الاثنين، 16 ديسمبر 2013

من لغة الضاد الى لغة الراب


دعا دعاة العامية  المختفين وراء الفرانكفونية   مستعملو  الفصحى إلى الرجوع  إلى ما أبدعوا من نصوص  أدبية و شعرية ومقالات فكرية و إسهامات علمية , وان ينصبوا لها المشانق  ليعدموها أو يحفروا حفر ا  ليؤدوها حية  كما كان يفعل في الجاهلية بدعوى إفلاس اللغة العربية  الفصحى  في اعتقادهم   وعدم مسايرتها   للحداثة والعصرنة .   ويتحولوا إلى الكتابة والتدريس باللهجة العامية (الدارجة)  مع ما تحمله  ألفاضها وتراكيبها السوقية من  تعابير رائجة  رواج المخدرات والآفات الاجتماعية  والاستئناس   بقاموس  المقصيين الدين لفظتهم الليبرالية المتوحشة خارج المدن وأرغمتهم على العيش في كيطوهات  الفقر والعوز   دون أن تبخل عليهم بما فسد من خمور مغشوشة ومخدرات سامة  تذهب بالعقول و تصنع كلمات وتعابير تبوح بما يعانيه  هؤلاء  البؤساء  من  ضنك وقهر  يكسر أقفال المروءة  و يولد العنف اللفظي  ويحرر  لسان البذاءة  من معقله .
فلنحول ادا,  نزولا عند رغبة  هؤلاء  المتفرنسين الدين  يخفون نية    مبيتة  ويرمون إلى غايات  تهجين وتدجين غير معلنة  , مدارسنا من   تعليم لغة الضاد  إلى لغة الراب. ومن الشعر إلى لغة الهيب هوب  ومن الغزل العفيف إلى قاموس الأزقة الخلفية المظلمة ومن النحو والبلاغة   إلى اللحن  والركاكة ومن اللسان الواحد الموحد إلى الرطانة المتعددة والمتفرقة ومن النطق الواحد السليم للحرف إلى جوقة من الأصوات والفونيمات ومن معجم واحد  إلى معاجم كثيرة حسب المكان والجهات .
هدا هو القصد , تحويل لغة الضاد إلى لغة الراب في نوعيته المنحطة  التي تقتل الدوق وتخدش الحياء  . حينها سنفقد لغنتنا العربية الجميلة  ومعها لهجاتنا المحلية  المنمقة  التي تكتسب سناها و رقتها وتنميقها ورصانتها من الفصحى. وسيخلو المجال  للهجة  السوق  الهابطة والماجنة والفضة ,  التي تؤلم موجاتها طبلة الإذن وتوخز ألفاضها سويداء القلب وتقتل معانيها العفة والحياء , حتى لا نحتاج إلى ثياب نستر بها عوراتنا مادام الكلام النابي يعرينا  ونحن نمشي في الشوارع .
   ويكفى  للتدليل على هدا   رصد  الحال المزري  الذي  وصلت  إليه الأغنية    المغربية في البضع سنين الاخيرة ,  لما  بخسنا لدرجة الاحتقار ,    تدريس    الأدب والشعر  والمسرح  و الفلسفة والتاريخ   .هده الشعب التي  كانت تهدب الدوق  عند الطلاب  وتنمي ثقافة الجمال  و الرقي الروحي .  ودفعنا  بشبابنا, ضدا على هواه  وميوله,  في مسالك شعب علمية  ليس لها من العلم إلا الاسم  .  تشجع على الأنانية والغش والذاتية,  وتصيد المنافع السهلة , واللهث وراء المتع المادية ,والاستهلاك  المفرط الموجه و القاتل لقيم التضامن والقناعة والبساطة , المهدر  للأمانة والنزاهة . وسيبدو   بالواضح كيف تحولت أغانينا  في سنوات قليلة من درر غالية ودوق رفيع,  يتدفق كلمات هادفة رقيقة جميلة ( القمر الأحمر –الشاطئ – راحلة – ملهمتي  الخ) إلى زعق وجلجلة موسيقية  ليس لها طعم ولا تحمل رسالة ولا يتسلح أصحابها بعلم أو خلق  . لا تهدب نفسا و لا تصون رجولة ولا عفة نساء . فتداخلت الأصناف   حتى أصبحت  لا تفرق بين لون رجولي و لون  أنثوي  . ولم يعد الفن فنا  إلا  آدا سقطت كلماته و تعرت مطرباته في غنج وإثارة  لم تعد  تسخن نارا  عند الرجال . وتفنن  أنصاف الرجال في الرفس والرقص  الفج والتمايل الشاذ   حتى بزوا راقصات  الكباريهات  في هز الوسط . ولم تعد ترى  حيثما رحلت وارتحلت    قارئا يتأبط  كتابا أو صحيفة    او يتدوق شعرا  او يدخل مسرحا   وإنما شبابا ضائعا بين منصات هرج ومرج  يرقص  على  زعق  أصوات  بعضها   أنكر من صوت الحمير .
وبما آن سفينة  تعليمنا المعطوبة لم ينفع  فيها  دواء  التقليد والتجريب والترقيع  و لا تتقدم الا بقدر ما تخطو السلحفاة من خطى  فقد  خطط  هؤلاء المتفرنسين  من خلال تدريج التعليم   دق اخر  إسفين  في منظومة تعليم لاهي في العير ولا في النفير .

0 التعليقات: