الخميس، 16 يونيو 2016

عناصر النموذج الاقتصادي المغربي

عبد النبي أبوالعرب
يعيش المغرب منذ الألفية الثالثة دينامية مستمرة, من أهدافها الأساسية تحقيق النهضة الاقتصادية، والتي يمكن أن نحدد معالمها في تسعة عناصر مهيكلة تحدد طبيعة النموذج الاقتصادي المغربي اليوم، وهي كالتالي :
أولا - تنمية الاستهلاك الداخلي : حيث عرف الاستهلاك الداخلي تطورا ملحوظا منذ سنوات, أصبح معه محركا أساسيا للنمو الاقتصادي الوطني. وقد شملت هذه العملية جميع المجالات الاستهلاكية, وعلى رأسها العقار والسياحة الداخلية والاستهلاك المنزلي والسيارات ...
ثانيا - الدولة المقاولة والاستثمار العمومي : لقد ارتفع الاستثمار العمومي تدريجيا من حوالي 40 مليار درهم سنة 2003 إلى حوالي 186 مليار سنة 2015، حيث يحقق الاستثمار العمومي في المغرب أحد أكبر النسب في العالم مقارنة بالميزانية العامة للدولة.
ثالثا – الإنتاجية التصديرية : وقد تم تفعيل هذا المنحى بداية من خلال تحديد المهن الدولية التي يمكن فيها للمغرب تحقيق نتائج إيجابية في وجه المنافسة الدولية. وهو الرهان الذي ربحه المغرب، خاصة في قطاعي السيارات والطائرات.
رابعا - السياسات القطاعية : اعتمد المغرب استهداف قطاعات بعينها بما يناسبها من المخططات الاستثمارية لأجل النهوض بها وهيكلتها والرفع من إنتاجيتها وتنافسيتها, مع ربطها بأهداف الرفع من القدرة التصديرية للاقتصاد الوطني. ونخص بالذكر في هذا الإطار مخطط المغرب الأخضر ومخطط أليوتيس والرؤية السياحية والصناعة التقليدية...
خامسا – الانفتاح التجاري الخارجي : لقد تم التوقيع إلى اليوم على عدة اتفاقيات للتبادل التجاري الحر, على رأسها اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي, واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة واتفاقية أكادير بين المغرب ومصر وتونس والأردن, واتفاقية التبادل الحر مع تركيا وغيرها من الاتفاقيات الثنائية.
سادسا - الاستثمار الخارجي : أصبح المغرب مجالا جذابا للاستثمار الخارجي، مكنه من تحقيق نتائج ايجابية باستمرار، جعلته يحتل المراتب الأولى أفريقيا على مستوى جلب الاستثمارات، بمعدل سنوي يبلغ حوالي 30 مليار درهم.
سابعا – تشجيع القطاع الخاص : حيث تتعدد البرامج المشجعة للمقاولة, تهدف كلها إلى المزيد من هيكلة الشركات, وتنمية كفاءاتها ومؤهلاتها ومنها برامج رواج وانفتاح وتسويق وجودة وامتياز ومساندة وانطلاق وتطوير وإنماء، وغيرها من البرامج ...
ثامنا - التوازنات الماكروقتصادية : أظهرت الحكومة حرصا قويا على تخليص الدولة من الإكراهات المالية التي تعوز قدرتها على القيام بمهامها الإستراتيجية في الاستثمار من خلال عدد من الإجراءات، وعلى رأسها نفقات صندوق المقاصة وعملية المساهمة الابرائية والرفع من جودة الأداء الضريبي .. وغيرها من الإجراءات التي مكنت من خفض عجز الميزانية من 9.7 سنة 2012 إلى 3.7 في أفق نهاية 2016.
تاسعا - القطاع البنكي والمالي: يعتبر القطاع البنكي الوطني اليوم من عناصر فعالية الاقتصاد الوطني وقوته الضاربة، خاصة في عمقه الأفريقي. وهي تلعب دورا أساسيا في كل المشاريع الاستثمارية المهيكلة وفي تشجيع الاستهلاك الداخلي, ومشاريع التوسع التجاري التي يدفع بها المغرب اليوم في اتجاه الأسواق العالمية, والأفريقية خاصة.
وفي الخاتمة، لا بد من الإشارة إلى التحولات العميقة التي نجح النموذج الاقتصادي للمغرب في تحقيقها من خلال هذه العناصر التسعة، وتتلخص في أربع مستويات : الخروج من منطق الريع إلى منطق المنافسة, الانفتاح التجاري عوض الحماية الجمركية, استهداف الأسواق الدولية عوض الانكفاء على السوق المحلي بمنطق الريع, والاندماج في المحيط العالمي بدل الانغلاق والقطيعة.
*أستاذ جامعي، دكتوراه في علوم التدبير والتسويق