الأربعاء، 17 يونيو 2015

الامازيغية تحدي المغرب الكبير


بقلم/ موسى المصلح 
تشكل  دسترة اللغة  الامازيغية  وترسيمها  جانب اللغة العربية تحديا كبيرا  للمغرب  كدولة وكمملكة .وهي بدعة قانونية ودستورية لم يسبق أن أقدمت عليها  دولة من الدول لا في الشرق ولا في الغرب .فما هي  حقيقة هده اللغة التي تمت دسترتها  وما هو محيطها  الطبيعي الذي  نشأت فيه وما هو المجال  الجغرافي   الذي تمارس فيه  كينونتها     وتتفاعل معه .
.المعروف أن الدول   التي   دبجت في دساتيرها  رسمية بعض اللغات  الجهوية  هي كثيرة ومتعددة  .وتختلف من الدولة المركزية التي لا تهادن  في  الشأن اللغوي والاقتصار على لغة رسمية وحيدة,  تشمل كل التراب الوطني  بدافع الحفاظ على وحدة الدولة وعدم تفتيتها  كفرنسا ,  ودول فيدرالية تعتمد في دستورها  أربع لغات مختلفة ومتباعدة كسويسرا . مرورا باسبانيا وايطاليا التي  رغم ترسيم  بعض اللغات المحلية تبقى اللغة الايطالية والاسبانية  القسطلا نية  هي اللغات الرسمية  التي تعتمدها دواليب الدولة ومؤسساتها دون منازع .
لعل ما يجمع هده الدول وقاسمها المشترك إن الاعتراف بهده اللغات وترسيم البعض منها جاء نتيجة صيرورة تاريخية وجغرافية .وتواجد   خصائص  تعطي لهده اللغات مشروعية وجودها وتداولها  رغم ما تطرحه هده اللغات  المحلية من اكراهات  دستورية  وقانونية في صراعها مع الدولة-المركز.ودلك  في مجال تحديد الاختصاصات وقوة النصوص القانونية  وتراتبيتها من حيت قوة الإلزام  ومشروعية الإصدار . وما تشكل تطبيقاتها   القانونية , بلسانها  على جهة محلية  محدودة ومحددة,  من إكراه حتى لا تتداخل مع الجهات المحاد ية والتي لها لغاتها المحلية أيضا  في مجال فهم النصوص وترجمة  القوانين من لغة رسمية  إلى لغة آخري  محلية.
     كما أن هده  الجهات  لابد وان تعيش  صراعا وجوديا   لقضم المزيد من اختصاص  المركز واستبداله بما يتماشي مع رغبتها في بسط نفوذها وإرادتها  في الجهة  التي ترى إن لها   سطوة وتواجد  تاريخي وجغرافي عليها  . وتطرح هده اللغات الجهوية  إشكالات كثيرة  حلت باعتماد جل الدول الأوروبية   لغة رسمية واحدة  لتفادي تعدد اللغات على رموز الدولة  الأساسية,  كالنقد والنشيد الوطني والوثائق الإدارية.  بل إن بعض الدول تمنع  الكتابة على الواجهات التجارية و العمومية وفي الساحات بلغة غير اللغة الرسمية   الجامعة وليس اللغة الجهوية¸ وان اعترفت  بها كلغة وطنية .
الحالة في المغرب حالة فريدة  فاللغة الامازيغية  المد سترة  هي لغة غير موجودة   في الواقع  وإنما هي لغة مبتكرة  تم إنشاءها  في مختبر اللغات الاركام  انطلاقا من  جمع كلمات وتصفيف مفردات  من ا للهجات المحلية الأكثر تداولا في المغرب .والاستعانة بلهجات أخرى خارج المغرب من نيجيريا ومالي  ومن لغة الطوارق  بحجة ارتواءها من  نفس المنبع وخروجها من نفس "الرحم "؟.  وهي لهجات  تفتقد إلى مكونات اللغة   ولا ترقي بأي حال إلى  مفهوم لغة  تستمد كينونتها من صيرورة تاريخية طبيعية ,  في جانبها الفونولوجي والابستميولوجي  والبناء النحوي, من تراكيب وصرف وإعراب  وتوثيق ورسم  متداول , متعارف عليه  ومقبول ومعترف له بالمشروعية التاريخية . يشهد عليه ما دون وخطط وجمع في بطون الكتب مند عقود إن لم نقل مند  قرون كثيرة .ولعل   الدافع إلى هدا  سببين رئيسين .
-أولا , لجم الجمعيات المتمزغة  المتطرفة الشوفينة التي تدعوا إلى استبدال اللهجات المحلية محل اللغة العربية الرسمية  التي يرونها لغة جاءت مع الفتح  العربي الإسلامي  وسلبتهم هويتهم ومقوماتهم العرقية. والانسلاخ من كل ما يمت لهده اللغة بصلة . وما ساهمت فيه من تاريخ وحضارة وفنون .
-عدم الاقتصار على لهجة واحدة من بين الثلاث  لهجات الأكثر  تداولا بين الناطقين باللهجات المحلية والتي تتعدى السبعين لهجة.
و حتى اللهجة الأولى  والتي هي السوسية   لا يتعدي عدد المتكلمين بها 3 ملايين. وهي غير متمركزة في مكان واحدة  ومشتتة عبر التراب الوطني  يتبعها اللسان الزياني ثم الريفي .وكل هده اللهجات  وغيرها مجتمعة لا  تتجاوز 8 ملايين نسمة حسب الإحصاء الرسمي الأخير . بينما 28 مليون يتكلمون الدارجة العربية ولا يتكلمون أي لهجة من اللهجات البربرية. وهدا التشتت وتد اخل هؤلاء الناطقين بهده اللهجات مع غيرهم من الناطقين بالعربية  في مناطق مشتركة , يجعل من المستحيل  اعتبار  هده اللهجات والسمو بها  إلى لغات جهوية معترف بها وطنيا ودستوريا.  فانعدام وجود مجال  جغرافي فاعل وساكنة أصيلة واحده تنفرد بالنطق بهده اللهجات في مجال محدود و بإعداد مهمة وفاعلة,  دفع بمنظري الامازيغية إلى البحث عن لغة  ولو تطلب إنشاءها  اللجوء إلى مختبر لغات  لإرضاء  المتمزغين. والحفاظ على وحدة الدولة وقتل فرخ العصبية و التناحر ألاثني في البيضة.
لكن الرهان كبير والمجازفة عظيمة .والرغبة    في إنجاح لغة مختبريه  وإقناع كل الشعب المغربي بربره وعربه  بتعلمها والتخاطب بها  وتعلم حروفها التفيناغية مطلب يبدو غير واقعي.  ناهيك عن ما ستطرحه هده اللغة, إن هي وصلت سن النضج, من تحديات  دستورية وقانونية   أمام الدولة المركزية . بالرغم من أن مجال ترسيمها وتفعيلها    لن يكون سوى صورة طبق الأصل وصدى  للمجال الذي ترتع فيه اللغة العربية  في انتظار  تنحية هده الأخيرة  تماما. ومحوها من مسودة الدستور. والانسلاخ الكامل من كل ما هو عربي  . ودلك حلم   يدغدغ بلا شك  كل المتمزغين  لكن   يبقي نجم  الثريا  اقرب منالا منه   في عالم اليقظة    .   

0 التعليقات: