الخميس، 29 أكتوبر 2015

التمزغويون واحصاء 2014 بين الرفض والقبول

Résultat de recherche d'images pour "image  de l(IRCAM  au maroc"
بقلم موسى المصلح 
الإحصاء الأخير الذي  اجري في 2014  اثأر   حنق  التمزغويين  في المغرب  وجن جنونهم .  رفضوا نتائج الإحصاء  جملة وتفصيلا   ونادوا بالويل والثبور  على المندوبية السامية للإحصاء  وطالبوا برحيل السيد الحليمي  المندوب السامي للتخطيط فورا  لا لشيء إلا  لكون الأرقام والمعطيات الإحصائية جاءت عكس ما يتمنون  .فقد   كشفت الإحصائيات    أن   ما يسمى"بالامازيغ  "   المتكلمين باللهجات  البربرية  هم أقلية    بالمقارنة مع  الناطقين باللغة العربية . معضدة ما جاء في  إحصاء  2004 ومظهرة   تراجعا  في العدد  من  28.3  في المائة الى 26.7 في المائة  .
  انقسم التمزغوييون إلى  فرق  .
   فريق يقول بوجوب الاعتراف بنتائج  الإحصاء والاستفادة من ما نشر من معطيات إحصائية قصد الاستفادة من وضعية الأقليات   وما تمنحهم من  حقوق  لغوية ووطنية .
   وفريق يقر بنتائج الإحصاء و يركز على أن   كل المغاربة هم امازيغ تعربوا  وانه من الواجب  إرغامهم  على  الرجوع  إلى" لغتهم إلام ".
    وفريق ثالث  رفض نتائج الانتخابات وشكك في مصداقيتها بل منهم من اعتبر الإحصاء مؤامرة دبرت بعناية لطمس هوية وأصول شعب بكامله .
  وهدا يطرح عدة إشكالات
   المشكلة الأولى   أن التمزغويين   يدعون عرقا جامعا وصافيا  لا وجود له  إلا في مخيلتهم .  وكان المغرب عبر العصور كان  فضاء  مغلقا  , لم يطأه غازيا  ولا قوافل  تجار  و مهاجرين ولا مستوطنين من مختلف الأقطار . بالرغم  من  الآثار الكثيرة الشاهدة على  مرور  العديد من  الأعراق والأجناس  وتوالي  الغزاة  من فينيقيين ووندال و رومان و  عرب وأفارقة زنوج.   و سنين طويلة  من الاحتلال الأوروبي  الممثل في  الغزو  البرتغالي  الذي شيد  مدنا وحصونا ومواني ومراكز تجارة على امتداد الساحل الأطلنطي  . وكذلك شان  الغزو الاسباني  مرورا بالاستعمار الفرنسي .  كل هده الحقب   التاريخية بتفاعلاتها و حركتيها  لم تطل هدا العرق ولم تؤثر في نقاءه وصفائه  .
  المشكلة الثانية أن  هم يدعون أن  " اللغة الامازيغية "  كانت سائدة ومنتشرة    في جميع قرى المغرب ومدا شره إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي     فبدر  بدرة  تعريب الامازيغ للقضاء على لغتهم وثقافتهم . ووضع سياسة سارت عليها الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال.  لنصل إلى النتائج التي افرزها  الإحصاء الأخير.  وتناسوا أن هده اللغة التي يتكلمون عنها  لا توجد ولم توجد قط  وإنما هي لهجات كثيرة ومتعددة  لا نعرف   لها شواهد  آو مخطوطات تدل على أصالتها و صيرورتها . ولا ندري إن كانت هده اللهجات هي التي  تكلمها البربر بمفرداتها وصيغها    الحديثة  ولو إلى زمن قريب منا .
المشكلة الثالثة  إن نتائج الإحصاء  قد أماطت اللثام عن معضلة  ليست بالهينة  .  فمن بين اللهجات  الثلاث  المعتبرة   والمختلفة  لحد انعدام التوصل لا تتواجد    إلا في 3 جهات  من 12 جهة. وبنسب  تقل عن النصف في جهتين .  وبنسب عامة ضعيفة   15 و7 و4 في المائة من عدد السكان .ورغم هده  الحقيقة المدلهة فقد حوى  دستور2011  بين  بنوده دسترة  اللغة  الامازيغية  كلغة ثانية بعد اللغة العربية . والعزم معقود على  تعميمها  وتفعيلها  لتشمل كل مناحي  الحياة,  بمفردات وصيغ  لا يفهمها, بحسب الإحصاء  الاخير ,الا  8.5  من السكان . وبحروف  يحل شفرتها  اقل من 1 في المائة .
فهل تدفع   نتائج الإحصاء الأخير   السلطات والفاعلين  في المجال  إلى   إعادة  النظر  في دستورية هده اللغة  الشبح .  والاعتراف بلهجات وطنية محلية والعمل على الحفاظ عليها كموروث شفوي  أم أنهم  سيتمادون في سياسة المداهنة و  يخفون رؤوسهم في التراب حتى تختمر لغة الاركام المعيارية المخبرية   ثم يفرضون تعليمها قسرا  على 70 في المائة من المغاربة  متناسين انه لم يثبت في التاريخ إن  شعبا  تكلم لغة  طبخت في  مختبر لغات   مهما بلغت عبقرية لسانيي وعلماء اللغة في هدا المختبر .

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

أكذوبة المساواة وقضية الارث


أكذوبة المساواة وقضية الارث



إن الخلاف حول قضية المرأة والأسرة بصفة عامة ليس حول مبدأ تغيير الوضعية كما يحاول البعض أن يوهم بذلك، وبين من يريد الإبقاء على الوضع وتكريس الأزمة، لكن الخلاف مرجعي بالأساس، وهو خلاف قائم من جهة بين من ينطلق من مرجعية إسلامية ذات نظرة تكاملية وشاملة للفرد والأسرة والمجتمع، القائمة على التكامل والود والرحمة، لا على الصراع والاستبداد والتسلط، وبين من يريد من جهة أخرى أن ينطلق من مرجعية وضعية غربية تنعت بالكونية، ونموذج اجتماعي يستجيب لإملاءات خارجية دولية، دون اعتبار لأحكام الشريعة الثابتة بنصوص قطعية الدلالة والثبوت ومقاصدها السامية المبنية على العدل والإنصاف ، متخذين مصطلحات ومفاهيم مضللة مستعارة من المنظومة الفقهية الإسلامية كالاجتهاد والتأويل، والمساواة، والمقاصد والمصلحة، كإطار منهجي يتم إفراغه من مضمونه وإعطائه حمولة ومحتوى آخر لإضفاء الصبغة الشرعية على مقررات وبنود الاتفاقيات الدولية ومقررات المؤتمرات النسائية التي تتعارض مع أحكام الشريعة وخصوصيات المجتمع المغربي.
الكوطا ونظام الحصص للنساء ينافي المساواة.
إن الوجه الحقيقي لهذا الإجراء يتنافي كليا عن "المساواة" التي ينادي به التيار الغربي التغريبي وهو في الواقع "ديكتاتورية المرأة" وإن كان يعبر عن مبدأ نبيل وهو "الأخذ بيد المرأة لتتمكن من أخذ فرصها في الحياة"، وتمكين المرأة في "ثقافة النوع" لا يتم من خلال دفعها وإعطائها الكفاءة اللازمة للوصول إلى ما تطمح إليه بالأدوات الطبيعية للمنافسة الشفافة المبنية على الكفاءة والخبرة وتكافؤ الفرص، بقدر ما يتم من خلال تطبيق (الحصص النسبية) تحت شعار المناصفة (نصف الرجال مقابل نصف النساء) في كل المجالات، وبهذا يكون العد الإحصائي هو الهم الشاغل لمفكري "ثقافة النوع"...
وهذا ليس فقط "دكتاتورية" يحاول بها التيار النسوي ابتزاز المجتمع لكن أيضا هو تسول وانتهازية غير مقبولة للمرأة ذات الكرامة لتنال ما لا تستحقه، ونظام "الحصص والمناصفة المخصص للنساء" يعتبر ترجمة حرفية لبنود وثيقة مؤتمر بكين وقبله مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة تحت عنون "التمكين الذاتي للنساء".
فهذا الاجراء "نظام الحصص" منبعه _كما جاء في تحرير المرأة العربية: فلسفة الجندر نموذجا ص: 535_"عقدة اضطهاد واضحة ونظرية مؤامرات مخترعة تتوارى خلفها المرأة الكسولة التي لا طموح لها، والتي على الرغم من خمولها تسعى لنيل الوظائف عن طريق الحصص هذه، والناظر لنظام الحصص هذا يجد أنه ليس فقط معيبا للمرأة ومشجعا إياها على الخمول وانعدام الطموح، ولكن أيضا دمار للوطن، حيث يتولى قيادته من لا كفاءة ولا خبرة ولا مطامح..." ويضرب في العمق العملية الديمقراطية ومبدأ التكافؤ وإلغاء التميز.
قضية الإرث ودعوى المساواة
إن المقاربة "المساواتية" لا وجود لها في مدونة الأسرة إطلاقا، ويستعملها الفريق الذي ينادي بها كعصا يتوكأ عليها عند الإفلاس الفكري أو السياسي ولهم فيها مآرب أخرى، ولو كان الطرف الداعي إلى المساواة وإلغاء التمييز ضد المرأة صادقا في دعواه لتطبيق "المساواة في الإرث" لبدأ بتسوية مظاهر التميز والقضاء عليها من بداية "المدونة"، فالمدونة كلها يجب أن تلغى وتحل محلها مدونة أخرى جديدة يتوافق عليها الجميع، وهذا يحتاج إلى الصراحة من الداعين للمساواة، فمن مظاهر عدم المساواة: الصداق، الزواج بغير المسلم، التعدد، النفقة أثناء قيام الزوجية، أثار الطلاق من متعة ونفقات السكنى والحضانة كلها على الرجل .... فقضية الإرث ما هي إلا مزايدات، لأن المشكل ليس في عدم إنصاف الشريعة للمرأة وهزالة نصيبها، بل الإشكال في بعض العادات الجاهلية المنتشرة في المجتمع تحرم المرأة من حقها المحدد لها شرعا.
إن المتتبع لأحكام الإرث عن طريق الاستقراء سيصل إلى حقيقة مفادها أن التمايز في الميراث لا تحكمه الذكورة والأنوثة، لتطبيق "مقاربة النوع" للاستدراك، بل هو محكوم بمعايير تتمثل:
أولا: في درجة القرابة بين الهالك والوارث بغض النظر عن الجنس (ذكر/أنثى) ولذلك نجد أن حظ الوارث القريب من الهالك أوفر من الوارث البعيد.
ثانيا: موقع الوارث من أجيال الورثة، فالوارث الذي يستقبل الحياة أوفر حظا من الذي يستدبرها (الابن/الأب_الأم / البنت....)
ثالثا: النفقة التي يوجبها الشرع على الوارث تجاه الآخرين (الواجبات يقابلها حقوق) فالذكر كيف ما كان موقعه مكلف بالإنفاق، أما الأنثى فلا تجب النفقة عليها حتى على نفسها. ونفقة الذكر الواجبة على الأب تتوقف بمجرد بلوغه سن الرشد، أما نفقة الأنثى فتجب على الأب إلى يوم الزواج وإذ قدر لها الفشل في حياتها الزوجية فيرجع واجب النفقة عليها ليقع من جديد على أبيها.
وهذه المعايير هي التي اثمرت التفاوت بين الورثة بصفة عامة وبين الذكور والاناث في حالات محدودة لا تتجاوز أربع حالات بالاستقراء بناء على قوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" النسا: 11.
وتتمثل حالات التفضيل فيما يلي:
البنوة: الابن وإن نزل: 2 البنت وان نزلت: 1
الأبوة: الأب: الباقي بالتعصيب 2 الأم: الثلث: 1
الأخوة: أخ شقيق أو لأب: 2 أخت شقيقة أو لأب: 1
الزوجية: النصف أو الربع 2 الزوجة الربع أو الثمن: 1 ويستحيل أن يلتقي الزوج والزوجة في فريضة واحدة، إذ لابد أن يتوفى أحدهما ليرثه أآخر.
أما حالات المماثلة فهي ضعف هذه الحالات (مثلا: الزوج: النصف 1، الأخ ش: ما بقي بالتعصيب: 1/ الزوج: النصف واحد، الأخت ش: النصف واحد)، والحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل تتجاوز عشر حالات (مثلا: زوج: النصف: اختان ش الثلثان، بينما الأخوان الشقيقان يرثان بالتعصيب: النصف، فالثلثان أكبر من التعصيب النصف) ، كما أن هناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل (زوج: النصف: 3، أخت ش: النصف:3، اخت لأب السدس:1 فيها عول أصل الفريضة: 7/ زوج: النصف: 1 الأخت ش النصف:1، الأخ لأب الباقي تعصيبا:0).
وبناء على ما سبق فأحكام الإرث جاءت منصفة للمرأة ووفرت لها الحماية وضمنت لها حقها، ويجب أن نعتمد مقاربة شاملة للموضوع ونستقرأ جميع حالات الإرث قبل أن نصدر أحكاما نتهم فيها نصوصا شرعية بالقصور ونسعي لنسوغ للاجتهاد مع كون قضايا الإرث محسومة بشكل قطعي بنص قراني.
وللإشارة فتشريعات الإرث ليست ملزمة للمعنين إذا تراضوا على قسمة معينة تحظى بقبول الجميع وهي ما يطلق عليها القسمة الرضائية. وعند النزاع وعدم رضا الجميع أو بعض الورثة تطبق الأحكام الواردة في آيات الإرث وجوبا، .كما يمكن لأحد الورثة أن يتنازل عن حقه طواعية لأحد الورثة أو للجميع ويتحاصصوا فيه، لكن لا يمكن لأحد أن يقصيه من الإرث.
الاجتهاد مع وجود النص:
إن الاستدلال بفتاوى الفقهاء في "الكد والسعاية" لتسويغ الاجتهاد مع وجود النص لتجاوزه في قضايا الإرث لا يستقيم، فنوازل الفقهاء لا يفهم منها أن المال المتخلف عن الهالك يقسم كله على السعاة ومن لهم حق الكد والسعاية، ولا يترك لورثة الهالك شيء، بل المستفاد من ذلك أن الذين أسهموا في جمع الثروة وتنميتها لهم جزء منها على قدر عملهم ومجهودهم في تحصيلها، وما بقي يكون لورثة الهالك، نظير اخراج الزكاة والحقوق المتعلقة بالتركة أولا، قال أحمد بن سليمان الرسموكي:
"يخرج من تركة الذي هلك حق تعلق ببعض ما ترك".
فحقوق السعاة (زوجة/ابناء/اخوان/اجانب)من الحقوق المتعلقة بالتركة، واخراجها لا يعد مخالفا للقسمة الإلهية التي فرضها الله عزوجل، لأن ما يأخذونه هو حقهم، فيقدمون ثم ما فضل يدفع للورثة ويقتسمونه وفق أحكام الشرع.
ولا علاقة للفتاوى عن منح السعاة (زوجة كانت أو غيرها) ممن ثبت أنه اسهم في الثروة نصف الأموال التي يملكها الزوج الهالك بشكل مطرد، ولا تشكل اجتهادا مع النص وتجاوزه كما يدعي البعض ويريد أن يؤصل له، وإنما الفتاوى تتعلق بجزء معلوم من المال كان للمرأة أو لغيرها نصيب من العمل في تحصيله.
*استاذ باحث في قضايا الأسرة

الجمعة، 9 أكتوبر 2015

اللغة هي الوطن


عبد الصمد بنشريف

بقلم : عبد الصمد بنشريف
من أجل إحداث لجنة وطنية للوقاية من حوادث اللغة
“نعم لدي وطن :اللغة الفرنسية” هذه العبارة الشهيرة لم ينطق بها سوى كاتب ملأت شهرته الآفاق ،وترك بصمات واضحة في المتن الروائي الفرنسي ،بحكم تضلعه وسيطرته على اللغة والصناعة السردية وبحكم رؤيته الفلسفية العميقة والقلقة ،انه الكاتب التراجيدي ألبير كامي .نفس العبارة استعارها منه الكاتب والصحافي جون دنييل عميد الصحافة الفرنسية ومؤسس ومدير مجلة نوفل أوبسرفاتور عندما حرر افتتاحية في الأسبوع الأخير من شهر أبريل 2015 بعنوان “اللغة وطننا”. وأن يختزل دانييل الحكيم والممتلئ فكرا وفلسفة وقيما يسارية الوطن في اللغة ويجعل هذه الأخيرة رديفا للوجود التاريخي والجغرافي والمادي والرمزي والحضاري والثقافي والبشري ،معناه أن مجد فرنسا وكيانها وكينونتها وجاذبيتها والقها وأنوارها و مذاهب فلاسفتها ومشاكسات شعرائها وانزياحات فنانيها ووهج نسائها وعبقرية أمكنتها وخصوصية جغرافيتها السياسية ورصانة مؤسساتها وخصوبة دساتيرها وثراء قوانينها وعلو كعب علمائها وباحثيها وشهرة أعلامها وتنوع إعلامها ،ممتن ومدين للغة الفرنسية ،حتى ولو كان الفرنسيون يدركون وهم على حق ، أن اللغة الإنجليزية هي لغة مشتركة بين العلماء في جميع أنحاء العالم، والغالبية العظمى من المنشورات والمؤتمرات العلمية. تتم بلغة شكسبير بل أكثر من ذلك أصبحت اللغة الإنجليزية لغة السينما و الفن والإعلانات والرياضة ويشاهدها الفرنسيون كل يوم على شاشات تلفزيوناتهم،.
بدون شك الكبرياء والتاريخ والكرامة والهوية ،عناصر تدفع جميع الأمم إلى التشبث بلغتها والتفاخر بمنجزاتها في شتى مجالات وحقول المعرفة ،واعتقد أن القراء و فئات واسعة من المواطنين المغاربة لهم ما يكفي من الذكاء والغيرة والوطنية والحكمة والروية ليحكموا على بعض السلوكات اللغوية الشاذة والمواقف التي تسجل وتنشر في بلد دستوره ينص في الفصل الخامس بكل وضوح على أن العربية والأمازيغية لغتين رسميتين للبلاد .بكل صراحة من يخل بروح الدستور يسعى إلى الفتنة اللغوية وإلى خلق حالة من التشظي والانفصام والاستلاب ،وتوفير شروط احتقان آو انفجار هوياتي نحن في غنى عنه.وهي مواقف يحركها منطق مصالح ذاتية وضيقة لها بعد سيكولوجي وثقافي استلابي، ومرتبطة أحببنا أم كرهنا بلوبي مهيكل ومنظم له مصالح مادية مباشرة من خلال استعمال الدراجة بشكل ساقط وفج وسوقي ومنفر و متماهي بشكل متطرف مع كل ماهو فرنسي. أين القوانين؟ أين أحكام الدستور ؟ أين الأحزاب؟ أين النخب ؟أين العلماء ؟ أين المجتمع المدني؟ أين الجامعات؟ أين النقابات؟ .أين الحكومة ؟.انظروا إلى المسخ اللغوي العام الذي أصبح يؤثث الشوارع والفضاءات الحيوية .إعلانات وملصقات بلغة منحطة لا هوية لها ولا أصل ولافصل .يقولون عنها إنها الدراجة المغربية . علما أنها هجانة لغوية سوقية ربحية . أليس هناك من يحاسب منتجوها .كل يوم اشعر بالصدمة وانأ أشاهد بعض البرامج المصحوبة بترجمة غريبة لا يمكن أن يقبلها عقل سليم أو منطق مهني يقظ.هناك توجه عارم لتدمير واستئصال العربية النقية والجميلة والراقية ،.ومهندسو هذا الاستئصال الذين يدعون الدفاع عن الدارجة،هم أصلا لا يتحدثون بها وأتحداهم على هذا المستوى ،فهم يجدون متعة استثنائية ولذة وبهجة ومتعة وهم يتحدثون بالفرنسية .أنا لست غريبا عنهم أجالسهم وأحتك بهم وأعرفهم جيدا.وحتى لايفهم من كلامي أنني شوفيني ومتعصب للعربية .أقول لمن يحملون قنابل موقوقة في أذهانهم واستيهاماتهم الثقافية واللغوية ،إنني أقرا باللغة الفرنسية أكثر مما أقرا بالعربية ولدي آخر الإصدارات.
ولتتبدد غيوم الشك التي تجثم على عقول الذين لقحوا ضد العربية أسرد لهم المجلات التي أقراها يوميا وأسبوعيا وشهريا “-paris Match -le nouvel observateur-Marianne-le monde diplomatique –philosophie- esprit وبطبيعة الحال اقرآ يوميا صحيفة لوموند .و أتابع أغلب النقاشات في القنوات والإذاعات الفرنسية ففي كل صبيحة أتجول بين عدة قنوات وإذاعات ،وأشارك بمداخلات باللغة الفرنسية عندما يقتضي الأمر ذلك .وكما أحب العربية أحب الأمازيغية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والعربية .لكن الكبرياء والتاريخ والكرامة والهوية عناصر تدفع جميع الأمم إلى التشبث بلغتها وتاريخها وحضارتها بعيدا عن المقاربات الشعبوية التبسيطية .ما يزعجني ويعكر صفو مزاجي كل يوم تقريبا هو أن أجد نفسي سجين أسئلة غريبة ومفارقات جارحة،لكوني أعرف أن عددا من مسؤولينا وصناع قراراتنا الإستراتجية يتابعون بدورهم مثل تلك النقاشات والحوارات والمواعيد الإخبارية والتحاليل ولا يجدون حرجا في إعطاء المثال المهني باللجوء إلى القنوات والإذاعات الفرنسية ،لكن نسخ -وهذا أضعف الإيمان -ما يشاهدونه وما يستهلكونه عبر الوسائط الإعلامية الفرنسية يبدو مهمة مستحيلة ومؤجلة إلى ما لانهاية .
خلال الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الأخيرة تابعت فصولا من النقاشات التي نظمت بشأن هذه الاستحقاقات .ولا حظت أن كل المداخلات والخطابات والكلمات والتصريحات للمترشحين المتنافسين كانت بالعبرية وهي أقدم من العربية .بل كل الشعارات والملصقات وأسماء المحلات والشوارع وكل المرافق تكتب بالعبرية .فأين المشكل .المشكل عندنا سياسي .غياب قرار واضح في مجال السياسة اللغوية ببلادنا .ولذلك نشاهد مجازر ترتكب في العديد من الإذاعات والمواقع .وبدأ بعض الصحافيين يجنح إلى اعتماد دارجة مسطحة وهجينة ، اعتقادا منهم أنهم يكرسون بذلك مفهوم القرب الإعلامي .لكنهم في واقع الأمر يتسببون في حوادث سير لغوية على امتداد اليوم .،تخلف موتى وجرحى ومعطوبين بعاهات مختلفة ومشلولين .ما يطرح بجدية التفكير في احداث لجنة وطنية للوقاية من حوادث اللغة . ألا يشاهد المغاربة القنوات العربية ويتواصلون معها ويفهمون أخبارها .ألا يبحرون في المواقع الالكترونية المحررة بعربية راقية وسلسة ؟أتساءل كم من زائر يزور المواقع التي تستعمل اللغة الفرنسية .ومن هي الصحف الأكثر مقروئية في المغرب .؟هل المغرب العميق يتحدث الفرنسية ؟اشعر بالدهشة عندما تطالعنا القنوات التلفزية بمشاهد موغلة في التخلف والأمية والتهميش الشامل .بل أحيانا يتلذذ بعض الصحفيين في عرض صور مغاربة يحملون على وجوههم تجاعيد وتضاريس كائنات مهشمة ومهزومة ومقهورة ومخربة جسديا وذهنيا ونفسيا وبعيدة كل البعد عن مواطن القرن الواحد والعشرين.
فيما يدافع جزء من الارستقراطية اللغوية والاجتماعية عن الفرنسية ويحرصون على استعمالها والتواصل بها ،كما يحرص المؤمن على أداء واجباته الدينية . فلكل جهة مقدسها .و لتبرير ارتباط مكونات هذه الشريحة الاجتماعية المسكونة بعشق لغة موليير بانشغالات الناس فإنها لا تكف عن الترافع من أجل دارجة غير قادرة علميا على الاستجابة لكثير من المتطلبات البيداغوجية والعلمية والثقافية ،علما أنه يمكن الاستئناس ببعض كلماتها في الشرح والتبسيط في المرحلة الابتدائية.وأخيرا إن بعض المسؤولين السياسيين من الجهاز التنفيذي والمعارضة .عندما يغرقون في بحر من الشعبوية اللغوية ،فإنهم من حيث لا يدرون يضفون شرعية على طروحات المعادين للعربية ويمنحونهم أسلحة إضافية . ثم عن أي دارجة يدافعون ؟فالمغرب فيه دراجات تطرح مشكلا حقيقيا في تحقيق المشترك اللغوي بمعناه الوظيفي والعقلاني والمنتج.
اعرف أن هناك من سيشتمني وسيقذفني بأسوأ النعوت والأوصاف ،وهناك من سيعتبرني عروبيا متعصبا وهناك من سيرى في موقفي انغلاقا وتزمتا والتصاقا بيوتوبيا أكل الدهر عليها وشرب، وهناك من سيعتبر هذا الموقف هو عين العقل والصواب ،لأنه عقلاني ودستوري ووطني يريد تجنب الفتن والتصدعات الهوياتية والثقافية والاجتماعية.
وأنهي هذا المقال بمقطع من حوار أجرته يومية المساء المغربية يوم 7 أكتوبر الجاري 2015 مع الشاعر والزجال المغربي احمد لمسيح حيث يقول “أستغرب لبعض المثقفين، ولبعض الزَّجَّالِين بالخصوص، أنهم تحمَّسُوا لهاته الدعوة الملغومة، والمُلْتَبِسَة،-يقصد التدريس والكتابة بالدارجة- رغم أنني أدافع عن الكتابة بالعامية كحق إبداعي، أعني خارج كل الدعوات التي هي ترويج مغلوط لأفكار مغلوطة. يمكن أن تتم الاستعانة بالدارجة في تفسير بعض الأمور في القسم، وفي الدرس، وهذا يحدث في كل البلدان، ولكن الدرس يبقى عربياً.
وأنا أتساءل: لماذا يعود بنا هؤلاء إلى نقاش ودعوات فشلت في الثلاثينيات في مصر ولبنان، فسعيد عقل مثلاً، كشاعر عربي كبير، أفْسَدَتْه السياسة، لأنَّه كان يدعو إلى العامية، وكتَبَ بها. أنا أرتاح حين أجد قامات فكرية، أو إبداعية كبيرة، تعترف بالتنوُّع الثقافي واللغوي، ولا تحصر نفسَها في ادِّعاء يكتفي بلغة دون أخرى”.وهذه هي العقلانية والواقعية اللغوية المفقودة عندنا ،والقائمة على الاعتراف المتبادل بين مختلف مكونات النسيج اللغوي الوطني.وليس الإقصاء والتنابذ والاحتقار والقتل الرمزي.

السبت، 3 أكتوبر 2015

المقاعد الـ120 في تركيبة مجلس المستشارين الجديدة

هذه هي المقاعد الـ120 في تركيبة مجلس المستشارين الجديدة

جرت مساء أمس الجمعة 02 أكتوبر، عملية انتخاب أعضاء مجلس المستشارين ال 120 وفق تمثيلية جديدة تتلاءم ومقتضيات دستور 2011، وكذا القانون التنظيمي رقم 11-28 المتعلق بمجلس المستشارين.
وقد تم، وفق الصيغة الجديدة للمجلس، انتخاب ال 120 عضوا، الذين سيشكلون مجلس المستشارين (عوض 270 في التمثيلية السابقة)، من طرف هيئة ناخبة تتكون من الجماعات المحلية (72 عضوا)، سواء عبر المجالس الجهوية والمجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم، والغرف المهنية (20 عضوا)، 7 منهم عن الغرف الفلاحية و6 عن غرف التجارة والصناعة والخدمات و5 عن غرف الصناعة التقليدية وعضوين عن غرف الصيد البحري, وكذا من المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية (8 أعضاء) ومن النقابات (20 عضوا).
وحسب بلاغ لوزير الداخلية بشأن نتائج الاقتراع الخاص بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، فقد تصدر حزب الاستقلال نتائج هذا الاقتراع بحصوله على 24 مقعدا وحل حزب الأصالة والمعاصرة ثانيا ب23 مقعدا، متبوعا بحزب العدالة والتنمية ب12 مقعدا، ثم الحركة الشعبية التي حصلت على 10 مقاعد. وحصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 8 مقاعد، يليه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب5 مقاعد، بينما حصل حزب الاتحاد الدستوري والحركة الديمقراطية الاجتماعية على 3 مقاعد لكل واحد منهما.
أما حزب التقدم والاشتراكية فحصل على مقعدين, فيما حصل حزبا العهد الديمقراطي، والإصلاح والتنمية على مقعد واحد لكل منهما. وحصل اللامنتمون على ثمانية مقاعد. وأبانت النتائج، أيضا، عن حصول نقابات الاتحاد المغربي للشغل على 6 مقاعد، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على 4 مقاعد لكل نقابة، فيما حصل الاتحاد العام للشغالين بالمغرب على ثلاثة مقاعد.
أما الفيدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية الديمقراطية فحصلت على مقعد لكل واحدة منها .
ويظهر من خلال تشكيلة مجلس المستشارين في صيغته الجديدة أن الجهات وباقي الجماعات الترابية تستأثر بحصة الأسد، وهو ما يتوخى منه تعزيز دورها في تنفيذ السياسة العامة للدولة وإعداد السياسات الترابية، والتي تعد إحدى الصلاحيات الجديدة التي أنيطت بهذه الهيئات لتقوية حضورها في المؤسسات لدستورية الوطنية والدفاع عن برامجها ومشاريعها الجهوية والمحلية داخل المجلس.
وبهدف تحقيق تمثيلية متساوية ومتكافئة لمختلف جهات المملكة بمجلس المستشارين, حرص المشرع على تخصيص مقعدين اثنين لتمثيل مجلس كل جهة بالغرفة الثانية, وذلك رغبة في ترسيخ البعد الجهوي وتبني نظرة متجددة تتوخى تجاوز التمثيلية المنصوص عليها حاليا والتي يخصص بموجبها لكل جهة عدد من المقاعد يتراوح ما بين مقعد واحد وثلاثة مقاعد
                                                      زنقة 20 . الرباط