الأحد، 13 أبريل 2014

هل تصلح الصحراء ما افسدت المدن؟



تعرف السجون المغربية اكتظاظا كبيرا  بحيث يتجاوز  عدد السجناء قي كثير من الأحيان  ضعف ما تسمح به ظروف الإيواء  .وتتحمل الدولة  أعباء مالية كبيرة  لتسيير وتدبير المؤسسات السجنية  التي تبقى الخدمات المقدمة  فيها  للمعتقلين دون المستوى المطلوب , نظرا للضغط الهائل  للنزلاء رغم أن الظروف  السجنية قد تحسنت كثيرا  بالمقارنة مع  ما كانت عليه  سابقا   .ويعود الفضل في دلك  إلى نضال الجمعيات الحقوقية و الحراك الشعبي  وما عرفه المغرب  من تطورات  ايجابية  نحو الديمقراطية  وترسيخ  حقوق الإنسان .
   
     غير أن النقص المهول في البنايات  السجنية وارتفاع  عدد السجناء  يشكل عائقا  لتطوير  هده المؤسسات  وتحسين ظروفها  ويجر إلى الأسفل  كل المؤشرات  التصنيفية المتعارف عليها  كمؤشر الأمن والصحة و  والإصلاح  والتأهيل وإعادة الإدماج و احتمالات العود والكرامة الإنسانية . وتفيد الإحصائيات  ان العدد الأكبر من النزلاء  يقضون  في الغالب اقل من سنة  داخل هده المؤسسات إضافة إلى ظاهرة الحبس الاحتياطي  التي يتوسع فيها الوكلاء العامون للملك .وغالبا ما يكون هؤلاء الموقوفين بدون سوابق , لكن النقص في سعة الإيواء والضغط العددي, يدفع المسئولين بالمؤسسات السجنية إلى وضعهم مع أصحاب السوابق ومحترفي الإجرام , الشيء الذي قد يؤثر عليهم ويدفعهم الى العود  وارتكاب جرائم  أخرى عند خروجهم من السجن . لدا فان أصحاب القرار مدعوون لإعادة النظر في السياسات السجنية القائمة والانفتاح على تجارب دول أخرى  فد تكون مفيدة لنظامنا ألسجني .
  
  ومن بين التجارب الناجحة في هدا الباب تجربة  ولاية أريزونا  في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعرف أدنى معدلات أرقام الجريمة  على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية , بفضل  عزم حاكمها  الذي اهتدى إلى فكرة  بناء سجن  من نوع خاص  لا يكلف  الولاية  سوى قطعة ارض فارغة ومجموعة من الخيام  تسيج بسياج شائك  ومراقبة  ونظام تدبير وتسيير صارم . ويستعمل هدا الفضاء  لإعادة تأهيل وإصلاح  صغار  الجانحين  الذي لا تتعدى مدد الأحكام القضائية الصادرة فيهم,  من جراء ما اقترفوه من  جنايات , السنة .  ويقضى هؤلاء النزلاء  محكوميتيهم في ظروف  مناخية قاسية , تحت لهيب حرارة شمس قد تصل في الصيف إلى 48  درجة , وقر  قد تنزل فيه درجة الحرارة دون الصفر في فصل الشتاء.  مع تطفيف في الأكل والشرب وحصر المعيشة اليومية على الضروريات  وزهد في الكماليات . ويقضي النزلاء يومهم  أمام أعين حارس يرقبهم باستمرار  في أعمال تعود بالنفع  العام على الولاية ,من ترصيف للطرقات و تنظيف للشوارع و قطع  الأعشاب الضارة  وطلاء الأرصفة  أمام أعين المارة ,  وهم يجرون في جماعات صغيرة  سلاسل تقيد أرجلهم  , بلباسهم المخطط باللونين الأسود والأبيض اللافت للنظر  .وفي المساء يعودون إلى  خيامهم  لقضاء ليلتهم  تحت ضوء القمر  قبل استئناف عمل يوم جديد .

لقد أثارت هده التجربة حفيظة الجمعيات الحقوقية بالولاية التي لم  تنفك تتظاهر ضد ها و ترى فيها  عودة  إلى  عهد الرق و أهانة الكرامة الإنسانية.  غير أن غالبية سكان الولاية  راضون عن التجربة  و يثمنون  ما يقوم به حاكم الولاية من  عمل  لحفظ الآمن, ولم يتوانوا في إعادة انتخابه مرات عديدة  مكافاة له على  جهده   .وقد انخفضت في عهده  الجرائم الخفيفة من نشل واعتداء على المتاجر والأشخاص  إلى مستوى  قياسي بالمقارنة مع باقي الولايات الأخرى في أمريكا .

     لذا, فان المندوبية العامة لإدارة السجون   بالمغرب مطالبة    بالإنكباب على هده التجربة  لدراستها و الاستفادة منها, لاسيما وان سجوننا تغص بهده الفئة  من السجناء  الدين يقضون مددا قصيرة لا تتعدى السنة , للتخفيف من الاكتظاظ  وتوفير أموالا قد تفيد    في الرفع من مستوى المؤسسات السجنية وتساهم في تحسين ظروف  النزلاء والحفاظ على كرامتهم . وعندنا في صحرائنا العزيزة من المجال ما يجعل  التجربة رادعة ومفيدة  لوحشتها  وشساعتها  .مما يجعل مغامرة الفرار من المخيم  مجازفة  محفوفة بمخاطر التيه في الصحراء  والموت عطشا أ وبلدغة أفعى أ وعقرب شارد  . وستدفع  الأقامة بهدا الفضاء  صغار الجناة والمتشرملين  الى التفكير مليا  قبل  أن يقدموا على أعمال إجرامية , خشية استضافتهم في هده المخيمات   التي لا يطيق فيها المرء  لباسه من شدة الحر صيفا ولا يحتاج إلى شعر رأس أصلا  فبالأحرى  إلى تسريحة شعرقد  لا يجد الماء الكافي لغسلها ولا الى حلاق او دهانات لدهنها وترطيبها .  

0 التعليقات: