الجمعة، 29 يناير 2016

حتى لا يباع التاريخ المغربي بحفنة من حروف صخرية


حتى لا يباع التاريخ المغربي بحفنة من حروف صخرية


لقد سبق أن أبنت عن تهافت خطاب المظلومية في قضية الأمازيغية ،وأدليت بالتاريخ المغربي القديم والحديث؛حيث قامت للأمازيغ دول ارتقت إلى إمبراطوريات،ذات اشتغال حضاري – وليس عسكريا فقط- قدم الكثير للإنسانية في مختلف المجالات المعرفية،السياسية،الاقتصادية والمعمارية ؛دون أن يسائل اللغة الحاملة ؛ليس فقط لأن العربية كان لها حضور علمي ،لايضاهى ؛وليس لأن رحال العالم المسيحي ،وقتها، كانت تُشد إلى مراكز تعلمها ،حيثما تواجدت،وبمباركة البابا أحيانا؛بل لأن نفوس ملوك الأمازيغ ،وأمرائهم وعلمائهم، لم تكن تُضمر أي حقد للغة الدين والحضارة،يجعلهم – على غرار هوس الغلاة اليوم- يغيرون اللسان الحي الوافد، باللسان المحلي الراقد ،معرفيا،والحاضر ثقافيا.
لو طغت اللغة العربية واستبدت وأكرهت –حال وفادتها- لتحطمت وتمزغت،عن بكرة مصادرها ومعاجمها ؛وما كان هذا ليُعجز رجالا كيوسف بن تاشفين ،محمد بن تومرت،وعبد المومن بن علي وآخرين.
في كل ما عابه الداعية الموحدي ،المتشدد، ابن تومرت ،على المرابطين لا ذكر لغير فساد المُلك والخُلُق واستبداد النساء.لا ذكر لأي مظلومية لغوية،نابعة –مثلا – من موافقة المرابطين للأدارسة على لسان الدولة العربي. بل حتى المولى إدريس الأكبر لم يلتفت في خطبة التأسيس والبيعة إلى الأمازيغية التي بايعته ،وبايعت لسانه ،عن بكرة حروفها ؛كأن يُفعل دبلوماسية لغوية تجعله – مثلا – يعد بالتمزيغ رديفا للتعريب .
لقد كان الرجل مستضعفا ،مهيض الجناح،مطاردا من أقوى دول الأرض وقتها (الخلافة العباسية)؛ولم يكن ليرفض مطلبا بتمزيغ دولته ،اعتبارا لجغرافيتها ؛كما يطالب أحد الغلاة اليوم،متهما كل المغاربة بالشذوذ الجنسي.
بل لم يكن ليرفض حتى الإكراه (الأوْربي) على تعلم لسان مازغ ،ليستقيم له الملك .لم ينتبه شيخ الغلاة لهذا الواقع الموثق تاريخيا ،فطالب ملك المغرب بأن يُعلم ولي عهده الأمازيغية ؛حتى لا يخطب في أعياد العرش إلا بها ؛مادامت حتى طيور المغرب لاتشدوا إلا بها.
يضاف إلى هذا التاريخ كله ،والذي باعه الغلاة اليوم بحفنة من رموز صخرية ،ولدت ميتة في صحراء الطوارق ؛بشهادة دهاقنة الاستعمار، من الاثنوغرافيين واللغويين ؛مفارقة لغوية ،لا يبحث فيها الغلاة ،بحثهم في الهوية ، لأنها حُجة عليهم.يتعلق الأمر بالعطاء اللغوي الأمازيغي الباذخ في مجال تقعيد العربية الفصحى.
لا أرى هذا إلا تكملة لصفاء الطوية من أي حقد لغوي ؛نراه اليوم وحشا أسطوريا يخبط خبط عشواء. لقد قتل الغلاة كل هذه المَلَكة التي بز فيها الأمازيغ غيرهم ؛دون أن يتصدى المختصون لتفسيرها؛خصوصا حينما يتحدثون عن فلسفة بالأمازيغة،فيزياء بالأمازيغية ،رياضيات ، موسيقى..وما شئت من الأماني الحلوة التي نتمناها جميعا.
لا ننتظر منهم أن يشرحوا لنا هذه الظاهرة ،كما لا ننتظر منهم أن يفسروا لنا البيعة التي خُص بها حتى لسان المولى إدريس،دون أي شرط؛لأن أجندتهم أصبحت واضحة للجميع ؛جُبَّ منها كل ما يُقوي اللُّحمة ،ويقوي الجسور القائمة بين اللسانين؛بدءا من الحرف العربي الذي ينظر إليه وكأنه نجِس ،وانتهاء حتى بأمازيغيات الجهات والقبائل، التي غدت ،بحكم التساكن والتلاقح ،مفهومة حتى لغير الناطقين بها من عربي اللسان؛كما غدت مستعملة – بشهادتهم – حتى ضمن دوارج الجهات.
صادر الريع الاركامي، الذي مُتعت به بعض الجهات دون غيرها ،كل الأمازيغيات لفائدة البنك اللغوي السوسي.
خسر أمازيغ الجهات ،وخسر من معهم أمازيغيات تعلموها خارج المؤسسات التعليمية ،وخارج فزاعة تفناغ التي يُهدَّدُ بها ،مستقبلا، كلُّ من رام وظائف الدولة. لا حَظ لمن لم يأت بها مُشَعَّرة ،معرورقة، كما أرادها الطوارق في أحد عشر حرفا؛وأرادها الغلاة مزيدة ومنقحة .
لا يحتاج الأمر لكثير من البحث لنتأكد من القطيعة التي أحدثها الريع الاركامي في مسار الاشتغال الأمازيغي باللغة العربية ؛كما جرت به الأيام،ورحلت به المطايا وفاخرت به الدول الأمازيغية،اختيارا وليس إجبارا. ابحثوا في كل التراث العلمي المريني ،كما راكمته المدارس المرينية،وغيرها ؛ وأعمدة المساجد ،في فاس وغير فاس ؛فلن تجدوا ولو عمودا واحدا ،أو مخطوطا واحدا، يمكن أن يعتبر سندا للعمل الاركامي الحالي .
كل ما يمكن أن تدلي به هذه المؤسسة الريعية ،كسند معرفي،هو المرجعية الاستعمارية التي أكملت في المغرب ما بدأته في الجزائر=معهد الدراسات البربرية.
وكل أدائها المزدوج –الرسمي وغير الرسمي – يؤكد أن الاشتغال على تقوية الرباط اللساني ،العربي والأمازيغي،هو آخر همومها؛في خروج صريح حتى عن الظهير الملكي المؤسس. لقد تم الانقلاب - في إسقاط فاضح لأبسط أشكال الاعتراف بالجميل-على الحرف العربي للظهير،وقبله القرآن ؛وبلغ الأمر منتهاه بمطالبة الجالس على العرش – حرقا لغير قليل من المراحل- بجعل الأمازيغية لسان البلاط ،والخطب الملكية.
وقبل هذا سقطت من واسع اهتمام الغلاة كل المخطوطات الأمازيغية التي اعتمدت الحرف العربي، في مجال فقه المعاملات والعبادات،وغيرهما.
وليس من يشتغل على إغلاق الأمازيغية في وجه المغاربة، بما اتفق من رسوم حجرية، كمن يشتغل على فتحها لهم ،ولغيرهم من العرب، بحرفهم .
قبل الطوفان:
ان تاريخ المغاربة خال من أي منزع اثني عنصري ؛بفضل التكامل بين اللسانين المغربيين ،في التعبير عن عطاء المغاربة ،ضمن الأمم .عطاء اختلط فيه التراث العالِم بالتراث الثقافي الاجتماعي.
إذا اتفقنا على هذا الطرح فيجب تغييب كل صوت يقول بخلافه؛ويزعم أنه يتحدث باسم كل الأمازيغ ؛وهم منه براء .
يعرف كل من يعيش الواقع المغربي ،كما هو ،أن حاجيات المواطنين وانتظار اتهم من حكوماتهم – في البوادي كما في المدن- واحدة ؛وليس منها ما يخص الأمازيغ فقط أو العرب فقط.
إن دسترة الأمازيغية لا يمكن أن تدخل ضمن الخاص الذي يشتغل لفئة دون أخرى ؛بل ضمن العام الذي يهم الجميع .
من هنا يجب في كل قانون يروم التنزيل السليم لهذه الدسترة أن يراعي العام وليس الخاص. بمعنى بناء قانون لا يزرع ولو حبة خرذل من تمييز أو فرقة أو كراهية.
( قانون لا يبتل ولو ألقي في الماء).
من حروف الكراهية، الإكراه والإجبار على تعلم اللسان.الإكراه لم يرتضه الله تعالى حتى لدينه. الإكراه ظلم وقد حرمه الله تعالى على نفسه ،وجعله حراما بيننا.
ومن حروف الكراهية داخل الجسم الأمازيغي اصطناع لغة مخبرية لقتل لغات القبائل.
ومن حروفها أيضا تعليم الناس ما لا يفيدهم،تنمويا، في حاضرهم وغدهم؛سواء أتى من جهة العربية –كما هو شأن بعض البرامج العقيمة- أو من جهة الأمازيغية.
ومن حروف التمييز أن يمارس الغلاة نقيض كلامهم ومناداتهم. ينشطون في البحث لأبناهم عن منح في الخارج ،ويوجهونهم صوب الرقي اللغوي والعلمي والاجتماعي ؛في الوقت الذي يخدعون الأمازيغ بجنة أمازيغية مغربية، من حروف ،نقود،وثائق إدارية،أسماء مؤسسات ومواليد .
إن الدسترة تَجُبُّ ما قبلها ،وترفع الشأن الأمازيغي الى ما فوق الريع الاركامي الذي أوغل في المحاباة؛ومن هنا ضرورة إبعاد أغلب ما اشتغلت عليه هذه المؤسسة -خصوصا في قضية المعيرة والحرف- عن المستندات التي سيعتمدها التنزيل.
يقتضي الأمر حذرا كبيرا، ويتطلب لجنة محايدة ؛تنصف جميع الجهات والقبائل. لا يعقل أن نبني قوانين محكمة للتدبير الجهوي المتقدم ؛وفي نفس الوقت نلغم الجهات لغويا وثقافيا.
يجب التفكير في المعيرة الجهوية ،وتشكيل لجان متخصصة لهذا الغرض.
إن ما قد يبدو – اليوم - ثانويا، متحكَّما فيه ،أو مُسكتا لأصوات ،ومرضيا لمطالب ؛قد لا يغدوا كذلك غدا ؛حينما يُفعل ميدانيا،ويُتخذ مطية لتحقيق أغراض أخرى.
خير مثال مرسوم فصل التوظيف عن التكوين،الذي أوقعت فيه الحكومة نفسها، بكيفية غبية جدا.
قانون الأمازيغية حمال مكار ه اجتماعية عديدة، إن لم تشمر فيه الدولة على حكمتها وحنكتها وترويها؛وان لم تدرس الواقع الثقافي واللغوي ،بعيدا عن غلو الغلاة.
وهو أيضا حمال آمال ورهانات ومناشط عديدة للمغاربة ،إن سار في اتجاه الجمع والضم وتكريس التنوع الايجابي.
وحتى لا ننتج – غدا - أمازيغ كالذين احتفلوا في الخارج ،بدون عَلَمِ الوطن ،علينا أن نحتاط لكل شيء.

الخميس، 28 يناير 2016

هل سيكون مصير اللغة العربية الموت مثل اللاتينية؟


                                  مولود بن زادي / القدس العربي
يوجد اليوم ما يناهز 7000 لغة في العالم، يتوقع معهد الدراسات الاقتصادية النمساوي أنَّ يندثر نصفها مع حلول 2100. وتوجد 2000 لغة يقلُّ عدد الناطقين بها عن 1000 نسمة، وهي كلّها مهدّدة بالانقراض، وتُقدَّر نسبة انقراض اللغات في العالم بلغة كلّ 14 يوما.
ومن اللغات المنقرضة اللاتينية، لغة الإمبراطورية الرومانية العملاقة. وآخر لغة منقرضة في الوطن العربي هي النوبية في مصر قبل سنوات قليلة.
فهل ستلقى اللغة العربية مصيرا مماثلا؟ يعتقد بعضنا أنَّ ذلك ممكن بل حتمي، معلّلا ذلك بعقم العربية وتخلّفها، من دون تقديم حجج وبراهين وجيهة يقبلها العقل، أبعد ما يكون عن الموضوعية والمنطق، إذ أنَّ كلّ المعطيات الواقعية والتقارير الدولية والأرقام الموثوقة يفنِّد ذلك ولا يوحي أنَّ العربية ستموت يوما. إذا سالت شخصا في لندن أو الجزائر أو الرياض أو سيدني عن سر بقاء اللغة العربية قال بلا تردد: هي لغة القرآن الكريم. فاقتران اللغة العربية بالقرآن الكريم والإسلام أضفى عليها دون غيرها مقاما مقدّسا. فالعربية هي اللغة المفضَّلة التي نزل بها القرآن الكريم في قوله تعالى «إنَّ أنزلناه قرآنا عربيا»، واللغة الوحيدة التي يُتلى بها هذا الكتاب في شتى الثقافات، ولغة العبادة الوحيدة التي يلجأ إليها المسلمون من كلّ الأصول العرقية والثقافات البشرية لأداء شعائرهم الدينية، لا غنى لهم عنها، مما يفسر الاهتمام العظيم بها والحرص الشديد على تعلمها، وهو ما يُثقل موازنها ويعزز مكانتها ويرجِّح كفتَها للخلود. وبخلاف ذلك، فإنَّ اللاتينية لم تكن على الاطلاق لغة الإنجيل الوحيدة، فقد كُتب أيضا باللغة الآرامية واللغة العبرية، حسب المصادر الغربية نفسها. وهو اليوم مترجم إلى أكثر من 2000 لغة في العالم بصِيغٍ مثيرة للجدل، فالنصّ يفقد جمالياته وحتى معناه في الترجمة، فاليوم الشخص الذي يتقن لغتين يشعر لا محالة بالاختلاف، وهو يقرأ نصوص الإنجيل المترجمة في اللغتين. ولا شيء أوضح وأدق من الأصل، والعربية هي لغة القرآن والإسلام الأصل والوحيدة.
والخط العربي نفسه شاهد على عبقرية اللغة العربية وعظمتها وتألّقها وبقائها. فبعد أنّ بدا متواضعا أثناء نشأته، نما واكتمل وبقي عبر العصور منسجما، موحدا، مميزا، مستمدا قوته ونفوذه من الإسلام الذي أضفى عليه صفة مقدسة تمنع استبداله بخطوط أخرى، أو المساس به. وها هو فن زخرفة الخط العربي يشهد تطورا لم يشهده خط آخر في أي لغة أخرى في الدنيا، تتوارثه الأجيال منتجا أروع لوحات زخرفية، هي اليوم جزء لا يتجزأ من ديكور المنازل والمكاتب والمرافق الأخرى في العالم الإسلامي، متفوّقة على أشهر اللوحات الزيتية في العالم.
واللغة العربية هي اللغة الأم والرسمية في 26 دولة عربية تشغل شمال أفريقيا والشرق الأوسط ممتدة من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا، ومن أعماق القارة السمراء جنوبا إلى البحر المتوسط ومشارف أوروبا شمالا، وهي اليوم لغة لأكثر من 400 مليون نسمة في العالم، والرقم في ارتفاع مستمر!
وفي أمم أخرى، إن لم تكن اللغةُ العربية اللغةَ الأولى والأم فهي اللغة الثانية أو الأجنبية لأكثر من مليار شخص في بلدان غير عربية مثل، تشاد وإريتريا وتنزانيا وباكستان والهند وإندونيسيا وجزر القمر وغيرها، يدرسها المواطنون.
ولم يعد انتشار اللغة العربية منحصرا في البلدان العربية والإسلامية. فها هي العربية تنتشر في البلدان الأوروبية وأمريكا، من خلال المهاجرين واللاجئين العرب حتى أنّ مكتب الإحصاءات الأمريكي أعلن سنة 2014 أنَّ العربية هي اللغة الأجنبية الأسرع نموا في الولايات المتحدة الأمريكية. وتؤكد التقارير أنَّه بين 2010 و2014، ازداد نمو العربية في الولايات المتحدة بنسبة 29 بالمئة.
وفي أوروبا في الضفة المقابلة للمحيط، ها هي العربية تزداد انتشارا وأهميَّة. ففي المملكة المتحدة، تحتوي 10 جامعات على أقسام عربية. وها هما المجلس البريطاني والمؤسسة القطرية يعرضان منحا لدعم المدارس التي ترغب في إدراج اللغة العربية في التدريس. وها هو تقرير المجلس البريطاني يعتبر العربية إحدى اللغات العشر الأكثر أهمية لمستقبل بريطانيا.
وها هي اللغة العربية تتقدَّم على مئات اللغات في العالم لتصبح سنة 1974 إحدى اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة رفقة الصينية والإنكليزية والفرنسية والروسية والاسبانية.
إنَّ من معجزات اللغة العربية أنها حافظت على مقوماتها من حروف وأصوات وقواعد النحو والصرف وغير ذلك عبر العصور، ومع ذلك أثبتت أنها لغة مرنة منفتحة تستوعب التغيرات وتُجَاري التطور الحضاري، تدخُلُها يوميا مصطلحاتٌ علمية وتكنولوجية وطبية وغيرها، تضاف إلى ما تزخر به من ألفاظ وتعابير ومترادفات ومتجانسات، مما يجعلها من أكثر لغات العالم ثراء. فما دخل عليها من تغيرات لم يمس معاني الكلمات ومدلولاتها أو طريقة نطقها الصحيحة، وإنّما هو مجرد نقطٍ للكلمات وشكل لها، وخير مثال على ذلك القرآن الكريم الذي ما زال يتلى تواترا ومشافهة منذ نزوله إلى يومنا هذا بالحروف والأصوات نفسها! وبينما يستطيع العرب اليوم قراءة الكتب العربية المصنَّفة قبل 1400 سنة، فإنَّه ليس باستطاعة العامة قراءة الكتب اللاتينية حتى ما كُتب منها قبل 500 سنة، عدا من كان متخصصا في دراسة هذه اللغة القديمة. واليوم يستعجل بعضنا وفاة العربية وهي في عنفوان شبابها، كما يستعجل الأبناء العاصون وفاة والدهم لتقاسم التركة، وهنا يُطرَحُ السؤال: ما الذي نرثه بعد موتها؟ وأي لغة تقوم مقامها إن كنّا لا نحسن لغة غيرها؟
وبينما ينعى قومُها وفاتَها من غير حجج، وهي من مقومات هويتهم وجزء من تراثهم وهم من أهلها ويعيشون في أرضها ولا غنى لهم عنها، ها هو ردّ الاعتبار يأتينا من وراء البحار، من أمم لا تنطق بها ولا تكتب بها وليست اللغة العربية منهم ولا هم منها في شيء، فها هي جامعة أكسفورد البريطانية تؤكد أنّ اللغة العربية هي السبيل إلى معرفة الوطن العربي الحديث، وتعترف هذه الجامعة الشهيرة عالميا بأنّ اللغة العربية كان لها بالغ الأثر في كامل أرجاء العالم الإسلامي بفضل مقامها المقدس، وبينما نعيب اللغة العربية ونرميها بالعقم والتخلف، وما العيب فيها وإنما فينا لعدم إتقانها والاستخفاف بها، ها هي الولايات المتحدة تلزم دراسة العربية في المدارس العمومية منذ 2012 وها هي الحكومة الإسرائيلية تصادق على قرار يلزم دراسة العربية سنة 2015 وها هي التقارير الأمريكية تؤكد أنَّ العربية هي اللغة الأجنبية الأسرع نموا والأكثر طلبا في الدراسة، وكيف لا وقد فاق التسجيل لدراسة العربية في أمريكا في السنوات الأخيرة كلّ التوقعات، فقد ازداد بنسبة 126.5 بالمئة بين 2006 و2009، وها هي الأمم المتحدة تسجل معظم الأبحاث والدراسات والوثائق المهمة وحتى المعاهدات الدولية باللغة العربية لتكون متاحة للأجيال القادمة، وهذا اعتراف ضمني بخلودها، فهل يعقل أن تموت لغة في وزن العربية وأهلها أحياء يرزقون وفي تكاثر مستمر، بخلاف اللغات المنقرضة بانقراض قبائلها؟! وكيف تموت وقد أثبت العربي عبر العصور، ورغم الاستعمار والقهر، تشبُّثه بها وعدم اهتمامه بغيرها لاقترانها بهويته وديانته؟ وهل يحق لنا الحديث عن موت اللغة العربية وهي، كما تشير إلى ذلك الأرقام، تنمو نموا عجيبا في سائر أنحاء الدنيا، أذهل العالم والولايات المتحدة نفسها، لا شك أنّ ما يُلصَقُ باللغة العربية من ادعاءات منذ قديم الزمان سيستمر لأجيال، لكنه لن يؤثر على الإطلاق في مرور قافلة اللغة العربية وتقدّمها بخطى ثابتة نحو المستقبل. وهل يؤثِّر في مرور السحاب نباحُ الكلاب.
كاتب جزائري
مولود بن زادي

الأربعاء، 20 يناير 2016

التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي والإعلان الرسمي


التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي والإعلان الرسمي



خلال كلمته التي ألقاها في الدورة الثامنة للجامعة الشعبية التي نظمها حزب الحركة الشعبية تحت شعار: "الأمازيغية أساس قيم التنوع المناهضة للتطرف" تطرق وزير التعليم العالي و البحث العلمي و تكوين الأطر السيد لحسن الداودي لما سماه " التطرف الأمازيغي" داعيا إلى محاربة "متطرفي الأمازيغية" الذين يستغلون القضية الأمازيغية لمحاربة العربية والإسلام, و قد حذر الوزير الداودي من تَحوُّل المشكل من مشكل لغة إلى مشكل عرقي .
قبل الدخول في مناقشة هذه المداخلة، ذات الأهمية الكبيرة، لابد من إبداء ملاحظتين أساسيتين:
أولا، لابد من الإشارة إلى الأصول الأمازيغية للسيد لحسن الداودي، مما يوحي بأن كلمته موجهة، أساسا، إلى التيار الإيديولوجي العرقي المتطرف، و ليس إلى الساكنة الأمازيغ الذين يشتركون مع إخوانهم المغاربة في رباط المواطنة.
ثانيا، لابد من الإشارة إلى أن الكلام صادر عن مسؤول حكومي على دراية بخطورة الوضع السائد، و هو رأي لا يمكن أن يكون مخالفا لتقييم الدولة لخطورة ما يجري من استغلال للمكون الثقافي الأمازيغي في حلبة الصراع الإيديولوجي/العرقي ضد مكونات الدولة و المجتمع.
بعد هذا التوضيح، لابد من التأكيد على أن رأي السيد الداودي لا يعارض الانطباع السائد داخل الدولة و المجتمع، حول الانحراف الخطير الذي تعيشه الأطروحة الأمازيغية في المغرب، حيث تحولت من مسألة ثقافية و لغوية تهم المجتمع المغربي ككل، إلى مسألة عرقية متطرفة منغلقة على ذاتها، تبني أطروحتها على أساس إلغاء المكونات الأساسية للهوية المغربية ( العروبة-الإسلام) .
و من أجل فهم أفضل لطبيعة التحول الذي تعيشه الأطروحة الأمازيغية في المغرب، يجب الإقرار، من طرف الباحث الموضوعي، أن الأمازيغية مرت بمرحلتين أساسيتين:
خلال المرحلة الأولى: كانت الأمازيغية مكونا ثقافيا و لغويا أساسيا داخل المنظومة الثقافية المغربية، إلى جانب العروبة و الإسلام، و لذلك فقد تشكلت الذاتية المغربية من خلال الانسجام الثقافي و اللغوي و القيمي الحاصل بين هذه المكونات.
خلال المرحلة الثانية، تم توظيف الأمازيغية من طرف الاستعمار الفرنسي كأداة لتحقيق الفصل العرقي – و من ثم التاريخي و الجغرافي- بين سكان المغرب، و ذلك من أجل تيسير مهمة السيطرة على البلاد من منظور ( فرق تَسُد). و في هذا الصدد قامت الدراسات التاريخية و السوسيولوجية الكولونيالية بدور خطير جدا في تزوير تاريخ المغرب، عبر محاولة فصله عن عمقه العربي الإسلامي و ربطه، بشكل مباشر، بالامتداد الروماني-المسيحي، و ذلك تهييئا لبناء مشروع (فرنسا الكبرى) وريثة المجد الروماني الغابر الممتد من أوربا إلى شمال إفريقيا.
هذا التقسيم ضروري من أجل استيعاب أفضل لطبيعة الحراك الأمازيغي السائد في المغرب. فمن جهة يجب الإقرار بأن هناك حراكا أمازيغيا يستلهم البعد الوطني للأمازيغية، و يدافع عن اللغة و الثقافة الأمازيغية باعتبارهما موروثا وطنيا يجب على الدولة رعايته و إدماجه ضمن المشترك الجمعي، و هذا حراك طبيعي جدا في ظل قيم التعددية و الاختلاف التي أصبحت تؤطر الممارسة الثقافية و السياسية في المغرب.
لكن من جهة أخرى، لا يجب إغفال نوع آخر من الحراك الإيديولوجي الذي يتخذ صيغة عرقية متطرفة، و هو لا يخدم الأمازيغية كمون هوياتي وطني، و لكنه يستغل التعددية الثقافية و اللغوية السائدة داخل المجتمع من أجل خلق صراع ثقافي و قيمي يؤدي، في الأخير، إلى إنضاج مشروع عرقي يوظف نزوعات التطرف من أجل زعزعة الأمن الثقافي و القيمي داخل المجتمع المغربي.
عندما يثير الكثير من الباحثين و المسؤولين السياسيين و المدنيين مسألة التطرف العرقي، الذي أصبح واضحا للعيان، فإن المقصود بهذا التوصيف، طبعا، ليس السكان الأمازيغ من المغاربة، و ليس الفاعل الثقافي و السياسي و المدني الامازيغي الذي يستلهم البعد الوطني في الأطروحة الأمازيغية كمكون من بين مكونات الهوية الوطنية المغربية. و لكن المقصود، أساسا، هو الفاعل الإيديولوجي العرقي الذي يوظف البعد الكولونيالي في الأطروحة الأمازيغية من أجل خلق صراع موهوم بين مقومات الهوية الوطنية، و هذا الفاعل العرقي هو المسؤول الرئيسي عن التطرف العرقي الذي أصبح ينخر الجسم الهوياتي، و يهدد الأمن الثقافي و اللغوي و القيمي داخل المغرب.
من هذا المنظور، فإن إثارة مسألة التطرف العرقي، داخل المجتمع المغربي، قضية جادة يجب إعارتها كامل الاهتمام من طرف الدولة و المجتمع، و ليست مسألة ترف فكري أو موضوع مزايدة سياسية من أي طرف كان. فإذا عبر المغاربة –و ما زالوا- عن عمق وعيهم بخطورة التطرف الديني باعتباره يهدد أمنهم الروحي من خلال تنميطهم مذهبيا، فإن الأمر المطلوب، اليوم، هو فضح التطرف العرقي الذي يهدد الأمن القيمي للمغاربة، من خلال سعي المشروع العرقي إلى تنميطهم عرقيا، في تهديد واضح لقيم التعددية و الاختلاف التي طبعت تاريخ المغرب، قديما و حديثا.
و لعل ما يجب أن يعيه المغاربة، هو أن المشروع العرقي، في المغرب، جزء لا يتجزأ من المؤامرة الكبرى، التي تحيكها القوى النيوكولونيالية الكبرى للمنطقة العربية الإسلامية. فإذا كان توظيف الورقة الطائفية و المذهبية قد مكنهم من تمزيق أوصال المشرق العربي الإسلامي، فإنهم، اليوم، يوظفون الورقة العرقية من أجل تمزيق أوصال المغرب العربي الإسلامي، و هم مستعدون، في أي لحظة، لتحويل التعددية العرقية في المغرب إلى مشروع عرقي متطرف يلقى الدعم المادي و الرمزي اللامحدود، و ذلك في أفق توظيفه كورقة لابتزاز الدولة في الكثير من القضايا السياسية و الاقتصادية و الأمنية .
و هذا المشهد غير بعيد عنا، فقد نجحت الدولة الفرنسية في تحويل المشروع العرقي، في الجزائر، إلى ورقة انفصالية خطيرة جدا تهدد ببلقنة منطقة المغرب العربي كله في الأفق المنظور. و لعل القادم أسوأ لأن القوى الفرنكفونية، وكيلة الاستعمار الفرنسي، تقيم تحالفات مشبوهة مع المشروع العرقي، و ذلك في أفق تحويله إلى مشروع سياسي انفصالي، مدعوم خارجيا، يمثل المصالح الغربية، سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا، في المغرب العربي.
و هذا المشروع طالما حلم به دهاقنة الاستعمار الفرنسي و لم يتحقق نتيجة الوعي الوطني الذي وقف سدا منيعا في مواجهة الاختراق الاستعماري الفرنسي لكنه، اليوم، يتحقق بأقل تكلفة ممكنة نتيجة تهديم قيم الوطنية المغاربية، في بعدها العربي الإسلامي، التي سادت منطقة المغرب العربي الإسلامي، لقرون، ضمن ما أطلق عليه جيوبوليتيكيا منطقة "الغرب الإسلامي" .

الثلاثاء، 12 يناير 2016

حماري يطالب بحقه في التقاعد


بقلم موسى المصلح
امتنع حماري عن العمل هدا الصباح ورفض أن يقف على رجليه رغم كل محاولتي اليائسة لإقناعه بالوقوف .وقال لي بالحرف الواحد لن احمل أثقالا بعد اليوم قبل أن تضمن لي معاشا مريحا.وان لا يكون مصيري كمصير بغل جارنا الذي تخلى عنه صاحبه بعد أن أصبح لا يقوى على جر عربته . فانتم بني الإنسان لا تقدرون ما نقوم به من أعمال شاقة لصالحكم تستغرق عمرنا كله, وفي الأخير ترمون بنا إلى الشارع فور عجزنا وخوار قوتنا.
سألته لم اختار هدا الصباح ليتمرد وينتفض,واليوم يوم سوق أسبوعي,والحاجة إليه ماسة.فأجاب سمعت ممثلنا البرلماني الجديد يتكلم إلي وزير من حزبه عن الحملة الشرسة التي تثار ضد تقاعد البرلمانيين والوزراء وان حيفا وظلما كبيران سيقعان على البرلمانيين والوزراء ادا جردوا من تقاعدهم الذي يمتد مدى الحياة. بعد ولاية لاتتعدى أصابع اليد الواحدة,علىالرغم من أن كثيرا منهم يحقرون مبلغ هدا التقاعد ويعتبرونه هزيلا."جوج فرنكً"كما ادعت وزيرة محترمة من نخبة حزب حمل طويلا شعار الدفاع عن الطبقة الكادحة والمسحوقة .
سكت الحمار لحظة تفكير ثم أضاف,قمت بعملية بسيطة فوجدت انك لو توفر لك ربع هده’’الزوج فرنك’’ لانقلب وضعنا إلى الأحسن"ولبحبحت"علينا في المصروف اليومي بدءا بأطفالك وتوفير علف جيد لي بدلا الحشائش التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
رجعت إلى نفسي وقلت حماري على حق. كيف لبرلماني أو وزير يفترض أن يخدم الشعب ان يحصل على تقاعد مدى الحياة بعد انتهاء ولاية واحدة.بمساهمة الدولة ومن قوت الشعب بالإضافة  إلى تعويضات شهرية سمينة يدفعها المواطن البسيط الذي قد لا يجد قوت يومه من كده وعرقه.وقلت لحماري وإنا أضع قليلا من التبن أمامه قبل أن انطلق إلى السوق مشيا على الإقدام لا تقلق يا حماري العزيز فلست أفضل منك حالا فليس في الدوار والدواوير المجاورة من يطمع في تقاعد أو معاش في صندوق من هده الصناديق التي يقال أنها على وشك الإفلاس وان إصلاحها مرهون بالزيادة في سنوات الكد والمزيد من الاقتطاعات من  اجر فئة  قليلة  محظوظة  .فكرت قليلا ثم اردفت هده معركة ليست معركتنا فممثلونا في البرلمان لهم في جعبتهم من الحيل والمناورات السياسوية ما يمكنهم من الالتواء  على هدا الجدل القائم والحفاظ على ريعهم التقاعدي .
 وما أن أتممت كلامي حتى رمقني الحمار بنظرة فيها كثيرا من الحنق وقال سأرشح  نفسي للبرلمان المقبل علي احظي بتقاعد مريح مثيل  يعفيني من خدمتك وقرفك.فسألته وهل هناك برلمان للحمير حتى تترشح إليه؟فأجابني على الفور لا تستغرب فاد ا كان للبرلماني والوزير الحق في تقاعد مدى الحياة بعد سنوات قليلة تحسب على أصابع  اليد أليس من المجحف ان تستكثر علي ان احلم ببرلمان للحمار المغربي نشرع   فيه نحن الحمير ايضا لتقاعد مريح بعد سنين من العمل المضنى والشاق في خدمة الوطن ومواطني هدا الوطن. قلت ولم لا, وانطلقت الى السوق سيرا على الاقدام  وانا اكلم نفسي عن مدى حظوظ  حماري بالفوز بمقعد في برلمان الحمير ان قدر له الوجود.

الأحد، 10 يناير 2016

إعدام السعودية للنمر: إدانة ونفاق


إعدام السعودية للنمر: إدانة ونفاق
هناك أسباب عديدة تجعلنا نعارض إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي
 نمر النمر، يمكن للمرء أن يعارض ذلك لمعارضته لعقوبة الإعدام عامةً، 
وقد ينتقد أحدهم النظام القضائي للبلاد حيث تقول منظمة هيومان رايتس
ووتش هذا الأسبوع إنهاوثقت منذ وقت طويل عملية الانتهاكات في نظام
القضاء الجنائي بالمملكة العربية السعودية الذي يجعل من الصعب على أي
 متهم أن يحصل على محاكمة عادلة حتى في قضايا الإعدام، وقد ينتقد أحدهم
 محاكمة النمر على وجه الخصوص والتيتسميها منظمة العفو الدولية محاكمة
 "بالغة الظلم"، ويمكن لأحدهم القول بأنه لم يكن ينبغي أن يتم القبض عليه في
المقام الأول فمنظمة هيومان رايتس ووتشتقول "الاتهامات فضفاضة ولا تشبه
أي من الجرائم المتعارف عليها 

ومن الممكن أن يعارض المرء إعدامه بسبب تداعياته إقليميًا ودوليًا، وقد يفعل
فقط  المرء ذلك بدافع القلق على السعودية نفسها، ليس بسبب الاضطرابات
 الداخلية

على أي حال، وفي أي من تلك المواقف فالإدانة لا معنى لها عندما تكون قائمة
على الازدواجية؛ فمثلا بالنسبة لإيران التي كانت أكثر صخبًا في إدانتها لإعدام 
النمر ليس لديها ما يدعم موقفها هذا، "قد يكون مستغربًا أن هذا النظام الذي
 يسجن الصحافيين ويراقب رسامي الكاريكتير ويعتقل النشطاء بدون تهمة
لسنوات عديدة يقوم في النهاية باتخاذ موقفًا أخلاقيًا تجاه الآخرين" كما كتب
 إيفان بارتليت المحرر الإخباري بجريدة الإندبندنت البريطانية.
فمن المثير للحنق - والهزلي بشكل أكبر - أن ثاني أكبر دولة في تنفيذ عقوبة
 الإعدام بعد الصين تنتقد الدولة التي حصلت على الترتيب الثالث في هذا
الموضوع؛ فهي تعطي نفسها سلطة أخلاقية مثل قيام الولايات المتحدة بإعطاء
محاضرات عن الحد منالتسليح أو قيام اليابان بدعوة الدول الأخرى لوقف صيد
 الحيتان فعدد الأشخاص الذين قامت السعودية بإعدامهم سنويًا لا يقترب بتاتًا
من الحصيلة الإيرانية؛ حيث قامتالأخيرة بإعدام 158 شخصًا في عام 2015
 فقط مسجلة بذلك أعلى رقم في عام واحدمنذ عام 1995

الموت البطئ باستخدام المشانق
على أي حال، فمنذ يناير وحتى الأول من نوفمبر في العام الماضي سجلت 
منطمةالعفو الدولية 830 عقوبة إعدام في إيران يتم تنفيذها بالشنق من خلال
 الرافعات التي تكون مرتفعة عن الأرض لضمان الموت البطئ، هذا الرقم يعادل
ثلاثة إعدامات يوميًا أو 984 إعدام في السنة (ستة أضعاف أعلى رقم سجلته
السعودية خلال عشرين عامًاوقد قالت منظمة العفو الدولية في يوليو من العام
 الماضي"إن حصيلة الإعدامات الإيرانية مفزعة، فهي ترسم صورة شريرة
 لأجهزة الدولة مع سبق الإصرار، فالقتلعقوبة قضائية يتم تنفيذها على نطاق
 واسع".

تعتبر أحكام الإعدام في إيران مقلقة على وجه الخصوص فهي مفروضة من
قِبَل المحاكم التى تفتقر تمامًا للاستقلاليه والنزاهة، هذه العقوبات يتم فرضها
 بسبب جرائم ذات صياغة مبهمة أو فضفاضة أو بسبب أفعال لا يجب تجريمها 
من الأساس ناهيك عن استخدامهم لعقوبة الإعدام، والمحاكمات في إيران معيبة
للغاية؛ فالمعتقلون يتم حرمانهم من التواصل مع المحاميين في مرحلة التحقيق
 كما أن الاجراءات غيرملائمة لطب الاستئناف أو العفو أو التخفيف.

وليس في هذا أي عذر أو تبرير للإعدامات في السعودية لكنه نموذج فج للمثل
 القائل "رمتني بدائها وانسلت"، فقد أشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية 
حسينجابر أنصاري إلى إعدامات السعودية وقمعها لمنتقديها، وهذا ما فعلته
إيران التي ق ال مرشدها الأعلى على خامنئي"عن النمر إنه ظاهرة صوتية يقوم
بالانتقاد علانية على أساس من الحماسة الدينية.
يبدو أن خامنئي بلا شك قد فاته تقرير العام الماضي الصادر من مكتب الأمين العام
للأمم المتحدة بان كي مون الذي قال فيه "إن الأشخاص المنتمين لأقليات عرقي
 موقف النمر المناهض للأسد كان حليف إيران اللبناني حزب الله قد أظهر موقفًا
 ازدواجيًا مشابهًا في رد فعله علىإعدام النمر، حيث اتهم الرياض بأنها ترغب في
 حدوث صراع سني – شيعي، وقال إن السبب الحقيقي للإعدام أنه كان يطلب بالحقوق المهدرة لشعبه المظلوم، في إشارةللأقلية الشيعية بالمملكة العربية السعودية.
على كلٍ فإن حزب الله قد قام بالتدخل العسكري المباشر في سوريا داعمًا لنظام الأسد
 الذي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقام بتأجيج الطائفية وحرمان الشعب السوري من حقوقه.
ولسخرية القدر فإن إيران وحزب الله اللذين يتخذان النمر كمثال يجب أن تُتبع
تعاليمه لا يفعلان ذلك، فقد قال النمر إنه إذا قام سني باضطهاد شيعي أو العكس
 فلن يحبه الله، وأضاف أن التضامن مع المظلومين سواء كانوا سنة أو شيعة هو
أمر واجب فالظلم شيء كريه وفيما يتعلق بالشأن السوري فقد وصف النمر نظام
الأسد، الحليف الرئيسي لإيران وحزب الله، بـ "الطغاة" وأضاف "الله لا يحب
 الظالمين"، ويجب أن نكره الحاكم الظالم ولا ندافع عنه وإلا فإننا سنكون من
 الظالمين، فمن يدافع عن الظالمين هو شريك لهم في ظلمهم وطغيانهم، وطبقًا 
لوجهةنظر النمر فإن إيران وحزب الله المدافعين عن نظام الأسد هم من الظالمين
 أيضًا.

ومن المفهوم تمامًا شعور الشيعة العميق بخسارة رجل دين ويجب على السنة 
الحداد معهم من قبيل التضامن والاحترام أو من حيث المبدأ، وعلى كل حال فلا
يمكن لأحدهم أن يصنع من النمر بطلاً بينما هو في الحقيقة يتجاهل - أو ينتهك
 بالفعل – تعاليمه، هذه إساءة عظيمة واستغلال من أجل أجندات سياسية.
المصدر: ميدل إيست آي - شريف نشاشيبي


السبت، 9 يناير 2016

الدار البيضاء ...(شعر)

ا
الدار البيضاء ...
 يا مدينتي الكبيرة..
أيتها الشابة العجوز,
أيتها القبيحة الجميلة,
أيتها الغنية الفقيرة,
أيتها الودود الولود.
أرضعتني حبك حتى الثمالة,
ولم تفطميني .. كي لا ابتعد وأعود.
أيتها البيضاء  المؤتزرة بازار الفحم,
والمكتحلة بلون التراب ..أعشقك.
أنت أنا وأنا أنت  بلا حدود.
أيتها البيضاء ..
أنت الشعب  المكدس في الأحياء الشعبية.
أنت شغيلة  الأحزمة  الخلفية .
أنت السواعد   التي تبني  بلقمة الكفاف.
 أنت الصخب المؤثث للدروب.. أنت العفاف .
أنت قبلة الغرباء  الباحثين عن الحلم ,
أنت الوهم.
أنت الطموح بلا حدود.
كل يوم ازداد فيك غربة
وتقتلني العزلة وسط الزحمة .
تناسل حاراتك يبهرني والدور..
و اخشي  ان احتاج يوما  لأزورك .. إلى تأشيرة وجواز مرور.
موسى المصلح