونية ثابتة، وبأن مجموع «الانتروبيا» في ازدياد مستمر، فالطاقة موجودة في الكون كما هي، ولكن تتغير باستمرار، من طاقة متوفرة للاستخدام، إلى طاقة غير متوفرة للاستخدام (انتروبيا). وهنا يلعب القانون الثاني دوره، حيث تتغير الطاقة من الطاقة الحارة إلى الطاقة الباردة، ومن طاقة متجمعة إلى طاقة متناثرة، ومن طاقة منتظمة إلى طاقة فوضوية. فمثلا حينما نحرق الفحم الحجري تبقى الطاقة الناتجة ثابتة، ولكنها تنتشر في الفضاء، في شكل ثاني أوكسيد الكربون، وأوكسيد الكبريت، وغازات أخرى. فمع أننا لم نفقد الطاقة، ولكن تبقي الطاقة الناتجة لا يمكن الاستفادة منها، ولذلك يعرف علماء الفيزياء الطاقة التي لا يمكن الاستفادة منها «بالانتروباثي». فجميع النشاطات الاقتصادية تعتمد على الطاقة الموجودة في الطبيعة لتستخدم في تحويلها لبضائع وخدمات، وفي كل خطوة من آلية الإنتاجية، والتخزين، والتوزيع، تستخدم الطاقة لتحويل الموارد الطبيعية، إلى بضائع وخدمات استهلاكية. فكل الطاقة التي استهلكت في صناعة البضائع، وفي تقديم الخدمات، تكون على حساب الطاقة الكونية، التي استخدمت وفقدت، لتحرك النشاطات الاقتصادية إلى سلسلة القيمة المضافة. وحتما ستستهلك البضائع التي ننتجها، أو تتلف، أو تمر بدورتها الطبيعية، وتترافق بزيادة الانتروبي، أي زيادة الطاقة الطبيعية التي لا يمكن الاستفادة منها، وعلى حساب الطاقة التي يمكن استخدامها. وفي رأي المهندسين وعلماء الكيمياء، لا توجد قيمة ربحية في الطاقة للنشاطات الاقتصادية، بل فقدان الطاقة الموجودة في الكون، في آلية تحويل المورد الطبيعية إلى قيمة اقتصادية.
ويتساءل الكاتب: متى سندفع ثمن تلاعبنا بالطاقة المفيدة في السوق الرأسمالية بقيمتها المضافة؟ ويعتقد الكاتب أن قائمة الدفع للعصر الصناعي حان وقتها. فتراكم ثاني اوكسيد الكربون في البيئة، من حرق كميات هائلة من الطاقة الاحفورية، أدت إلى تغيرات مناخية خطيرة، بتدمير أجواء الكون، «البيوسفير»، وليؤدي ذلك للشك في نظامنا الاقتصادي الرأسمالي. وعلى علوم الاقتصاد ان تواجه اليوم حقيقة أن النشاطات الاقتصادية محكومة بقوانين الديناميكية الحرارية. وفي الواجهة الأخرى بدأت تبرز تكنولوجية مسيطرة من بطن الثورة الصناعية الثانية، لتسرع تناقضات الايديولوجية الرأسمالية لنهاية لعبة جديدة، فالانترنت وتطبيقاته الاجتماعية في البنية التحتية للقرن الحادي والعشرين ستؤدي للثورة الصناعية الثالثة، والتي ستؤدي لهامش كلفة قريبة للصفر، وكنتيجة ذلك ستجف أرباح الشركات العملاقة، كما أن حقوق الملكية بدأت تضعف، والاقتصاد المعتمد على الندرة أخذ يغرب تدريجيا أمام اقتصاد الوفرة. ولنا لقاء.
* سفير مملكة البحرين في اليابان
هل تصلح الخصخصة للدول النامية؟
«بروسيومر» وخسوف رأسمالية الغرب
تاريخ النشر :٢٤ مايو ٢٠١٤
بقلم: د. خليل حسن *
تطورت رأسمالية الغرب في القرن العشرين، بحيث إنها استطاعت أن تتحدي النظرية الشيوعية السوفيتية، فمع قرب نهاية القرن العشرين أسدل الستار على هذه النظرية، وليتفاخر الغرب بأن العالم وصل لنهاية التاريخ بنجاح ديمقراطية الغرب وفكرها الرأسمالي. ولم يبدأ القرن الحادي والعشرين وإذا برأسمالية الغرب وديمقراطيتها تواجهه تحديا جديدا، بتطور تكنولوجيا المواصلات والاتصالات، وليتحول كوكبنا الأرضي الشاسع إلى قرية عولمة صغيرة، ترافقت معها تحديات هائلة. وفي نفس الوقت، برزت في الأفق تجارب تنموية جديدة في اليابان، وكوريا الجنوبية، وتيوان، وسنغافورة، والصين، وكلها متربطة بشكل أوبآخر بالفلسفة الكنفوشيوسية. كما طورت دول أمريكا اللاتينية تجاربها الخاصة في التنمية، ولتتبعها تجارب القارة الإفريقية الوليدة. ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: كيف سيغير عالم العولمة الجديد، بتكنولوجياته المتنوعة، النظام الرأسمالي الغربي، وديمقراطيته العريقة؟
يعتبر جرمي رفكين من خيرة علماء الاقتصاد في القرن الحادي والعشرين. وقد كتب الكثير عن تأثيرات التكنولوجيا على الاقتصاد العالمي، وصدر له حتى الآن 19 كتابا في هذا المجال، وترجمت إلى 35 لغة، كما أنها تدرّس في الكثير من الجامعات والمعاهد في العالم، بل وتهتم حكومات العالم بجدية لتنبؤاته العلمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد صدر له كتاب جديد في طوكيو بعنوان « مجتمع الصفر لهامش الكلفة» والذي يناقش الانترنت، والمشاع التعاوني، وخسوف الرأسمالية. فيكتب في مقدمة كتابه ويقول: «قرب عصر الرأسمالية على الانتهاء.. ليس بسرعة ولكن حتما. كما أن هناك نموذجا اقتصاديا جديدا بازغا في الأفق، تعاونية المشاع، والتي ستغير طريقة حياتنا. فنحن نشاهد شروق اقتصاد هجين، يجمع بين رأسمالية السوق، وتعاونية المشاع. ويعمل النظامان بترادف، ولكنهما يتنافسان أحيانا، كما يجدان التآزر في محيطيهما، حيث يضيف كل منهما قيمة إضافية للآخر، بل ويستفيد كل منهما من الآخر بينما في بعض الأحيان الأخرى يكونان متضادين، يحاول كل منهما أن يحل محل الآخر. وسيكون الصراع بين هذين النموذجين الاقتصاديين المتنافسين حادا وطويل الأجل، ولكن يبدو، وفي هذه المرحلة المبكرة، بأن النظام الرأسمالي، والذي يوفر ردا قهريا للطبيعة البشرية، وشبكة تنظيمية لحياة المجتمع اليومية، تجاريا، واجتماعيا، وسياسيا، والذي امتد على مدى عشرة أجيال ماضية، وصل لذروته، بل بدأ في الانحدار البطيء».
ووصف الكاتب توقعاته المستقبلية بالقول: «ومع أني أتوقع أن الرأسمالية ستستمر جزءا من نظامنا الاجتماعي لنصف قرن قادم، ولكن أشك بأنها ستبقي النظام الاقتصادي المسيطر في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين. ومع أن المؤشرات رخوة لنظام اقتصادي بديل، ولكن يبدو بأن تعاونية المشاع في الصعود، وبقرب عام 2050، سيكون الوسيط الأولي للحياة الاقتصادية في معظم أرجاء العالم. وسيبقى النظام الرأسمالي نشطا على حواف النظام الاقتصادي الجديد، ويبحث عن فرص يستغلها، كمجمع للشبكات الالكترونية وحلولها، لتجعلها لاعبا قويا في العصر الاقتصادي الجديد، ولكن لن يبقى المسيطر. وقد يبدو ذلك غريبا عند الكثيرين الذين يعتقدون بأن الرأسمالية لا غنى عنها، فهي مهمة كالماء والهواء لبقائنا. وبالرغم من أن جهود الفلاسفة وعلماء الاقتصاد، على مدى قرون طويلة، حاولت فرض النظام الرأسمالي كقوانين الطبيعة، ولكن النظام الاقتصادي ما هو إلا نظام اخترعه البشر، وليس ظاهرة فيزيائية طبيعية. وقد بقت الرأسمالية إيجابية كنظام اقتصادي، بالرغم من قصر عمرها بالنسبة للأنظمة الأخرى في التاريخ البشري. ومن العدل أن نقول بأنه كان لها دور ايجابي، وسلبي بصورة بارزة في التاريخ البشري، مقارنة بالأنظمة الاقتصادية الأخرى. ومن سخرية القدر، فإن انحدار الرأسمالية لم يتم من قوى معادية، بل بالعكس، فالذي قلل من شأن الرأسمالية، هو النجاح الباهر للنظريات التي تحكمها. ففي قلب الرأسمالية هي الآلة التي رفعتها للقمة والتي تدفعها اليوم للموت».
ويعتقد الكاتب: «بأن الرأسمالية قد دفعت بجميع أوجه الحياة البشرية إلى حلبة الاقتصاد، لتحولها لسلعة، ولتستبدل كملكية خاصة في السوق. بل لم تترك شيئا في حياتنا، كالطعام الذي نأكله، والماء الذي نشربه، والمنتجات التي نصنعها، وحتى علاقاتنا الإنسانية والأفكار التي نتبادلها، والوقت الذي نستهلكه، بل أسرار الحياة المكتمنة في مورثات جينات الـ (دي إن آيه)، ألقيت جميعها في مرجل، حيث نظمت من جديد، وحدد سعرها، ووزعت في السوق. ومع أنه عبر التاريخ كانت السوق مكانا للقاء، تستبدل فيها البضائع، ولكن اليوم جميع مجالات حياتنا مرتبطة بالتبادل التجاري، بل السوق تحدد من نحن. وهنا يبدو التناقض، فمنطق العملية الرأسمالية صممت، لكي تفشل بنجاحها».
ويحاول الكاتب شرح ما يعنيه بقوله: «لقد كتب ادم سميث، أب الرأسمالية المعاصرة، في كتابه ثراء الأمم، بأن آلية السوق تعمل بنفس قوانين الجاذبية، كما هي في الطبيعة، فلكل فعل رد فعل مساوٍ، فالعرض والطلب يوازنان بعضهما، في سوق تنظم نفسها ذاتيا. فإذا زاد الطلب على بضاعة ما، يقوم البائع بزيادة السعر، وحينما يرتفع السعر بشكل حاد، يقل الطلب على البضاعة أو الخدمة، فيدفع بالبائع لخفض السعر. كما أن التكنولوجيات الجديدة تزيد الإنتاجية، لتؤدي بالبائع لإنتاج بضائع جديدة، وبسعر منخفض، وزيادة العرض لبضائع أرخص تدفع لطلبات جديدة، لتؤدي بالمنافسين لاخترع تكنولوجيات جديدة، لتزداد الإنتاجية، وينخفض السعر أكثر، لجذب مستهلكين جدد، ولتتحول العملية لأسعار أرخص نتيجة الاختراعات التكنولوجية الجديدة، وزيادة الانتاجية تعني توفر نقود أكثر عند المستهلك، لكي يصرفها في مواقع أخرى، ليؤدي ذلك لزيادة المنافسة بين الباعة، لجذب المشترين. وقد تؤدي خلال هذه المنافسة الاختراعات التكنولوجية الجديدة، لخفض الكلفة لتقترب هامشية الكلفة لقرب الصفر. وحينما يتم ذلك، تكون الرأسمالية قد بدأت تغرب، لأنها أصلا تعتمد على ربحية معاملات السوق، وحينما تنتهي هذه الربحية ستلاقي الرأسمالية حتفها».
ولو دققنا في اقتصاد السوق نجد أنه يعتمد على التبادلات التجارية، ليحقق الكثير من الوسطاء أرباحا مقبولة على الهوامش. فمثلا يقوم الكاتب ببيع إنتاجه الفكري إلى الناشر. فيتحرك الكتاب بعدها في أيد كثيرة، من المحرر، إلى الطابع، إلى البائع العام، إلى الموزع، ومن ثم إلى المكتبات، لينتهي أخيرا في يد القارئ. وكل مجموعة من هذه المجموعات تحصل على هامش من الربحية كافية لجهودهم. ولكن حينما يقوم الكاتب بنشر كتابه مباشرة على صفحات الانترنت، تنتهي تراكم هامش الربحية بين هذه الأيدي المتعددة، لتصبح قيمة هامش الربحية للكتاب قريبا من الصفر. فقد انتشرت ظاهرة هامش الكلفة القريبة من الصفر في عالم الانترنت في النشر، والاتصالات، وصناعة الأغاني، والأفلام، والمسرح، بل لأكثر من ذلك، لتمتد للطاقة المتجددة، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وشبكات التعليم الالكترونية. وليظهر تعبير جديد في اللغة الانجليزية، «بروسيومر»، أي المستهلكين الذين أصبحوا منتجين، لما يحتاجونه من الكهرباء الخضراء، بهامش كلفة قريبة من الصفر، وفي جميع انحاء العالم. ويقدر اليوم هواة «البروسيومر»، أي المستهلكين المنتجين، بما يقارب المائة ألف الذين يصنعون ما يحتاجونه بواسطة الطباعة الثلاثية الأبعاد، وبهامش كلفة قريبة من الصفر. كما أن هناك حوالي ستة ملايين طالب ملتحقين ببرامج تعليمية الكترونية، وتحت رقابة خيرة اساتذة العالم، وبهامش كلفة قريبة من الصفر، ليحصلوا على شهادات علمية مرموقة، وموثوق بها. بل خلال العقود الثلاثة القادمة، سيتشاركون المستهلكين المنتجين، المنتشرين في جميع أنحاء العالم، في الطاقة الخضراء، والبضائع، والخدمات، كما سيتعلمون على شاشات الكومبيوتر، وبهامش كلفة قريبة من الصفر، ليدفعوا باقتصاد السوق إلى عصر البضائع والخدمات القريبة من المجانية. ويتوقع البعض أن تتزايد هذه الظاهرة، ولكنها ستفتح الأبواب لصناعة بضائع وخدمات جديدة، وبربحية كافية، لتحافظ على النمو الاقتصادي، وتنعش السوق الرأسمالية. وقد استخدمت حتى الآن البضاعة المجانية، لزيادة مبيعات البضائع المرافقة، فمثلا شركة جيليت تعطي مجانا آلة الحلاقة، لتشجع المستهلك على شراء الأمواس. كما يوفر المغنين أغانيهم على شبكات الانترنت للملايين بالمجان، أملا أن يحضر هؤلاء المتفرجين حفلاتهم الغنائية الحية. كما وفرت الكثير من المجلات مقالاتها بالمجان على شبكات الانترنت، لكي يشتري القراء بعض المقالات المتخصصة، لتصبح المجانية السنارة التي تصطاد المستهلك لشراء حاجيات أخرى، فتخلق بذلك الشركات قاعدة من المستهلكين لمنتجاتها. وفي الحقيقة حينما تتزايد المنتجات المتوفرة بهامش كلفة قريبة من الصفر، سيؤدي ذلك إلى انكماش السوق الرأسمالية، لتبقي فرص شركات الربحية على هامش الاقتصاد الجديد في بضائع وخدمات متخصصة جدا. وليس من الغرابة أن لا يتمكن الكثيرون من تخيل اقتصاد فيه البضائع والخدمات بهامش كلفة قريبة من الصفر، والربحية معدومة، والملكية لا معني لها، وتبقي السوق زائدة عن الحاجة.
ويتساءل الكاتب: «وماذا بعد ذلك؟» ويعقب بقوله: «لقد توقع علماء الاقتصاد هذه التغيرات قبل حوالي قرن من الزمن، ليدخل العالم عصر الغزارة لا الندرة، ولكنهم لا يعرفون ما نوع النظام الاقتصادي القادم. ويبدو أننا ندخل عصر نظام اقتصادي جديد من قلب النظام الرأسمالي القديم، حيث ستكون المنتجات المجانية في ازدياد مضطرد مع الزمن. كما أن النظام الرأسمالي، الذي اعتبر الآلية ذات الكفاءة العالية في تنظيم النشاطات الاقتصادية، معرضة للخطر لسببين. السبب الأول هو الاختصاصات العلمية الجديدة المتداخلة، والتي جمعت علوم البيئة، والكيمياء، والأحياء، والهندسة، والهندسة المعمارية، وعلوم تخطيط المدن، وعلوم المعرفة التكنولوجية، تتحدي اليوم النظريات الاقتصادية التقليدية، وبنظريات اقتصادية جديدة، مرتبطة بقوانين الثرمودينامك، أي الديناميكا الحرارية. فالنظرية الرأسمالية التقليدية صامتة أمام العلاقة بين النشاطات الاقتصادية، والتحديات البيئية الايكولوجية، التي فرضتها قوانين الطاقة. فقد فشل علماء الاقتصاد التقليديين في معرفة أن قانون الديناميكية الحرارية تحكم جميع النشاطات الاقتصادية. فالقانون الأول والثاني فيها تؤكد أن مجموع الطاقة الكونية ثابتة، وبأن مجموع «الانتروبيا» في ازدياد مستمر، فالطاقة موجودة في الكون كما هي، ولكن تتغير باستمرار، من طاقة متوفرة للاستخدام، إلى طاقة غير متوفرة للاستخدام (انتروبيا). وهنا يلعب القانون الثاني دوره، حيث تتغير الطاقة من الطاقة الحارة إلى الطاقة الباردة، ومن طاقة متجمعة إلى طاقة متناثرة، ومن طاقة منتظمة إلى طاقة فوضوية. فمثلا حينما نحرق الفحم الحجري تبقى الطاقة الناتجة ثابتة، ولكنها تنتشر في الفضاء، في شكل ثاني أوكسيد الكربون، وأوكسيد الكبريت، وغازات أخرى. فمع أننا لم نفقد الطاقة، ولكن تبقي الطاقة الناتجة لا يمكن الاستفادة منها، ولذلك يعرف علماء الفيزياء الطاقة التي لا يمكن الاستفادة منها «بالانتروباثي». فجميع النشاطات الاقتصادية تعتمد على الطاقة الموجودة في الطبيعة لتستخدم في تحويلها لبضائع وخدمات، وفي كل خطوة من آلية الإنتاجية، والتخزين، والتوزيع، تستخدم الطاقة لتحويل الموارد الطبيعية، إلى بضائع وخدمات استهلاكية. فكل الطاقة التي استهلكت في صناعة البضائع، وفي تقديم الخدمات، تكون على حساب الطاقة الكونية، التي استخدمت وفقدت، لتحرك النشاطات الاقتصادية إلى سلسلة القيمة المضافة. وحتما ستستهلك البضائع التي ننتجها، أو تتلف، أو تمر بدورتها الطبيعية، وتترافق بزيادة الانتروبي، أي زيادة الطاقة الطبيعية التي لا يمكن الاستفادة منها، وعلى حساب الطاقة التي يمكن استخدامها. وفي رأي المهندسين وعلماء الكيمياء، لا توجد قيمة ربحية في الطاقة للنشاطات الاقتصادية، بل فقدان الطاقة الموجودة في الكون، في آلية تحويل المورد الطبيعية إلى قيمة اقتصادية.
ويتساءل الكاتب: متى سندفع ثمن تلاعبنا بالطاقة المفيدة في السوق الرأسمالية بقيمتها المضافة؟ ويعتقد الكاتب أن قائمة الدفع للعصر الصناعي حان وقتها. فتراكم ثاني اوكسيد الكربون في البيئة، من حرق كميات هائلة من الطاقة الاحفورية، أدت إلى تغيرات مناخية خطيرة، بتدمير أجواء الكون، «البيوسفير»، وليؤدي ذلك للشك في نظامنا الاقتصادي الرأسمالي. وعلى علوم الاقتصاد ان تواجه اليوم حقيقة أن النشاطات الاقتصادية محكومة بقوانين الديناميكية الحرارية. وفي الواجهة الأخرى بدأت تبرز تكنولوجية مسيطرة من بطن الثورة الصناعية الثانية، لتسرع تناقضات الايديولوجية الرأسمالية لنهاية لعبة جديدة، فالانترنت وتطبيقاته الاجتماعية في البنية التحتية للقرن الحادي والعشرين ستؤدي للثورة الصناعية الثالثة، والتي ستؤدي لهامش كلفة قريبة للصفر، وكنتيجة ذلك ستجف أرباح الشركات العملاقة، كما أن حقوق الملكية بدأت تضعف، والاقتصاد المعتمد على الندرة أخذ يغرب تدريجيا أمام اقتصاد الوفرة. ولنا لقاء.
* سفير مملكة البحرين في اليابان
هل تصلح الخصخصة للدول النامية؟
|
ازدهار البتروكيماويات الأمريكية في عصر الغاز الصخري
يعتبر الايثيلين الركيزة الاساسية لصناعة البتروكيماويات في العالم اجمع، ولقد استهلك العالم في عام 2012 م حوالي 129 مليون طن ايثيلين وسوف ينمو استهلاك العالم للايثيلين بحوالي 6 ملايين طن سنوياً بحسب (IHS)، وبذلك يتوقع ان يصل الطلب العالمي على الايثيلين الى حوالي 180 مليون طن في عام 2020م اي ان الانتاج العالمي يجب ان يرتفع بحوالي 40 مليون طن بحلول 2020م، وستكون معظم هذه الزيادة (70%) من نصيب الصين ودول الخليج العربي، اما الباقي فسيكون من نصيب امريكا الشمالىة، ويتأثر انتاج الايثيلين كثيرا بمدى وجود اللقيم المناسب وهو اما النافثا المشتق من النفط الخام او سوائل الغاز الطبيعي مثل الايثان والبروبان،
ولقد دخلت امريكا حالىاً عصر الغاز الصخري مع الارتفاع الكبير في انتاج الغاز الطبيعي الصخري وسوائله، وترتب على هذا الانتاج الاعلان عن نية امريكا تصدير حوالي 65 مليون طن من الغاز المسال سنوياً لتصبح بذلك دولة رئيسية في تصدير الغاز الطبيعي الى جانب كل من قطر واسترليا ومالىزيا، ولكن من اهم مزايا هذا الغاز الصخري وجود سوائل الغاز الطبيعي في بعض الحقول بكثرة، اذ وصلت نسبة هذه السوائل في حقول مرسيليوس الصخرية الى حوالي 16% ايثان و5% بروبان من اجمالي الانتاج، ولذلك يتوقع ان يرتفع انتاج امريكا من هذه السوائل من 2،1 مليون برميل بالىوم في عام 2011م الى 3،1 مليون برميل بالىوم بحلول عام 2016م، وبذلك اصبحت الولايات المتحدة من اكبر منتجي سوائل الغاز الطبيعي بالعالم واصبحت مصدراً رئيسياً للبروبان والبيوتان، ولقد ادى هذا الوضع الى انتعاش الصناعات البتروكيماوية في امريكا ولاسيما ان هذه الصناعات تعتمد مباشرة على سوائل الغاز الطبيعي الذي يعطيها ميزة تنافسية تفوق المنافس التقليدي لقيم النافثا الذي يشهد ارتفاعاً في اسعاره ترافق ارتفاع اسعار النفط،
ولاستغلال ارتفاع انتاج سوائل الغاز الطبيعي في امريكا، اعلنت معظم الشركات البتروكيماوية الامريكية والعالمية نيتها اقامة مصانع لانتاج الايثيلين، وبحسب اخر المصادر يبدو ان الطاقة الانتاجية الاضافية تقترب من 12،5 مليون طن سنوياً من الايثيلين بحلول 2020م، ويذكر ان الطاقة العالمية الحالىة لانتاج الايثيلين 143 مليون طن سنوياً اما الطاقة الانتاجية الامريكية الحالىة فهي 28،1 مليون وهي اكبر طاقة في العالم تليها كل من الصين (13،6 مليون طن ) والمملكة (13،1مليون طن)، وبهذه التطورات المتلاحقة على الساحة الامريكية، ستصبح طاقة امريكا لانتاج الايثيلين بحدود 38 مليون طن بحلول 2020م.
ولقد تم الاعلان في الولايات المتحدة عن اقامة عشرة مصانع جديدة لانتاج الايثيلين، وتم الاعلان عن اخر ثلاثة مصانع في الفترة الممتدة من اخر ثلاثة شهور في العام المنصرم الى بدايات 2014م، حيث اعلنت شركة فرموزا التايوانية للبتروكيماويات في يناير من العام الحالي عن نيتها انشاء مصنعها الثاني لتكسير الايثان في ولاية لويزيانا وبطاقة 1،2 مليون طن سنوياً، ويعد هذا المصنع الثاني اذ ان المصنع الاول سوف يقام في ولاية تكساس وبطاقة تقدر بمليون طن ايثيلين سنوياً، ومن المقرر ان ينتهي العمل به بحلول 2017م، وهذا يدل على ان فرموزا تخطط لانتاج 2،2 مليون طن من الايثيلين بحلول 2020م، وفي شهر ديسمبر الماضي اعلنت شركة اكسيال الامريكية المتخصصة في انتاج البولي فينيال كلورايد عن نيتها اقامة مصنع لتكسير الايثان وبتكلفة 3 مليارات دولار وسيبدأ الانتاج بحلول 2018م وبطاقة تقدر بحوالي مليون طن ايثيلين سنوياً، واعلنت ايضاً بريكسيم البرازيلية عن نيتها الدخول في شراكة لانشاء مصنع لانتاج الايثيلين في غرب فرجينيا.
وباختصار، لقد تم الاعلان عن النية بإقامة عشرة مصانع جديدة لتكسير الايثان في الولايات المتحدة وبطاقة تقارب 11 مليون طن ايثيلين سنوياً، وفي نفس الوقت تخطط كثير من الشركات للقيام بتوسعات، حيث تم الانتهاء من بعضها وتصل طاقة التوسعات الى حوالي 1،5 مليون طن ايثيلين سنوياً، اما بالنسبة للمصانع الجديدة فيوجد ستة مصانع بدأت عمليات البناء والتشييد وهي لكل من شيفرون فيليبس واكسون وساسول وفرموزا للبلاستيك وداو كميكال واكسيدنيتال، وكل هذه المصانع سوف تقام في خليج المكسيك ما عدا ساسول سوف تقيم مصنعها في ولاية لويزيانا.
ولا شك ان كل هذه المصانع الجديدة والتوسعات في انتاج الايثيلين ومشتقاته مثل بلاستيك البولي ايثيلين سيؤدي الى نهضة مرتقبة للبتروكيماويات الامريكية، ولذلك فإن احد التقارير العالمية توقع ارتفاع عائدات صناعة البتروكيماويات الامريكية بحوالي 60 مليار دولار سنوياً بحلول 2020م؛ بسبب الاستغناء عن لقيم النافثا وبسبب الوفرة في انتاج الغاز الصخري وسوائل الغاز الطبيعي من تلك الصخور، وتتوقع كثير من الشركات الاستشارية ان يساهم انتاج الغاز الصخري والزيت الصخري والتوسعات في الصناعة البتروكيماوية في امريكا بتوفير حوالي 120 الف فرصة عمل.
ويمكن القول إن المخططات المعلنة الى الان لصناعة البتروكيماويات في امريكا هو اضافة حوالي 12،5 مليون طن ايثيلين في عام 2020م، وربما اكثر مع توالي الاعلانات من الشركات الامريكية والشركات العالمية غير الامريكية مثل شل وبريكسيم وفرموزا وساسول وتوتال وباسف وغيرهم، وبدون ادنى شك فان الطاقة الانتاجية الكبيرة والمرتقبة قد اصابت صناعة البتروكيماويات العالمية بحيرة وترقب وتوجس، فمن الصعوبة توقع انعكاس هذا النمو الكبير بإنتاج البولي ايثيلين الامريكي على الاسواق العالمية مع نمو الطلب العالمي، ولذلك فقد اوقفت شركة نوفا الكندية مخططها لاقامة توسعة لانتاجها من بلاستيك البولي ايثيلين حتى تتضح الرؤية، ولا شك ان معظم الشركات البتروكيماوية ستترقب تأثير هذه الاضافة ومن الصعوبة ان يتجرأ احد في اوروبا او الىابان او كوريا الجنوبية على الاعلان عن اية نية لاقامة مصانع لانتاج الايثيلين، بل على العكس سنشهد هجرة من اسيا واوربا الى امريكا.
في الختام، يبدو ان توالي الاحداث في امريكا قد اجبر الجميع على الانتظار والترقب لما بعد العاصفة عندما يصبح هذا الانتاج في الاسواق وذلك حوالي 2020م، ومن المؤكد ان الاسواق ستتقاعل بطريقة معينة مع هذه الامدادات الجديدة ولا بد ان تتأثر الاسعار مع الزيادة الكبيرة في العرض، الاكيد ان بعض المنتجين سيتأثر اكثر من البعض الاخر وسوف نشهد اغلاقات كثيرة لمصانع عالمية وبدون ادنى شك سيكون الاوروبيون والىابانيون اول المتضررين، ولكن يبقى السؤال الاهم، هل فعلاً تستطيع ان تنتج امريكا كل هذه الكميات من الايثيلين من لقيم الايثان المنتج من الغاز الصخري؟ وكم هي المدة التي يمكنها الاستمرار بمستوى هذا الانتاج؟.
المصدر/اليوم السعوديةولاستغلال ارتفاع انتاج سوائل الغاز الطبيعي في امريكا، اعلنت معظم الشركات البتروكيماوية الامريكية والعالمية نيتها اقامة مصانع لانتاج الايثيلين، وبحسب اخر المصادر يبدو ان الطاقة الانتاجية الاضافية تقترب من 12،5 مليون طن سنوياً من الايثيلين بحلول 2020م، ويذكر ان الطاقة العالمية الحالىة لانتاج الايثيلين 143 مليون طن سنوياً اما الطاقة الانتاجية الامريكية الحالىة فهي 28،1 مليون وهي اكبر طاقة في العالم تليها كل من الصين (13،6 مليون طن ) والمملكة (13،1مليون طن)، وبهذه التطورات المتلاحقة على الساحة الامريكية، ستصبح طاقة امريكا لانتاج الايثيلين بحدود 38 مليون طن بحلول 2020م.
ولقد تم الاعلان في الولايات المتحدة عن اقامة عشرة مصانع جديدة لانتاج الايثيلين، وتم الاعلان عن اخر ثلاثة مصانع في الفترة الممتدة من اخر ثلاثة شهور في العام المنصرم الى بدايات 2014م، حيث اعلنت شركة فرموزا التايوانية للبتروكيماويات في يناير من العام الحالي عن نيتها انشاء مصنعها الثاني لتكسير الايثان في ولاية لويزيانا وبطاقة 1،2 مليون طن سنوياً، ويعد هذا المصنع الثاني اذ ان المصنع الاول سوف يقام في ولاية تكساس وبطاقة تقدر بمليون طن ايثيلين سنوياً، ومن المقرر ان ينتهي العمل به بحلول 2017م، وهذا يدل على ان فرموزا تخطط لانتاج 2،2 مليون طن من الايثيلين بحلول 2020م، وفي شهر ديسمبر الماضي اعلنت شركة اكسيال الامريكية المتخصصة في انتاج البولي فينيال كلورايد عن نيتها اقامة مصنع لتكسير الايثان وبتكلفة 3 مليارات دولار وسيبدأ الانتاج بحلول 2018م وبطاقة تقدر بحوالي مليون طن ايثيلين سنوياً، واعلنت ايضاً بريكسيم البرازيلية عن نيتها الدخول في شراكة لانشاء مصنع لانتاج الايثيلين في غرب فرجينيا.
وباختصار، لقد تم الاعلان عن النية بإقامة عشرة مصانع جديدة لتكسير الايثان في الولايات المتحدة وبطاقة تقارب 11 مليون طن ايثيلين سنوياً، وفي نفس الوقت تخطط كثير من الشركات للقيام بتوسعات، حيث تم الانتهاء من بعضها وتصل طاقة التوسعات الى حوالي 1،5 مليون طن ايثيلين سنوياً، اما بالنسبة للمصانع الجديدة فيوجد ستة مصانع بدأت عمليات البناء والتشييد وهي لكل من شيفرون فيليبس واكسون وساسول وفرموزا للبلاستيك وداو كميكال واكسيدنيتال، وكل هذه المصانع سوف تقام في خليج المكسيك ما عدا ساسول سوف تقيم مصنعها في ولاية لويزيانا.
ولا شك ان كل هذه المصانع الجديدة والتوسعات في انتاج الايثيلين ومشتقاته مثل بلاستيك البولي ايثيلين سيؤدي الى نهضة مرتقبة للبتروكيماويات الامريكية، ولذلك فإن احد التقارير العالمية توقع ارتفاع عائدات صناعة البتروكيماويات الامريكية بحوالي 60 مليار دولار سنوياً بحلول 2020م؛ بسبب الاستغناء عن لقيم النافثا وبسبب الوفرة في انتاج الغاز الصخري وسوائل الغاز الطبيعي من تلك الصخور، وتتوقع كثير من الشركات الاستشارية ان يساهم انتاج الغاز الصخري والزيت الصخري والتوسعات في الصناعة البتروكيماوية في امريكا بتوفير حوالي 120 الف فرصة عمل.
ويمكن القول إن المخططات المعلنة الى الان لصناعة البتروكيماويات في امريكا هو اضافة حوالي 12،5 مليون طن ايثيلين في عام 2020م، وربما اكثر مع توالي الاعلانات من الشركات الامريكية والشركات العالمية غير الامريكية مثل شل وبريكسيم وفرموزا وساسول وتوتال وباسف وغيرهم، وبدون ادنى شك فان الطاقة الانتاجية الكبيرة والمرتقبة قد اصابت صناعة البتروكيماويات العالمية بحيرة وترقب وتوجس، فمن الصعوبة توقع انعكاس هذا النمو الكبير بإنتاج البولي ايثيلين الامريكي على الاسواق العالمية مع نمو الطلب العالمي، ولذلك فقد اوقفت شركة نوفا الكندية مخططها لاقامة توسعة لانتاجها من بلاستيك البولي ايثيلين حتى تتضح الرؤية، ولا شك ان معظم الشركات البتروكيماوية ستترقب تأثير هذه الاضافة ومن الصعوبة ان يتجرأ احد في اوروبا او الىابان او كوريا الجنوبية على الاعلان عن اية نية لاقامة مصانع لانتاج الايثيلين، بل على العكس سنشهد هجرة من اسيا واوربا الى امريكا.
في الختام، يبدو ان توالي الاحداث في امريكا قد اجبر الجميع على الانتظار والترقب لما بعد العاصفة عندما يصبح هذا الانتاج في الاسواق وذلك حوالي 2020م، ومن المؤكد ان الاسواق ستتقاعل بطريقة معينة مع هذه الامدادات الجديدة ولا بد ان تتأثر الاسعار مع الزيادة الكبيرة في العرض، الاكيد ان بعض المنتجين سيتأثر اكثر من البعض الاخر وسوف نشهد اغلاقات كثيرة لمصانع عالمية وبدون ادنى شك سيكون الاوروبيون والىابانيون اول المتضررين، ولكن يبقى السؤال الاهم، هل فعلاً تستطيع ان تنتج امريكا كل هذه الكميات من الايثيلين من لقيم الايثان المنتج من الغاز الصخري؟ وكم هي المدة التي يمكنها الاستمرار بمستوى هذا الانتاج؟.
توقعات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2014
كشفت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب أن المغرب سيشهد ارتفاعا في نسبة البطالة بين القادرين على العمل في 2014 لتبلغ 9,8% مقابل 9,1% العام الماضي وذلك على خلفية تباطؤ النمو.
وقدرت دراسة المندوبية نسبة النمو ستتراجع
من 4,4% في 2013 الى 2,4% في 2014 وذلك اساسا بسبب التراجع الكبير للناتج الاجمالي
الزراعي علما ان الزراعة تشكل قطاعا اساسيا في اقتصاد المملكة.
وبعد موسم زراعي 2012-2013 وصف بالاستثنائي اوضحت المندوبية انها بنت دراستها على “سيناريو متوسط” للعام المقبل.
وقال احمد الحليمي العلمي المندوب السامي للتخطيط “نحن على يقين من الان ان الانتاج الزراعي لا يمكن ان تكون له السماهمة ذاتها (في النمو) كسنة 2013″.
بناء على ذلك وحتى ان كان يتوقع ان يوجد الاقتصاد المغربي 60 الف فرصة عمل خلال العام فان نسبة البطالة ستمر في الفترة ذاتها من 9,1% الى 9,8% بحسب التقرير.
والمملكة التي بلغت نسبة العجز لديها 7% من اجمالي الناتج في 2012 تتعرض لضغوط للقيام باصلاحات اقتصادية واجتماعية.
وتشمل هذه الاصلاحات خصوصا صندوق التعويض الذي يدعم المنتجات الاكثر استهلاكا مثل المحروقات والدقيق والسكر ولكن ايضا نظام التقاعد المترنح.
وفي الفصل الاخير من 2013 شهد المغرب تظاهرات ضد “غلاء المعيشة” وايضا ضد البطالة. وفي بداية تشرين الاول / اكتوبر تظاهر نحو الفي شخص معظمهم من اصحاب الشهادات العليا في الرباط للمطالبة بادماجهم في الوظيفة العمومية.
وقدر البنك الدولي نسبة البطالة بنحو 30% بين الشباب.
وازاء
مخاطر الغليان الاجتماعي ابدى رئيس الوزراء عبد الاله بنكيران في الاونة الاخيرة
تصميمه على ادخال اصلاحات عاجلة مؤكدا انه ليس في الحكم “للحفاظ على شعبيته”. وبعد موسم زراعي 2012-2013 وصف بالاستثنائي اوضحت المندوبية انها بنت دراستها على “سيناريو متوسط” للعام المقبل.
وقال احمد الحليمي العلمي المندوب السامي للتخطيط “نحن على يقين من الان ان الانتاج الزراعي لا يمكن ان تكون له السماهمة ذاتها (في النمو) كسنة 2013″.
بناء على ذلك وحتى ان كان يتوقع ان يوجد الاقتصاد المغربي 60 الف فرصة عمل خلال العام فان نسبة البطالة ستمر في الفترة ذاتها من 9,1% الى 9,8% بحسب التقرير.
والمملكة التي بلغت نسبة العجز لديها 7% من اجمالي الناتج في 2012 تتعرض لضغوط للقيام باصلاحات اقتصادية واجتماعية.
وتشمل هذه الاصلاحات خصوصا صندوق التعويض الذي يدعم المنتجات الاكثر استهلاكا مثل المحروقات والدقيق والسكر ولكن ايضا نظام التقاعد المترنح.
وفي الفصل الاخير من 2013 شهد المغرب تظاهرات ضد “غلاء المعيشة” وايضا ضد البطالة. وفي بداية تشرين الاول / اكتوبر تظاهر نحو الفي شخص معظمهم من اصحاب الشهادات العليا في الرباط للمطالبة بادماجهم في الوظيفة العمومية.
وقدر البنك الدولي نسبة البطالة بنحو 30% بين الشباب.
المصدر/ خبركم الالكترونية
0 التعليقات:
إرسال تعليق