الاثنين، 29 يونيو 2015

من يُسَوِّق لنا التطرف؟


من يُسَوِّق لنا  التطرف؟
ما نزل التطرف ببلد الا و أهلكه، و ما حط بنفس شخص الا و أدى به و باهله الى التهلكة، الى تصفية نفسه معنويا كإنسان و جسده قبل ممارسة الاٍرهاب سواء اللفظي او الجسدي على الغير.
حين ننظر الى التطرف من الناحية النفسية، نلاحظ ان لا احد بعيد عن مخاطر الانزلاق فيه ، فالأكثر عرضة له في نظري هو من تنقصه الطمأنينة النفسية، فيجد نفسه في اضطهاد وهمي عميق يكبر مع الأيام و تكبر معه الهوة التي تفصله عن المجتمع، الشيء الذي ينمي فيه بذرة الحقد على الاخر لأسباب واهية، او تفكيرا منه انه يمتلك الحقيقة المطلقة او ان لديه كل الحق في إقناع الاخر بما يعتقد او دفاعا منه على معتقده كردة فعل بطريقة لا تجلب الا المزيد من العنف و الخراب و فقد لشرعية الدفاع عن معتقداته في اخر المطاف .
فعبر التاريخ نرى أمثلة واضحة لخطورة التطرف على الأفراد، الجماعات، و الانسانية جمعاء. فهناك حضارات تلاشت نتيجة تبنيها مبادئ التطرف و البعد عن الوسطية. و هناك من التطرف في الا يديولوجيات ما جر الانسانية الى حروب ضارية اكلت الأخضر و اليابس.
فاين نحن من كبح جماح التطرف في بلداننا؟و هل نسخر تدريسا ، اعلاما او غيرها من وسائل التواصل الصوتي و البصري لمواجهته ؟ و التي لها دور كبير في توجيه المجتمع و تأطيره . ام نتركها مرتعا لكل من يريد تسويق أفكاره المخربة. اين نحن من مواجهة الاٍرهاب من اصله قبل نموه و تفاقمه؟ و اين هي الأجهزة الأمنية العربية التي لا تترك صغيرة و لا كبيرة الا و تعرفها عن المواطن،؟ فلماذا لا تستأصل بؤر التطرف عند ظهورها قبل تناميه؟
فمواجهة التطرف لن يكون باغلاق المدارس القرانية او توحيد و توجيه خطب صلاة الجمعة بل بخلق فرص للشغل، ظروف صحية لائقة، تمكين المواطن من أمن ملموس، عدالة لا تفرق بين غني و لا فقير، بين من له ظهر يسنده ام لا. جعل كل الناس سواسية امام القانون و ليست ترك القوانين مكتوبة حبرا على ورق و التي تطبق فقط حين يراد لها ذلك. جعل الإحساس العام للمواطن بالطمأنينة المادية و النفسية أمرا منشودا و هدفا أوليا. و ليس خلق مجتمع يعيش تحت رحمة قانون الغاب ،القوي يأكل الضعيف. الشي الذي يدفع الفرد الى البحث عن الدفاع عن نفسه بكل الطرق. انا لا أعطي لهذا الفرد حق إستعمال العنف باي شكل من الاشكال ، و لكن اريد ان ابين خطر الإحساس العام بالاحباط في المجتمع انه يؤدي الى عواقب وخيمة. فماذا ينتظر من فرد يحس انه مستهدف في قوت يومه، في انسانيته، وا خيرا في دينه؟ الشيء الذي يسوقه من يريدون خراب ديارنا و يزرعون في نفوس الناس التطرف اما لمصلحة مادية خاصة او خدمة لمصالح استراتيجية إقليمية و دولية لتغيير اولا الخريطة العقائدية لدولة ما او لمنطقة ما و بالتالي بداية لتغيير الخريطة السياسية لمجموعة من الدول و ما يتبعه من العواقب.
ماذا يطلب من هذا الفرد المستهدف في دينه ؟ المواجهة؟ ...فان كان عاقلا يرد بمقال او كتاب واو مناظرة و ان سقط في الفخ فسوف يرد بالتطرف و المواجهة المسلحة.
احيانا تدفعني فكرة المؤامرة التي أصبحنا نسمع عنها في وسائل الاعلام الى البحث عن سبل للتصدي لها ان كان هناك مؤامرة أصلا على السلم العالمي في الواقع . فلماذا اذا لا نواجه هذه المؤامرة بالتسويق لديننا و جمالياته في العالم. نواجهه فقط بالسبل السلمية و التحلي بالاخلاق و الصفات التربوية العالية التي يحثمها علينا ديننا؟. نحن مطالبون اليوم اكثر من اي وقت اخر ان نبين للعالم اننا لسنا متطرفين و لا ارهابيين و ان كانت هناك زمرة ممن يعتقدون بالدفاع عن الاسلام باستعمال الأسلحة الشيء الذي يستعمله المسوقون للتطرف كي يقولون للعالم اننا ارهابيون و يضرمون نار الفتن . فالتطرف عرفته مجموعات تنسب نفسها لكل الديانات و الايديولوجيات بأجمعها و ليس وصف لاصق بالجماعات ذات التوجه الإسلامي او حكرا عليها . و اذكر على سبيل المثال الحرب الأهلية التي مزقت فرنسا سنة 1570 بين الكاثوليك و البروتستانت . فالتطرف لازالت تعرفه بعض الديانات الاخرى في وقتنا الحالي لكنها اصبحت واعية بان المواجهة المسلحة لا تجدي بل اخدت تستعمل طرق جديدة لتمرير خطاباتها و جلب المعجبين لانها تسوق لتعاليمها كأنها التعاليم الدينية الوحيدة الجميلة الخالية من التطرف و ليس كباقي الديانات الاخرى. و الغريب في الامر ان الاسلام اصبح مهددا من الداخل و كان المؤامرة داخلية .حيث اصبح المسلم يكفر اخاه مثلا لانه لم يطلق لحيته و لم يعفو عن الشارب او لانه غير متفق معه في اسلمة السياسة او لان الشيعي لا يصلي بنفس طريقة السني و غيرها من الأشياء التي تسبب التنافر و العداء حتى بين مذاهب الاسلام نفسه .
فالمجتمع في حراك دائم، تغير مستمر و اذا لم يتم تأطيره و ردع كل من تخول له نفسه التلاعب بالنصوص و الأحاديث كما يفعل بعض الذي يدعون معرفة الاسلام الذين يغدقون علينا بالفتاوى و الاّراء المتضاربة التي تخلق الفتن و التي أغرقت القنوات الفضائية العربية.
و لنا ان ننظر تجارب دول صديقة و ما حصدته من خلال التطرف و بعد انزلاقها في صراع ايديولوجيات الدين الواحد.
فالتوجيه الديني الوسط يجب ان يكون متواصلا و متوازيا مع خلق ظروف اجتماعية جيدة لكل فرد و الا لن يكون له جدوى .
من يسوق لنا التطرف؟و هل يراد لنا كأمة ان نسقط في مخالب الاٍرهاب و التطرف حتى تتم تصفيتنا جميعا كعرق؟ ، لان المواجهة المسلحة سوف تكون العين بالعين و سوف نصير كلنا عميان كما قال غاندي. و لان لا أمان لأحد من غير أمان الاخر . فمنذ ان خلق الله هذه الارض و الإنسان في تدافع، في صراع بين الايديولوجيات، العقائد و المصالح. لكن هذا الصراع قد احتدم مؤخراً و اصبح ظاهره انه صراع ثقافي و بين الديانات و لكن باطنه في حقيقة الامر صراع على المصالح.
من يسوق لنا التطرف و الاٍرهاب ؟ هل التسويق داخلي ام خارجي؟
في الحقيقة سؤال لا اجد له جوابا واحدا بل العديد من الاجوبة كلها تصب في ان المسوق هو عدو للانسانية و ليس فقط للإسلام لان الصراع المفتعل سوف تكون عواقبه وخيمة على كل المجتمع الدولي و خاطىء من يظنه انه في منأى عن الخطر، لان طباخ السم لابد ان يذوقه و لا بد للسحر ان ينقلب على الساحر.

0 التعليقات: