الخميس، 9 أكتوبر 2014

باختصار : حيث مايجب أن نكون سنكون



    زهير ماجد ...







    فاجأ حزب الله اللبنانيين والعرب ومتتبعيه بعملية في مزارع شبعا وصفت بأنها تحرش واستدعاء لاسرائيل من اجل منازلتها. لكن عارفي مقاصد الحزب وقدرات تتبعه لما خلف الصورة التي يراها ولا يرونها، ثم امكانياته الاحترافية سواء في العسكر او في القراءة المتأنية، يجزمون انها ضربة معلم، بل هي رسالة قوية تجيد اسرائيل قراءتها ومعرفة مضمونها.
فاسرائيل المحرك اليوم لتلك الجبهة العميلة ” النصرة ” التي باتت معتمدة من قبلها ، بل من المؤكد ان هنالك تنسيقا عاليا بينهما، يصل الى حد تنفيذ الآوامر الاسرائيلية كيفما تطلب الأمر الاسرائيلي ذلك. واذا شئنا تقديم دليل على هذا الأمر، فبالامكان الانطلاق من احتضان اسرائيل لهذه الجبهة في مناطق تواجدها في الجولان ورفعهما العلمين الانتدابي والاسرائيلي معا واحتضانها لجرحى النصرة الذين صاروا بالآلاف، وصولا الى المعركة الأخيرة التي هاجم فيها جحافل من الجبهة مواقع حزب الله في الجبال الشرقية من لبنان، وهي بكل بساطة لمن يفهم التوقيت والقراءة العسكرية شكل من اشكال التخطيط الاسرائيلي ومن دفعه وخياراته..
      حزب الله لم يشأ الاتكاء على الرسالة التي وصلته من العدو الصهيوني، وانما اراد الذهاب فورا الى الرأس المدبر كي يرد الصاع صاعين، بل يرد الرسالة القوية باقوى، وفي المنطقة التي تحفظ عليها لبنان وتحفظت عليها المقاومة الاسلامية وهي الخط الازرق باعتبار ان مزارع شبعا ارضا لبنانية مازالت محتلة، وبالتالي يعود الحزب الى خوض حرب تحرير جديدة لمنطقة لبنانية، واما التوقيت فهو المهم، واما المعنى فهو ماقاله الامين العام لحزب الله انه حيث مايجب ان نكون سنكون.
تلك العبارة السحرية ليست مجرد كلام، فالحزب اليوم تمتد خارطة تواجده حتى العراق مرورا بسوريا دون ان نكشف ماهو ابعد .. لكن عقله المتحرك على كل تلك الجبهات الساخنة وغير الساخنة، يعطي لكل منطقة ماتحتاجه من قوة وتيقظ، وخصوصا في مسألة الصراع مع اسرائيل التي يعتبرها الحزب اساسية ولا يمكن اغفالها او تبديل اولوياتها.
العدو الصهيوني لم يرد، بل جاء رده باهتا وغير مهتم مع انه قرأ جيدا ماحملته العبوة الناسفة وما سقط منه من جرحى .. بل ان رده المدفعي كان ردا اعمى حيث قصف المناطق الخالية من السكان تقريبا فلم يصب احد من اللبنانيين ولله الحمد رغم المدافع الثقيلة التي صبت حممها باكثر من ثلاثين قذيفة.
      هل يمكن اعتبار عملية حزب الله في المزارع مؤشرا على بدء عملية تحريرها في هذا التوقيت المباغت، والذي قد يراه قادة الحزب في محله .. ام انه برقية عاجلة بالقوة النارية تدعوه لعدم تكرار مافعل والا فان الاسباب التي تدعو لعودة المنازلة قائمة ومكانها محفوظ حتى الآن.
      مرة اخرى ينتصر عقل الحزب وليس قوته النارية فقط .. ودائما يفاجئنا بجديده الذي ينم عن دقة قراءة وتأن في الخيارات والحسابات والابعاد، مع كامل استعداده لما هو اعظم. الا ان السؤال المرادف له، هل سكوت اسرائيل هو كعادتها بانها تختار الوقت الذي يلائمها، وقد تختار السبب الذي قد لايخطر على بال احد كي تبدأ حربها، تماما كما فعلت في اجتياحها للبنان عام 1982. وفي كل الحالات، يعرف الاسرائيلي انه فات الوقت الذي تحرك فيه قواتها كيفما تشاء مهما كان السبب عظيما او بسيطا ..!.

0 التعليقات: