الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

نظام دولي متغير يفتقد إلى القواعد المستقرة


د. بشير موسى نافع
تستدعي نهاية العام وبداية عام جديد، أحياناً، وليس دائماً، على أية حال، تأمل نظام العالم الذي نعيشه. وإن لم يكن ممكناً، في هذه المساحة الصغيرة، تناول جوانب متعددة من الشأن العالمي، فربما يمكن على الأقل الإشارة إلى واحد من هذه الجوانب الهامة: ما تعارف عليه دارسو السياسة والتاريخ والعلاقات الدولية بمصطلح النظام الدولي. والمصطلح، كما العلوم الحديثة التي أعطته تعريفه وشرعية استخدامه، هو مصطلح غربي أصلاً، تطور في مرحلتين رئيسيتين: ولادة نظام وستفاليا في القرن السابع عشر، وصعود الإمبرياليات الأوروبية الغربية في القرن التاسع عشر.
قبل ذلك، كما في النظام الروماني أو الإسلامي، ارتبط تصور العالم بالتصور الاخلاقي والقانوني للذات. رأى الرومان أن العالم ينقسم إلى مجالين متناقضين، وربما حتى متصارعين: مجال السلم الروماني ومجال البرابرة. أما المسلمون، الذين يبدو أنهم استعاروا شيئاً من التصور الروماني، فرأوا العالم في ثلاث دوائر رئيسية: دار الإسلام، ودار الكفر، ودار المعاهدة.
بعد حرب الثلاثين عاماً، 1618 ـ 1648، التي اندلعت من الانقسامات الدينية وتحول الإقطاعيات إلى سلالات ملكية متجذرة، ومن الضعف المتزايد للكنيسة والإمبراطورية الرومانية المقدسة، أسس صلح وستفاليا لمفهوم الحدود والسيادة والدولة الحديثة. وانقسمت أوروبا بالتالي إلى دول وإمارات، مثلت النسخة الأولى للقارة المثقلة بالحروب والصراعات التي نعرفها اليوم. بمعنى أن وستفاليا وضع قواعد نظام وعلاقات الكيانات الأوروبية المختلفة والمتصارعة؛ وهي القواعد التي يعاد استدعاؤها من وقت لآخر، للتوكيد على عدم شرعية تغيير حدود الدول أو انتهاك سيادتها بالقوة. خلال القرنين التاليين، استخدمت قوى أوروبية معينة، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، تقدمها الصناعي الحثيث، وقدرتها المتزايدة على تطوير وسائل الفتك والحرب والإبادة، لبناء إمبراطوريات واسعة فيما وراء البحار؛ وبدأ بالتالي عصر الاستعمار الغربي الحديث. ولأن السعي لبناء إمبراطوريات على مستوى العالم باسره ولد صراعات بين القوى الإمبريالية الغربية، عملت هذه القوى، من خلال سلسلة من المعاهدات والمؤتمرات والتحالفات، على احتواء عوامل الصدام قبل وقوعها وتنظيم العلاقات بينها، على أساس من توازن القوى والمصالح.
وكان من الطبيعي أن يؤدي انهيار توازن القوى، أو تحدي قوة ما للمنظومة المستقرة للعلاقات، إلى اندلاع الحرب، تماماً كما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية. في نهاية الحرب الثانية، التي شهدت مقتل عشرات الملايين من البشر، ودماراً أوروبياً غير مسبوق، سعت القوى الغربية إلى بناء النظام العالمي من جديد، على أساس من توازن القوى بين كتلة شرقية، يقودها الاتحاد السوفياتي، وكتلة غربية، تقودها الولايات المتحدة. قسمت القارة الأوروبية في يالطا بين الكتلتين؛ ولكن مناطق النفوذ في العالم لم تحدد بصورة مستقرة وواضحة. وهذا ما ولد الحرب الباردة، التي دارت رحاها بصورة مباشرة أو غير مباشرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بينما حافظت القارة الأوروبية على سلم قلق، ومسلح، من خلال توازن قوى نووي مرعب. في نهاية الثمانينات، ولعوامل اقتصادية وسياسية وثقافية، خسرت الكتلة الشرقية الحرب الباردة، وتعرضت لانهيار هائل، طال في النهاية ليس دول حلف وارسو وحسب، بل وحتى الاتحاد السوفياتي نفسه.
للوهلة الأولى، بدا أن نظاماً عالمياً جديداً سينجم عن نهاية الحرب الباردة وانهيار الكتلة الشرقية والاتحاد السوفياتي، نظام تقوده الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة. وكان ثمة عدد من العوامل والأدلة التي عززت هذا التصور للعالم. كانت الولايات المتحدة، ولم تزل، الدولة الوحيدة التي تستطيع نشر القوة على مستوى العالم كله، الدولة التي جعلتها الجغرافية الأكثر أمناً بين كل الدول الكبرى في تاريخ العالم الحديث، والدولة التي يبلغ نصيبها 25 بالمئة من الناتج العالمي. من جهة أخرى، وبالرغم من احتفاظها بمقدراتها النووية، انكفأت روسيا الاتحادية على نفسها، محاولة الخروج من أزمة اقتصادية بالغة الوطأة، والتعامل مع حركات تمرد وانشقاقات داخلية؛ بينما لم يكن واضحاً بعد ما إن كان النمو الاقتصادي المتسارع سيجعل من الصين قوة يعتد بها على الساحة الدولية. وبالرغم من أن أوروبا سارعت الخطى نحو الانتقال بالسوق الأوروبية المشتركة إلى كيان أوروبي موحد، إلا أن شكوكاً عميقة حفت بالمشروع الأوروبي وقدرة منظومة الوحدة الأوروبية على بلورة إرادة سياسية مشتركة. أوروبا، على أية حال، ومع بعض التذمر هنا أو هناك، ارتضت القيادة الأمريكية للعالم، ولم تكن غير سعيدة بتحمل الولايات المتحدة أعباء هذه القيادة. خلال التسعينات ومطلع القرن الحادي والعشرين، توسع حلف الناتو بصورة حثيثة، ليحيط بروسيا الاتحادية، خاضت القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة حرب الخليج الأولى وحروب البلقان بدون اكتراث يذكر بموقفي موسكو وبيكين، وأعادت إنتاج سيطرتها على النظام الاقتصادي العالمي من خلال منظمة التجارة العالمية وتوكيد التحكم في صندوق النقد والبنك الدوليين.
بيد أن نظام القطب الواحد لم يعش طويلاً. ويمكن القول أن العام 2008، سيما النصف الثاني منه، مثل المنعطف الذي انتقل فيه العالم من نظام القوة المتفردة إلى نظام يغلب عليه اللانظام وغياب القواعد المستقرة أو شبه المستقرة للتنافس بين القوى الدولية والإقليمية. في 2008، كانت روسيا استعادت التقاط أنفاسها الاقتصادية بفعل ارتفاع كبير في أسعار موارد الطاقة، قضت بالقوة على الحركات الانشقاقية في القوقاز، وبدأت محاولة الوقوف في مواجهة زحف الناتو المتسارع في وسط وشرق أوروبا. وربما كان الغزو الروسي لجورجيا في أغسطس/ آب 2008، أول مؤشر على سياسة إعادة توكيد الذات الروسية. لم يكن لروسيا أن تعاود الظهور على المسرح العالمي بدون الإخفاق الكبير لسياسية الحرب الأمريكية في الشرق، التي انتهت إلى تكاليف باهظة في الأرواح والأموال، وبدون الصعود الصيني الاقتصادي الكبير وبداية التوافق الروسي – الصيني. في الوقت نفسه، برزت قوى اقتصادية جديدة، أصبحت مراكز جذب لفائض المال العالمي، نافست الأسواق الغربية التقليدية. ومع نهاية العام، عصفت بالاقتصاد الغربي أزمة مالية/ اقتصادية طاحنة، لم تخرج أغلب الاقتصادات الأوروبية منها بعد.
فما هي صورة الوضع العالمي الجديدة، وما الذي تعنيه لدول المشرق العربي – الإسلامي. من السذاجة بمكان تصور الوضع الدولي باعتباره نسخة جديدة من نظام الأقطاب المتعددة الذي عرفه القرن التاسع عشر. لم تزل الولايات المتحدة القوى الأكبر في العالم، بمقدرات تفوق مجموع القوى التالية لها مجتمعة. ولكن إدارة أوباما تعلمت حدود القوة، والتكاليف الباهظة للتصرف كقوة منفردة، وعدم الاكتراث بقوى العالم الأخرى من الدرجة الثانية. أصبحت الولايات المتحدة أقل تدخلية مما كانت عليه، وأكثر تركيزاً على جهود الحفاظ على عوامل التفوق واحتواء الطموحات المتزايدة لدول مثل الصين وروسيا. روسيا، من جهتها، أضعف بكثير من تبوؤ الموقع الذي احتله الاتحاد السوفياتي؛ وبالرغم من محاولتها الرد على التوسع الغربي وتوكيد دورها في دول مثل سوريا وأرمينيا ودول وسط آسيا، فإن اهتمامها الأكبر يتعلق بخارجها القريب، سيما في أوروبا والقوقاز، حيث تتهددها المخاطر بدون أن تعرف كيفية احتواء هذه المخاطر. الصين، من جهة أخرى، ولعوامل هيكلية وطبيعية، تكاد تصل إلى نهاية طريق النمو الاقتصادي الكبير؛ وهي لا ترغب، على أية حال، في خوض صراع مباشر وواسع النطاق مع القوى الغربية، التي لم تزل تتحكم في النظام الاقتصادي العالمي. أما أوروبا، فلم تزل حائرة بين طريق الوحدة والحفاظ على هوية وسيادة الدولة القومية، والتكاليف التي يفرضها كل من الخيارين.
أفسح هذا الوضع الدولي القلق مساحة كافية لأن تلعب القوى الإقليمية دوراً متزايداً في تحديد مصير جوارها؛ وأجج بالتالي حجم وحدة الصراعات بينها. وهذا ما يتجلى بصورة واضحة في أزمات العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا؛ حيث لا تصطدم الإرادات الإقليمية وحسب، بل وتسعى قوى إقليمية إلى استدعاء القوى الكبرى من جديد للعب دور أكثر فعالية في المنطقة. وما لم تكتسب القوى الإقليمية شيئاً من العقلانية، يؤهلها للتوافق على حدود مصالح كل منها، كما حاولت أوروبا أكثر من مرة في القرن التاسع عشر، ستدفع شعوب المنطقة ثمناً باهظاً ومتزايداً لهذه الصراعات.
٭ كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
جريدة القدس العربي

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

سجل انا لاجئ عربي (شعر)


...
سجل انا لاجئ عربي
مجروح الجنسية ..مفقود الهوية
مسلوب الوطن .
سجل انا سوري ,عراقي سوداني 
ليبي ومن يمن 
خذ بصماتي ..دون إفاداتي ..وثق مأساتي
فقد قصمت ظهري المحن
قصف وقتل من بغداد الى الخرطوم
ومن تونس الى عدن
كل طالته يد القتل و شردته المحن.
ثرت من أجل حريتي ..أشهرت سلميتي .
هدروا انسانيتي ,قصفوا قريتي ,
خربوا مدينتي ,
نكبوا الوطن .
قتلوا اطفالي ..قطعوا اوصالي ,
اجبروني على ركوب البحر ,
والعيش تحت الخيام .
امشي وبي خصاصة,
لم أعد سوى رقم في جداده,
خبر في قصاصه ,
نبأ في وسيلة أعلام .
غير أنه يحز في نفسي ,
أن قاتلي ..
مني ذو قرابة وابن عم.
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة,
وأظلم من الظلم.
موسى المصلح

الاثنين، 14 ديسمبر 2015

هل يستحق " ترامب" الضجة ؟


لميس ضيف 

ضج العالم بالتصريحات المعادية للإسلام التي أطلقها مرشح الرئاسة الأمريكية وامبراطور المال والأعمال دونالد ترامب
مؤخرا، ووجد كثير من خصومه السياسيين في تصريحه المتعجرف فرصة للإطاحة بحظوظه الانتخابية العالية فيما
 دافع عنه مؤيدوه – وكثير من المتعصبين بالطبع – واصفين ما قاله بشأن المسلمين " بالحقيقة المرة ".

شخصيا كنت أتمنى من قبل أن يفوز هذا الكهل المتصابي بمقعد الرئاسة الأمريكية ولي عذري .. لقد طفح بنا الكيل من
ألاعيب وأكاذيب السياسيين .. من التفافهم حول الحقيقة وخداعهم المتكرر لشعوبهم -ولنا بالتبعية- ووجدت في " مرشح
 ينطق بما يفكر به دون عمليات شفط ولا تجميل " تغييرا حان وقته.

لقد نُقل عنه بأنه وصف دول العرب بأنهم " بقرة حلوب سنأكلها فور جفاف ضرعها" ولو صدق ما قرأناه فلن يكون
واقعا خلاف من سبقوه ولكنه – على الأقل – سمي الأشياء بأسمائها ولم يلوي عنق الحقيقة كغيره.

هذا وأعلن ترامب عن "دعمه المطلق لإسرائيل" وذاك موقف ليس بجديد أيضا ولكننا نخدع أنفسنا كما يطيب لنا دوما
 ونقنع أنفسنا بأن المواقف الغربية تتحلى بالحد الأدنى من الإنصاف عندما يأتي الأمر لقضايا الشرق الأوسط.

صراحته تلك هي التي أوقعته في مطب الهجوم على المسلمين، وهو هجوم سيكلفه 100 مليون دولار وهي قيمة تعاونه
مع محلات لاندمارك الشهيرة في دبي عوضا عن تعليق كافة المشاريع التي تقام مع شركاته المتناثرة عبر العالم.

ليس هذا فحسب بل أن هناك محاولات لمنع دخوله لبريطانيا التي تتجاوز نسبة المسلمين فيها الـ17% وذلك بعد توقيع
نواب لعريضة تطالب بوضع أسمه في قائمة "الغير مرغوب بهم في البلاد".. هذا وكثير من الاجراءت الأخرى قد تتخذ
ضده وبالطبع قد تكون تلك الثورة عليه كفوره المشروبات الغازية فتنتهي سريعا دون خسائر تُذكر ولكن.

أليس من المناسب أن نسأل أنفسنا ماذا لو كنا مكانه ومكان الشعوب الغرب التي ترى الاقتتال وأنهار الدم الدافقة 
في دولنا الإسلامية ؟

أسنكون أقل منه تحاملا على " المسلمين " ؟

لو لم نكن مسلمون .. ماذا سيكون رأينا في المسلمين ؟

هذه هي الأسئلة التي يجب أن ننشغل بها عوضا عن الانشغال برجم "جثة سياسية " قضت على مستقبلها قبل أن 
يبدأ بالاصطدام الأرعن بعدة أطراف في وقت قصير.

ولاحظوا هنا أننا عندما نقول " مسلمين " فنحن نتحدث عن جماعة "جيوسياسية " أكثر منها دينية فهؤلاء الذين
يتحاملون علينا لا يدركون كنّه ديننا ولم يقربوا كتابنا وكل ما يعرفونه عن الإسلام هو ما يرونه منا كمسلمين.

بعيدا عن الإرهاب وشجونه المسلمون في الدول الغربية يمقتون دفع الضرائب ويجد الواحد منهم ألف طريقة
للتهرب منها .. ولا يحترم أحدهم القانون إلا مجبرا ولا الآداب والديانات والأعراق إلا خشية ما سيطاله لو لم يفعل !!

مجددا "نحن لا نتكلم عن الدين بل صورته في أذهان الناس لذا فترامب لم ينطق كفرا بل نقل رأي قوافل من مواطنيه الصامتين ..

عوضا عن الثورة ضد ترامب يجب أن نراجع انفسنا .. ونقتص الحق فيها ..

نعم ترامب ليس بريئا ولكننا .. لسنا أبرياء أيضا

الأحد، 6 ديسمبر 2015

سبحان الله ما أعظمه(شعر)

ا دا لم تر صنع الله . في قرية نمل.. في جدع نخل.. في أوراق الشجر. فأنت أعمى القلب والبصر. ادا لم تر صنع الله . في خرير الماء .. في زرقة البحر .. في نجوم السماء .. في سقوط المطر.. فأنت أعمى القلب والبصر. ادا لم تر صنع الله. في الوحوش الضواري.. في هجير الصحاري.. في صقيع البراري.. في خسوف القمر. فأنت أعمى القلب والبصر. ادا لم تر صنع الله. في سنابل القمح.. في سعف البلح.. في بياض الثلج .. في تلاطم الموج .. في نحث الماء للحجر. فأنت اعمي القلب والبصر. ادا لم تر صنع الله في خلية نحل .. في ضحكة طفل .. في زوال الم.. في شفاء سقم .. في نفاد قدر. فأنت اعمي القلب والبصر **** آدا رأيت بنور الله الخلق كافه .. أدركت أن الكون لم يوجد صدفه.. سبحان الله ما أعظمه.. كرم الإنسان . ..شق بصره وسمعه.. علمه البيان سبحانه ما أروع صنعه . موسى المصلح

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

دعوني احلم

احلم
انأ الإنسان.
أن أجوب الأرض لا تمنعني الحدود.
أن اركب البحر بغير قيود.
أن ينتصر السلام ..
أن تصبح الحروب في خبر كان .
احلم 

أن يصافي الأحمر الأسود.
أن يحب الأصفر الأبيض .
أن تسقط الجنسيات..
أن يشعر الإنسان بالأمان.
أن تختفي الحدود والقوميات.
أن نشعر أن الوطن في كل مكان .
احلم
أن تذوب الفوارق بين الشعوب.
لا فضل لجنسية ولا عرق..
لا فرق بين غرب وشرق.
لا شمال ولا جنوب .
احلم
أن لا أرى طفلا يجوع.
أن لا أرى امرأة ثكلى.
تبكي ..تذرف الدموع .
تنعي شباب قتلى .
فتكت به الطائرات ..
سحقته الدروع .
احلم
و اعرف أن الحلم بعيد كالقمر.
أن البأس شديد بين بني البشر ..
أن يتغير للأفضل يومي وغدي .
لكني ..
لا املك سوى أن أضع على القلب يدي ..
وان احلم .
موسى المصلح
..

أبو القعقاع… ذكريات… الطريق إلى داعش


Résultat de recherche d'images pour "‫صورة الدكتور محمد حبش‬‎"


بقلم/ د. محمد حبش*

لا يحتاج اسم ابي القعقاع الى سند من التاريخ ليقرع رعبه في سمع الجماهير الهائجة، فموسيقا القعقعة تكفي لحشد مشهد الطبول والسيوف والحراب وصهيل الخيل، ولا يطول بك البحث حتى تجد له ذكراً موصولاً إلى الفارس الانتحاري القديم القعقاع بن عمرو التميمي  الفارس الذي تقدم في معركة اليرموك هائجاً معصوب الجبين يصرخ في الناس: من يبايع على الموت؟؟ من يبايع على الموت؟؟ حتى تقدم معه أربعون من الشباب الثائر يقتحمون معه صفوف الموت في قلب جيش الروم ولا يعود منهم أحد، ويتركون أكثر ذكريات الشجاعة والهول في غبار معارك الموت.

لا شك ان هذه المعاني كانت في ضمير الفتى الحلبي الكردي أبو القعقاع المولود عام 1973في قرية الفوز شمال مدينة حلب وينتمي الى عشيرة الديدان.

حين اختار هذا الاسم عنوانا لمشروعه القتالي الجهادي الذي انطلق به من جامع الصاخور في حي شعبي عنيد على الجانب الشرقي من مدينة حلب.

82

محمود قول آغاسي الكنية ابو القعقاع

تعرفت إلى ابي القعقاع عقب محاضرة ألقيتها في مركز الدراسات الاسلامية بدمشق 2006 حيت طلب الكلام ليعقب على المحاضرة، وقدم نفسه باسم الدكتور محمود قول آغاسي، وصعد المنصة بخطى واثقة في مظهر أناقة لافت حيث بدا كمتحدث أكاديمي متوازن تميزه نظارتان لا تخطئ العين تناغم لونهما مع لون الكرافتة الأنيقة على صدره واللحية الرقية المهذبة في وجهه، وبدا بالفعل ممسكاً بناصية الخطابة في اقتدار واحتراف، وأذكر جيداً أن الخاطر الذي خامرني وأنا أستمع إليه هو قدرات عمرو بن العاص الخطابية، وذكرت كلمة عمر بن الخطاب الذي كان إذا رأى رجلاً عيياً يعثر في الخطاب يقول أشهد أن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد!!!

 دعوته إلى مكتبي ودخل معه فتيان أما أحدهما فكان يرتدي بنطالا وأما الآخر فدشداشة جلبية، ورأيته لا يتحدث في شيء إلا أومأ لهما، وكانا بين يديه ككتبة الوحي، تزوغ أعينهما في كل ما حولك، فيفهمان كل شيء، ولكنهما يبدوان كأن على رؤوسهما الطير.

وجلسنا نتحدث طويلاً، وأدهشتني في الرجل الشخصية القيادية الكبيرة التي يمتلكها، كما أدهشتني معرفته بتفاصيل مشروعي في التجديد الديني ونشاط مركز الدراسات الإسلامية في ذلك، حيث كان المشروع آنذاك مثار جدل عنيف وكان المشايخ يوصون تلامذتهم بالحذر من مركز الدراسات الإسلامية الذي يتبنى التفكير الديمقراطي في الإسلام الذي سيقود في النهاية إلى ما كانوا يسمونه (تيار العقلانيين) الرافض لخيارات الفقهاء.

كنا حينئذ في وارد ترتيب حفل فني كبير في ساحة سعد الله الجابري في حلب بمناسبة إعلان حلب عاصمة للدولة الإسلامية، وكان الرجل يدهشني بفهمه تماما لطبيعة المشروع وآفاقه، واستجابته للمساهمة بل وتوجيه الأوامر المحددة لصاحبيه لإعدادات لوجستية غاية في الدقة.

حين خرج الرجل قلت لأصحابي إن الرجل بالفعل خطيب مفوه وقيادي واضح وبوسعنا أن نعتمد عليه تماما في مشروعنا في حلب، ومباشرة قال لي أحدهم: ولكن هل من مصلحة مشروعنا الكرنفالي الشعبي اللاعنفي أن يكون بترتيب أبو القعقاع؟

أدركت حيند أن الرجل الأنيق المتمكن في الخطابة والمعرفة انما هو أبو القعقاع الأسطوري نداء الجهاد الهادر الذي تفجر وسط مستنقع خمود كئيب يلف المؤسسة الدينية الوعظية التقليدية في سوريا…

لم يظهر في كلام الرجل أي اتجاه للعنف، لقد تحدث بعمق عن ثقافة السلام والحوار مع الغرب، وربما عزز من علاقتي به أنني كنت مؤمناً بوجود مساحة للعمل في ظل هذاالنظام القمعي، وكان يشاركني هذه القناعة، ونتبادل تقديم الأدلة على ذلك في عملية تكاذب غير معلن، بهدف تبرير نشاطنا الذي نقوم به في ظل النظام الصارم الرافض إيديولوجياً أي معنى للحراك السياسي من خلفية دينية.

كان أبو القعقاع لغزاً حقيقياً، فسوريا التي تعيش حالة فريدة من الضبط القمعي الصارم، استمر لأكثر من خمسة وأربعين عاماً والمفرطة في حساسيتها تجاه كل ما هو إسلام سياسي، وهو خطاب يتبناه النظام سرا وعلنا، وله فلاسفته حتى من رجال الدين وخطباء الجمعة، كيف يسوغ أن يظهر فيه فجأة رجل كأبي القعقاع، في حي عنيد من أحياء حلب الشعبية المكتظة، حيث كان الرجل يقوم في مسجده بالصاخور ليس بإلقاء الخطب الحماسبة في الجهاد فحسب بل يقوم بالتدريب اللوجستي على القتال داخل المسجد!! والتدريب على استخدام أنواع من السلاح، ويؤكد علناً أننا ذاهبون للقتال في فلسطين والعراق مع إخوتنا المجاهدين من القاعدة وذلك لمواجهة الاحتلال الامريكي الصليبي الكافر؟؟؟
كان اكثر المصدومين بالوضع في جامع الصاخور هم المؤسسات الحكومية والحزبية التي كانت تدرك ان خطبة واحدة من هذا اللون الجهادي تكفي ليمضي الخطيب بقية عمره في سجون النظام، وأن تتم موجة اعتقالات لأسرته وأصدقاءه ومساعديه والمتصلين به والمتصل بهم والمستمعين لخطبه والمدونين اسمه على دفاتر هواتفهم والناظرين إليه بإحسان.

ولكن شيئا من ذلك لم يحصل وكانت أوقاف حلب ترسل قرارات اقالته كزخ المطر ولكنه سرعان ما يصدر توجيه بعودته إلى مكانه، في ظروف غامضة مشحونة بالأسرار تقبل كل التكهنات.

وكانت خطبة الجمعة في الصاخور فرصة لمشاهدة حدث فريد حيث يشهد الألوف المحتشدون في المسجد وحواشيه خطبة بالغة الحماس يتلوها دعاء انفعالي صاخب على أمريكا والغرب الكافر، ثم يقوم الشيخ في جو هتافات صاخبات بعقد ألوية الجهاد والهتاف للمجاهدين الراحلين إلى أرض الرباط في فلسطين والعراق المحتل، وكان يؤكد في مجالسه الخاصة أنه قام بالفعل بالقتال في العراق مع عدي ابن صدام حسين في إحدى الغزوات ضد الامريكان!!

ولا شك أن الألوية التي عقدها لفلسطين قد تحركت وفق القاعدة العربية البائسة طريق القدس يبدأ من؟؟ وهذه المرة من العراق، حيث كانت السفارة العراقية التي ظلت موالية للبعث في نسخته السورية تخصص بالتعاون مع فرع أمني متخصص باصين اثنين كل أسبوع في معرض دمشق الدولي تحت عناوين زيارات عائلية ودينية وبزنس ولم تكن هذه الباصات إلا مركباً لنقل المقاتلين إلى العراق لمواجهة المشروع الأمريكي.

ألوف الشباب التحقوا بالقتال في العراق، ومع أن التنائج كانت صادمة لكل من توجه للقتال حيث تعرض مئات من الشباب السوري للقتل بدم بارد عبر مافيات متخصصة كانت تعمل في خدمة المشروع الأمريكي وكانت ترى في هؤلاء صحوة بعثية لمؤازرة صدام والعودة إلى العهد البائد.

ولكن المخابرات السورية كانت تمارس لعبة بلا قلب، وبدا بالفعل أن موضوع المقاتلين السوريين والجهاديين القادمين من  مختلف أنحاء العالم ليس إلا مشروع ترحيل للمقاتلين بصيغة ماركة غير مسجلة إلى طاحونة الموت، وكان الهدف الحقيقي هو إحداث فارق على الأرض بواسطة هؤلاء الجهاديين يؤدي إلى إزعاج الأمريكيين وإجبارهم على التفكير بالخروج من العراق، أو على الأقل إلغاء الفكرة الملعونة التي كان اليمين الأمريكي يتبناها دوماً عبر شعار لا معنى للنصر على نصف البعث، ولا بد من ضرب رأس الأفعى في دمشق.

الدور الذي قام به أبو القعقاع كان هاماً جداً بالنسبة للأمن القومي السوري، فقد تمكن الرجل من جمع أصحاب الميول الجهادية من الداخل والخارح، وفي حين كان برنامج المخابرات السورية الزج بهم في السجون، أصبح بالإمكان الآن تطبيق حل أكثر براجماتية وديماغوجية حيث تم الزج بهم في أتون النار، واستخدامهم كقوى عاملة تخدم الأمن القومي السوري عبر تحييد التحدي الأمريكي الحقيقي.

يمكن القول أن البرنامج المخابراتي السوري قد نجح تماماً، وتحولت الجنة التي وعد الأمريكيون بها حلفاءهم في العراق إلى نار من جحيم، ولكن ذلك كان بالطبع وفق لعبة السياسة القذرة في نظم الاستبداد عبر ركام من ضحايا الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا في المكان الخطأ حين اختار القاتلون تنفيذ أكثر العمليات دموية لإقناع الشعب الأمريكي أن قواتهم في العراق قد دخلت في حرب قبلية طائفية لا يد لها فيها ولا سلطان.

خلال لقاءاتنا اللاحقة كان أبو القعقاع يحدثني بزهو عن دوره في تغيير السياسة الأمريكية للاعتداء على سوريا، ولكنه لم يستطع أن يدافع أبداً عن السياسة اللئيمة التي مارسها الجهاز المخابراتي في دفع المحاربين للقتال حتى النهاية، بشرطه الوحيد وهو عدم العودة، حيث كانت مراسم الاحتفاء بالمحاربين العائدين من معارك البطولة ضد الوجود الأمريكي تتم في أقبية المخابرات العسكرية والجوية، وبالوسائل الدموية المعروفة.

ورغم كل المؤشرات ولكن كان من الصعب تصور أن البعث السوري يقود هذا اللون من المقاومة عبر تنظيم القاعدة في العراق الذي كان يعلن كل يوم كفر النظام السوري وإيران ومن والاهما، وكفر الطائفة العلوية التي ينتمي لها الرئيس السوري، حيث كل أدبيات القوم طافحة بإعلان ذلك بشكل لا يحتمل أدنى ىتأويل.

ولكن المقاتلين كانوا يصدمون بالواقع في العراق وبشكل خاص بحجم التأييد لدى قسم كبير من الشعب العراقي للمحتل الأمريكي وإحساسهم بأن القتال يتحول تدريجياً إلى قتال طائفي لا مكان فيه لروح الجهاد ضد الكافر المحتل، وان الأمر يرتبط بإيدولوجيا القاعدة في موقفها من الشيعة (الروافض وفق تسميتهم) الذين يشكلون نصف الشعب العراقي، أكثر مما هو صراع بين محتل كافر وشعب مقاوم، وبالفعل فقد كان كثير من هؤلاء يشعرون بأنهم تعرضوا لخديعة ما ولكنهم حين كانوا يؤوبون عائدين كانوا يفاجؤون مباشرة بأن أسماءهم جاهزة على قوائم الترقب والاعتقال وأصبح واضحاً أنهم مرسلون إلى العراق في رحلة ون وي وبدون تذكرة عودة، وأن عليهم أن يدركوا أن السجن من ورائهم والعدو من أمامهم ولا يوجد شيء آخر إلا القتال حتى الموت.

أصبح أبو القعقاع هدفاً مباشراً لهؤلاء الشباب الذين رأوا فيه محض أجير مخاراتي يورط الناس في السفر للقتال في حين أنه يتابع مهاراته الخطابية في جامع الصاخور لاستجرار شباب آخرين إلى رحلات الموت العابثة…

وظهرت في تلك الفترة دعوات وإعلانات كثيرة على النت للتحذير من عميل المخابرات المحترف أبو القعقاع، وتم تعزيز ذلك بإيراد قوائم طويله من الذين أرسلهم إلى العراق وعادوا مباشرة إلى سجون النظام، وتطور الأمر من حسابات مجهولة على النت إلى بيان واضح ومباشر من تنظيم الإخوان المسلمين بتوقيع البيانوني يؤكد أن الرجل متورط حتى النهاية في عملية مخابراتية سورية مكشوفة.

وفي صيف 2006 قام مجموعة من شباب عربين المراهقين باقتحام سور مبنى الهيئة العامة للاذاعة التلفزيون وتم تبادل إطلاق النار مع مفرزة الحراسة وتمكن الحراس من قتل المجموعة واعتقال عدد من أفرادها وفي المساء كان التلفزيون السوري يعرض ما وجده بحوزة المهاجمين وكان فيها أشرطة خطب لأبي القعقاع تدعو إلى حاكمية الشريعة وتدعو إلى القتال حتى إقامة شرع الله، وحين كنا كمحللين سياسيين نتناوب الحديث عن خطر هذا اللون من التفكير الجهادي العنيف على الوطن، وكان التلفزيون يحذر بشدة من تفكير ابو القعقاع كان أبو القعقاع يلقي خطبة الجمعة في جامع الايمان في حلب الجديدة!! ومع أن التلفزيون عرض بوضوح لهذه الأشرطة ولكن الرجل ظل يلقي خطبة الجمعة المعتادة، في موقف لم يستطع أحد تفسيره على الإطلاق.

وتحت ضغط دولي وعربي وشعبي أوقف النظام هذا اللون من التجييش الجهادي، وانتظم في دوريات مشتركة مع العراقيين لمراقبة الحدود، وخلال شهور قليلة تحول أبو القعقاع الثائر الغيفاري الصاخب، ووكيل الشيخ أسامة بن لادن في سوريا إلى الدكتور محمود قول آغاسي، المحاور الهادئ والمفكر العقلاني المتوازن، وفي يوم واحد رحلت لحيته الطويلة التي كانت أشبه لحية باحمد الِأسير الرهيبة، وحضرت مكانها لحية أنيقة مهذبة تخفي ملامح أكاديمي متخصص، يتحدث عن الإسلام الحضاري المتصالح مع العالم، ويستأنف خطابه الديني في جامع الإيمان بحلب بإدارته الجديدة!!

كان يحدثني آنذاك وملامج الخوف بادية على وجهه، انني مستهدف .. هناك من يزج باسمي في كل قضية تتصل بالارهاب، مع أنني أعلنت للناس نهاية الجهاد في العراق، وأخذت البيعة على أصحابي أن لا ننازع الأمر أهله، لقد كنا في غمار شعبة من جنون الشباب وحان الوقت لنتفهم رسالة الإسلام الحضارية بلغة أكثر تقبلاً لروح الجوار الحضاري.
شخصياً لم استغرب تناقض توجهات الرجل، المولود عام 1973 والذي أصبح رمو الجهاديين في سوريا والعراق قبل أن يبلغ الأربعين، فهو قدر مشى فيه كل شاب متحمس، ولعل نجاحك في تحقيق طموحاتك يؤخر عنك المراجعات التي تنكشف لك عن يقين، كما قال اقبال:

ليس يخفى على القلندر فكر    ساور النشأ ظاهراً أو خفيا

أنا عندي بكل حالك خبر          فبهذا الطريق سرت مليا

 لم يمهله القدر أكثر من ذلك، وبعد اسابيع قليلة 28/9/2007 تقدم منه شخص بكاتم صوت وقتله على مشهد من تلامذته على باب جامع الايمان بعد أدائه لخطبة الجمعة، وصرخ الفاتل إنني أثأر لإخوتي الذين سلَّمتهم للمخابرات، وتم القبض على القاتل وجرى تسليمه خلال أقل من ساعة لأجهزة المخابرات ولا يمكن الخوض بعد ذلك في مصيره إلا عبر تكهنات لا سند لها من الحقيقة.

بوفاته أسدل الستار على جانب هام من الدور السوري في العنف العراقي، وكانت الأمور قد تطورت تماما في أمريكا باتجاه وقف الأحلام التي دفع إليها اليمين الأمريكي لاقتحام سوريا والقضاء على نظامها البعثي، ولم يقم النظام بعد ذلك بإطلاق أبي قعقاع جديد.

ربما تكون هذه المطالعة كافية لرسم ملامح التخادم المؤكد الذي تتناوبه أنظمة الاستبداد والقمع مع التشدد الإسلامي، على الرغم من التناقض التام في الخطابين صيغة وأسلوباً وهدفاً وشعارات.

 *كاتب سوري -نائب سابق في البرلمان السوري 


الخميس، 12 نوفمبر 2015

سؤال المساواة في ميراث المرأة


سؤال المساواة في ميراث المرأة



توطئة:
سبق أن انخرطت في النقاش الذي أثارته توصية المجلس الوطني لحقوق الانسان الداعية إلى المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، وأعود مرة أخرى لأسهم في إثراء نقاش القضية نزولا عند رغبة أخ صديق غال (م. ب. م) ألح علي مشترطا أن يكون التناول تنويريا صِرفاً تعميما للفائدة، وتصحيحا لأفهام المغرر بهم من أبناء المسلمين ممن راحوا يشككون في قيم الإسلام وأسسه، ذلك أن "من الشبهات ... شبهة التمايز بين الرجال والنساء في الميراث، والتي يزعم مثيروها أنها دليل على انتقاص الإسلام من مكانة المرأة وكرامتها، وانتفاء المساواة بين النساء والرجال..."(1)، مستندين في ذلك إلى الاتفاقية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ: 1976.12.18 وما تلاها من توصيات هيئات ومنظمات ومؤتمرات دولية تنهل من الاتفاقية الأم التي تعرِّف مادتها الأولى التمييز ضد المرأة بأنه: "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ... ـ وعليه ـ يجب تساوي الرجل والمرأة في الحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية أو في أي ميدان آخر ...".
محددات الميراث وآلياته:
ليست الذكورة والأنوثة محددا في المواريث، بل تتأسس على ثلاثة معايير:
"أولها: درجة القرابة بين الوارث ـ ذكرا كان أو أنثى ـ وبين المُورِّث ـ المتوفّى ـ فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث.
ثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال... فالأجيال التي تستقبل الحياة عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثِين، فالبنت ترث أكثر من الأم ـ وكلتاهما أنثى ـ بل وترث أكثر من الأب! والابن يرث أكثر من الأب، وكلاهما من الذكور.! (2)
ثالثها: العبء المالي الذي يوجب الشرع على الوارث القيام به حيال الآخرين، وهذا هو المعيار الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، لأن الذكر الوارث هنا ـ في حالة تساوي درجة القرابة والجيل مكلف بإعالة زوجة أنثى ـ بينما الأنثى ـ الوارثة ـ إعالتها فريضة على الذكر المقترن بها ـ وحالات هذا التمييز محدودة جدا (أربع حالات) إذا قيست بعدد حالات المواريث".(3)
2. للمواريث في الإسلام آليتـان: الفرض والتعصيب. فالفرض هو ما أثبته النص القرآني أو السنة النبوية(4)، حيث يحدد نصيب الميراث بالثلثين أو النصف أو الثلث أو الربع أو السدس أو الثمن. أما التعصيب فهو توزيع ما بقي وفضُل ــ إن فضُل ــ عن أصحاب الفروض بين الوارثين، وهو ـ أي التعصيب ـ ثلاثة أنواع:
ــ تعصيب بالنفس: لكل ذكر ليس بينه وبين المتوفّى/المُورِّث أنثى.
ــ تعصيب بالغير: ويكون لأنثى صاحبة نصف إذا اجتمعت مع وارث بالتعصيب بالنفس.
ــ تعصيب مع الغير: لا يكون إلا لأنثى مع أنثى.
وضعيات ميراث المرأة:
بعد هذه التأطير التأسيسي لموضوع ميراث المرأة في الإسلام نعرض بكثير من الإيجاز الحالات المختلفة لميراث المرأة، وهي أربع:
أولا: الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل، وهي أربعة ـ فقط ـ وتقتضي:
وجود البنت مع الابن، لقوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين"
وجود الأب مع الأم ولا يوجد أولاد ولا زوج ولا زوجة، لقوله تعالى: "فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث".
وجود الأخت الشقيقة أو الأب مع الأخ الشقيق أو الأب، لقوله تعلى: "وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين".
حالات حظ الأنثيين، لقوله تعالى: "ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين".
ثانيا: ما الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل فتتجلى في خمس حالات من أبرزها:
ميراث الأب مع الأم مع وجود ولد ذكر أو بنت أو بنتين أو أكثر، مع التنبيه إلى تسجيل:
ـ تساوي الأب والأم مع وجود بنت إذا كان المتوفى امرأة.
ـ تنال الجدة مثل الأب مع كونها جدة للأم مع كونها أبعد من المتوفى.
ميراث الإخوة لأم مع الأخوات لأم، لقوله تعالى: "وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منها السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث".
تساوي الرجل والمرأة عند انفراد أحدهما بالتركة.
ثالثا: الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:
ترث المرأة عموما بالفرض أكثر من الرجل، وللتدقيق نورد هذا التصنيف من أجل المزيد من التوضيح:
الثلثان أكبر فرض تحظى به المرأة دون الرجل.
النصف يظفر به الرجل الزوج في حالة غياب فرع وارث، وهي حالة نادرة، ويبقى للمرأة في أربع حالات.
الثلث تناله اثنتان من النساء: الأم والأخوات، ولا يناله الإخوة لأم إلا في حالة عدم وجود فرع وارث أو وجد أخ لأم مع أخت لأم. (لاحظ التنصيص على المرأة كشرط ليستفيد الرجل)
السدس يذهب لخمسة من أصل ثمانية للمرأة.
الربع يستفيد منه الرجل/الزوج إذا وجد فرع وارث للزوجة، ويذهب للمرأة/الزوجة بنفس الشروط.
الثمن تناله المرأة/الزوجة إذا وجد فرع وارث للرجل/الزوج.
مما سبق، يتضح أن المرأة ترث في سبع عشرة (17) حالة، مقابل ست (06) حالات للرجل، وهذا يعني أن المرأة ترث من الرجل أكثر مما يرث منها.
رابعا: الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل: تتعدد الحالات وتبقى أبرزها حالة ميراث الجدة دون الجد. وللإشارة فميراث الجدة هو الذي تفردت بتحديده السنة النبوية دون بقية الفروض التي تم التنصيص عليها في آيات الإرث في سورة النساء.
خلاصـات:
إن منظومة الإرث تُحصي أكثر من ثلاثين (30) حالة تتساوى فيها المرأة والرجل، وعشر (10) حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحالات ترث فيها المرأة دون الرجل، مقابل أربع (04) حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل "إذا تضاعفت أوجه كفالتها بشكل يجعلها في مأمن من العوز والحاجة...".(5)
إن منظومة الإرث شرعٌ إلهيٌّ مقصده صيانة كرامة الانسان بصرف النظر عن جنسه وضمان أسباب هذه الكرامة بتوزيع عادل للثروة مع تمييز إيجابي لصالح المرأة، "لا ظلما للذكر، وإنما لتكون للأنثى ذمة مالية تحميها من طوارئ الأزمان والأحداث وعاديات الاستضعاف"(6)؛ تمييز إيجابي لصالح المرأة يمكنها من الاستقلال المالي ويجعلها "أحظى منه ـ الرجل ـ مراعاة لضعفها عن مسايرة الرجل في التكسب والتربح...".(7)
2. إذا كان الانسان عدو ما يجهل ـ إذا سلِمت النوايا ـ فإن اللائمة لا تقع على دعاة إنصاف المرأة وتساويها مع الرجل في الإرث موظفين توظيفا انتقائيا النصوص القرآنية لحالات معينة في موضوع ميراث المرأة للاستدلال ـ من غير وجه حق ـ على انتقاص الإسلام من مكانة المرأة وتحقيرها، بل اللائمة تقع على الهيئات والمجالس الإسلامية الرسمية والمراكز البحثية وعموم علماء المسلمين ومفكريهم الذين لم يأخذوا على عاتقهم التعريف بالإسلام رسالة للعالمين ومنظومة قيم وميثاقا للتعاون والسلم العالميين، ولو فعلوا لهللت البشرية لعدالة الإسلام وسمو مبادئه ورحبت به ــ عوض معاداته عن جهل ــ مشروع عمران أخوي بديلا لواقع الصراع والتطاحن.
3. لعل من حسنات توصية المجلس الوطني لحقوق الانسان، أن حفزت على البحث والتنقيب في موضوع يعتبر الإلمام به فرض كفاية، وإن كان لا يليق بهذه الهيئة إصدار هكذا توصية/زوبعة قبل البحث والتروي. وكما يقال: "رب ضارة نافعة". وصدق الله العظيم إذ يقول: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"(8). والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
1د. محمد عمارة في تقديمه لكتاب "ميراث المرأة وقضية المساواة" للدكتور صلاح الدين سلطان ص: 3 وما بعدها.
2شارة لطيفة في تقديم جيل الأبناء على جيل الأمهات والآباء في الميراث، إنها مستقبلية الإسلام.
3نفسه ص:4
4حُددت الفروض في آيتي الإرث (12،11) من سورة النساء ما عدا ميراث الجدة الذي حددته السنة النبوية.
5"ميراث المرأة وقضية المساواة" للدكتور صلاح الدين سلطان ص:12
6الدكتور محمد عمارة في تقديمه لكتاب "ميراث المرأة وقضية المساواة" للدكتور صلاح الدين سلطان ص:5
7"ميراث المرأة وقضية المساواة" للدكتور صلاح الدين سلطان ص:12
8سورة البقرة: 214

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

الارث في الاسلام عند العلمانين المغاربة تكتيكا ام تقية ?

Résultat de recherche d'images pour "mecque"

بقلم / موسى المصلح 
أعاد  العلمانيون كعادتهم  قضية الإرث في التشريع الإسلامي الى الواجهة, ليس حبا في الدين و لا راقه بالمؤمنين , وإنما في محاولة يائسة  أخرى لقض بنايته ونحر أسسه على معبد العلمانية.  ودلك بالمطالبة  بتعطيل النص ألقراني القطعي الدلالة   " يوصيكم الله في أولادكم  للذكر  مثل حظ الأنثيين"  تجرءا على الله وعلى دينه وشريعته. و محاولة إيقاد فتنة    قد لا تبقي ولا تدر  من استقرار  وامن هدا الوطن,  الذي  قبلت غالبيته العظمي بالله ربا وبمحمد نبيا و بالإسلام دينا و   قوامه البيعة وإمارة المؤمنين .
واد نعجب من تجرؤ هؤلاء  على الله أولا. ونصبهم  أوصياء على غالبية شعب يؤمن بان  ليس له الخيرة في ما قضى الله ورسوله.   شعب قاصر في نظرهم.  يجب أن يعيش دينه ومعتقده  حسب أهواء ومزاج هؤلاء المارقين . ندعوهم لاستعمال جرأتهم وتبجحهم ورفع عقيرتهم بالمطالبة جهرا ودون تقية بما يلي .
-أن  تسقط من مدونة الأسرة كل  الأحكام التي تشير إلى قوامة الرجل على المرأة , من   مهر وسكن ونفقة  وعقد نكاح . وكل ما يلزم به الرجل من نفقات و متطلبات  الحياة الزوجية.  وان تستبدل  بوثيقة إدارية  تسلمها السلطة المحلية  دون مهر او إشهاد أو ولي .
-حرية المعاشرة بين الرجال والنساء  دون قيد أو شرط.  وتشريع زواج الشواذ أسوة بدول الغرب .
- تعطيل كل القوانين والنظم التي يشتم فيها رائحة التشريع الإسلامي  وإحلال  القانون الوضعي محلها . وإلغاء كل التقاليد والأعراف الدينية المعمول بها في كل مجالات الحياة , بما في دلك  تقاليد البيعة والحكم. واستبدالها يعقد اجتماعي على مذهب جان جاك روسو  .
-خروج المغرب من كل المنظمات والمؤتمرات الإسلامية التي يشغل فيها مقعدا  أو يشرف على رئاستها .
-إلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية   من هرم الدولة  والاكتفاء بجمعيات  تسير المساجد خارج الإطار الرسمي للدولة  .مع  سن قوانين تمنع الأذان ورفع المآذن .والتشدد في منح رخص بناء المساجد والتضييق على مرتديها  .
- ترخيص مهن الدعارة وبيع المخدرات وعدم تجريم  مستعمليها .
-تشجيع انتشار الخمارات وملاهي الرقص والمجون داخل الإحياء الشعبية    بالدعم والتحفيز الضريبي ,  حتى لا يبقى   احد من الشباب يضع جبهته على الأرض .
- تقييد الإعلام الديني  ومنع البرامج الدينية وكل ما له صله بالدين من قريب أو بعيد وتشجيع إنتاج أفلام الخلاعة وبتها مرة في الأسبوع  على القنوات الرسمية أسوة بدول الغرب  .
-إلغاء  كل العطل والأعياد  الدينية   ومنع  ذبح الأضحية .
-هدم كل الزوايا   والأضرحة  على النهج الاتاتوركي  ومنع ارتداء الحجاب أو كل ما له صلة  بالدين الإسلامي  .

وبعد ان جهرنا بما يهمس به العلمانيون " الحداثيون"  في السر  في جبن ومكر. نذكرهم أن هناك قانونا  فيزيائيا   يقول   بالكل أو لاشيء . والإسلام يجري عليه هدا القانون كباقي الديانات السماوية الأخرى . فإما أن تأخذه كله أو تتركه كله . فكما لا يصح أن تنازل خصمك  على رقعة شطرنج  بقانون لعبة الطاولة  لا يمكنك  التعامل مع الدين الإسلامي بقانون ونظم العلمانية.وبما أن الغالبية العظمى من المغاربة محافظون على دينهم  ومذهبهم  المالكي. و بما أن  لا احد اجبر هؤلاء العلمانيون على اعتناق هدا الدين ولا السير على نهجه وطريقته  بحيث هم أحرار أن يعلنوا ارتدادهم عن الدين ,والتشبث بعقيدتهم العلمانية أمام المحاكم  الشرعية, كلما اقتضى الحال , حتى تسقط عنهم تكاليف هدا الدين الحنيف. ويفعلوا في أنفسهم وارثهم ما يشاءون . ندعوهم في اطار الحرية التي يتبجحوا بها  زورا وبهتانا ان يتركوا المغاربة المتدينين  يفعلوا ما يمليهم عليهم دينهم الذي ارتضاه الله لهم. وان لا ينصبوا أنفسهم أولياء عليهم.  فهم ليسو قاصرين ولا ناقصي أهلية .  فهل ينزع علمانيو المغرب طاقية التقية ويجهروا بما يسرون ويكشفوا لنا حنة أيديهم ? .دلك ما لن يجرؤوا عليه أبدا و"الميه تكذب الغطاس" كما يقول المصريون   .  

الخميس، 29 أكتوبر 2015

التمزغويون واحصاء 2014 بين الرفض والقبول

Résultat de recherche d'images pour "image  de l(IRCAM  au maroc"
بقلم موسى المصلح 
الإحصاء الأخير الذي  اجري في 2014  اثأر   حنق  التمزغويين  في المغرب  وجن جنونهم .  رفضوا نتائج الإحصاء  جملة وتفصيلا   ونادوا بالويل والثبور  على المندوبية السامية للإحصاء  وطالبوا برحيل السيد الحليمي  المندوب السامي للتخطيط فورا  لا لشيء إلا  لكون الأرقام والمعطيات الإحصائية جاءت عكس ما يتمنون  .فقد   كشفت الإحصائيات    أن   ما يسمى"بالامازيغ  "   المتكلمين باللهجات  البربرية  هم أقلية    بالمقارنة مع  الناطقين باللغة العربية . معضدة ما جاء في  إحصاء  2004 ومظهرة   تراجعا  في العدد  من  28.3  في المائة الى 26.7 في المائة  .
  انقسم التمزغوييون إلى  فرق  .
   فريق يقول بوجوب الاعتراف بنتائج  الإحصاء والاستفادة من ما نشر من معطيات إحصائية قصد الاستفادة من وضعية الأقليات   وما تمنحهم من  حقوق  لغوية ووطنية .
   وفريق يقر بنتائج الإحصاء و يركز على أن   كل المغاربة هم امازيغ تعربوا  وانه من الواجب  إرغامهم  على  الرجوع  إلى" لغتهم إلام ".
    وفريق ثالث  رفض نتائج الانتخابات وشكك في مصداقيتها بل منهم من اعتبر الإحصاء مؤامرة دبرت بعناية لطمس هوية وأصول شعب بكامله .
  وهدا يطرح عدة إشكالات
   المشكلة الأولى   أن التمزغويين   يدعون عرقا جامعا وصافيا  لا وجود له  إلا في مخيلتهم .  وكان المغرب عبر العصور كان  فضاء  مغلقا  , لم يطأه غازيا  ولا قوافل  تجار  و مهاجرين ولا مستوطنين من مختلف الأقطار . بالرغم  من  الآثار الكثيرة الشاهدة على  مرور  العديد من  الأعراق والأجناس  وتوالي  الغزاة  من فينيقيين ووندال و رومان و  عرب وأفارقة زنوج.   و سنين طويلة  من الاحتلال الأوروبي  الممثل في  الغزو  البرتغالي  الذي شيد  مدنا وحصونا ومواني ومراكز تجارة على امتداد الساحل الأطلنطي  . وكذلك شان  الغزو الاسباني  مرورا بالاستعمار الفرنسي .  كل هده الحقب   التاريخية بتفاعلاتها و حركتيها  لم تطل هدا العرق ولم تؤثر في نقاءه وصفائه  .
  المشكلة الثانية أن  هم يدعون أن  " اللغة الامازيغية "  كانت سائدة ومنتشرة    في جميع قرى المغرب ومدا شره إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي     فبدر  بدرة  تعريب الامازيغ للقضاء على لغتهم وثقافتهم . ووضع سياسة سارت عليها الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال.  لنصل إلى النتائج التي افرزها  الإحصاء الأخير.  وتناسوا أن هده اللغة التي يتكلمون عنها  لا توجد ولم توجد قط  وإنما هي لهجات كثيرة ومتعددة  لا نعرف   لها شواهد  آو مخطوطات تدل على أصالتها و صيرورتها . ولا ندري إن كانت هده اللهجات هي التي  تكلمها البربر بمفرداتها وصيغها    الحديثة  ولو إلى زمن قريب منا .
المشكلة الثالثة  إن نتائج الإحصاء  قد أماطت اللثام عن معضلة  ليست بالهينة  .  فمن بين اللهجات  الثلاث  المعتبرة   والمختلفة  لحد انعدام التوصل لا تتواجد    إلا في 3 جهات  من 12 جهة. وبنسب  تقل عن النصف في جهتين .  وبنسب عامة ضعيفة   15 و7 و4 في المائة من عدد السكان .ورغم هده  الحقيقة المدلهة فقد حوى  دستور2011  بين  بنوده دسترة  اللغة  الامازيغية  كلغة ثانية بعد اللغة العربية . والعزم معقود على  تعميمها  وتفعيلها  لتشمل كل مناحي  الحياة,  بمفردات وصيغ  لا يفهمها, بحسب الإحصاء  الاخير ,الا  8.5  من السكان . وبحروف  يحل شفرتها  اقل من 1 في المائة .
فهل تدفع   نتائج الإحصاء الأخير   السلطات والفاعلين  في المجال  إلى   إعادة  النظر  في دستورية هده اللغة  الشبح .  والاعتراف بلهجات وطنية محلية والعمل على الحفاظ عليها كموروث شفوي  أم أنهم  سيتمادون في سياسة المداهنة و  يخفون رؤوسهم في التراب حتى تختمر لغة الاركام المعيارية المخبرية   ثم يفرضون تعليمها قسرا  على 70 في المائة من المغاربة  متناسين انه لم يثبت في التاريخ إن  شعبا  تكلم لغة  طبخت في  مختبر لغات   مهما بلغت عبقرية لسانيي وعلماء اللغة في هدا المختبر .