الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

ايبولا الكدبة الواسعة الانتشار

BRUNO MACHO / CROAH.FR 
ترجمة / موسى المصلح  مع قليل من التصرف
 
   إن المتتبع لما تنشره   الصحف يوميا ومن بينها جريدة لومند الفرنسية  من  إشاعات  حول   سرعة انتشار  جائحة يبولا وبصورة كارثية   يدفع للتساؤل  عن مصداقية هده الأخبار المروجة,  و براءة أصحابها من نية مبيتة  تقطف ثمارها   المختبرات العالمية  الكبيرة  لصناعة الأدوية في العالم . غير أن العارفين  يعلمون أن الواقع غير هدا وان انتشار المرض ليس بالحجم والخطورة التي يروج لها . وتعتمد هده الصحف على  معلومات غير دقيقة  كأعداد وفيات  منفوخ فيها وغير متأكد من أسبابها لربطها بفيروس يبولا . فهم يقدمون مثلا عدد 1229 وفاة مابين  مارس وغشت 2014  غير أن هدا الرقم  ليس صحيح  ولم تتبنه منظمة الصحة العالمية  التي صرحت بان  عدد الحالات الموثوق بها لا يتجاوز 788 وفاة .
    وحتى آدا اعتمدنا هدا العدد  فانه يبقى بعيدا عن 1.2 مليون حالة وفاة التي تحصدها الملا ريا  عبر العالم آو 2000  وفاة  تخلفها الأنفلونزا  سنويا في فرنسا وحدها .وتبقى صور المسعفين  بلباسهم الواقي المبالغ  فيه  وهم يقتربون من المرضى  أحسن وسيله لتمرير الخوف والشعور بعدم الأمان. وان الجائحة وصلت  مستوى الانفلات الذي يبرر  ازدحام الدول على أبواب المختبرات الدولية لصناعة الأدوية, لاقتناء اللقاح السحري وبأعداد كبيرة مهما غلى الثمن .
   والحقيقة  أن فيروس يبولا  لا ينتقل بالسهولة التي يريد صناع الأدوية  أن يوهمونا بها  من خلال الإغداق على الدول الفقيرة والمعدومة بألبسة ووسائل وقاية مبالغ فيها لتمرير  رسالة خلفية مفادها أن العالم في خطر إن لم  يلجأ إلى ما تصنعه هده المختبرات  من عقاقير سحرية ولقاحات  لتزال في طور التجريب وغير مضمونة العواقب .
    إ ن انتقال العدوى لابد له  من  اتصال مباشر مع سوائل المريض البيولوجية   كالدم والبراز والقيء  ولا تنتقل العدوى عبر الهواء  وان تكلم المريض آو كح آو عطس .يقول البروفيسور برونو ماشو  رئيس قسم  الأوبئة  والأمراض التعفنية في  مستشفى بيربان  بمدينة تولوز الفرنسية  ان " يبولا تشبه مرض السيدا  في طريقة انتشارها  الدي يكون عن طريق الدم  آو السائل البيولوجي  .وهدا يعني أن المرض من الصعب أن ينتشر انتشار الجائحة . "  ويضيف البروفيسور  " أن العاملين في المجال  الطبي   والشبه الطبي نجحوا في مستشفى كوناكري   في احتواء المرض . ودلك بأتخاد تدابير وقائية معروفة وبسيطة  دون إفراط آو تهويل , كغسل اليدين باستمرار و ارتداء أقنعة  وسترات وقفازات    عادية      كالتي تستعمل كل يوم  في المستشفيات "
   وجوابا على سؤال طرحته لومند الفرنسية على  ساندرين كانو من منظمة أطباء بلا حدود   حول النسبة  المئوية  للوافيات أجاب  بان الفيروس يحصد  حياة ما بين 20 و90  في المائة من المصابين  .وهدا الفارق الكبير يبين أن   جودة العلاج  المرتكز على محاربة الأجتفاف  و النزيف  الدموي  مع ووسائل وقاية بسيطة كافية   لانقاد    70 في المائة  من  المصابين بالعدوى  آو أكثر دون اللجوء إلى عقاقير  ولقاحات لم تتبث فعاليتها , اللهم في ملئ جيوب كبار صناع الأدوية في العالم .
   الكل لا يزال يتذكر   موجة الترهيب والتخويف   التي  عمت العالم   بسبب أنفلونزا الطيور  في 2005 . و أنفلونزا الخنازير في 2009 . والتي نجحت   المختبرات والشركات الكبيرة المصنعة للأدوية, من خلال إشاعة أخبار مزيفة  عن أخطار محدقة   قد تقضي على  الملايين من سكان العالم  ,  في إقناع الدول في اقتناء  ملايين الجرعات من  اللقاحات و علب العقاقير  بمليارات الدولارات . والقيام بحملات تلقيحية واسعة وقسرية  أحيانا  غير مبررة  أسهمت في مشاكل صحية وأثار جانبية وخيمة  .
   ولم تسلم   منظمة الصحية العالمية  لأسباب لا تزال غير معروفة في المساهمة في هده الجوقة  الإعلامية  للتخويف والترهيب   . حيث  صرحت تماشيا مع  مروجي الشائعات  لصالح المختبرات أن أنفلونزا الخنازير ستصيب  ثلث سكان العالم . وسيترتب عن دلك مشاكل  صحية  واجتماعية وأمنية واقتصادية خطيرة  لا يمكن   التكهن  بعواقبها  .    وبناء على هدا التصريح سارعت وزيرة الصحة الفرنسية  أنداك السيد ة روزلين باشلو  بالتأشير على طلبيه   تفوق 94 مليون جرعة لقاح لم تستعمل منها سوى 6 ملايين  من طلبيه  أولى  قدرت ب50 مليون جرعة . فيما ألغيت   لاحقا باقي الطلبية المقدرة ب44 مليون جرعة الشيء الذي  كلف الخزينة الفرنسية أزيد من 48 مليون ارو كتعويض فقط للمختبر  صاحب الصفقة .
أما قصة  العقار السحري تامفلو  الذي  طبل له وزمر على امتداد أشهر فقد تبين لاحقا انه غير ذي فعالية  على المرض .  وانه يقلل فقط من الأعراض الجانبية  دون أن يؤثر على مجرى المرض  آو يقلل من مدة الاستشفاء . وقد أكد ت دراسة معتمدة قام بها  خبراء بريطانيون   آن العقار غير ذي جدوى . ولم يعط  النتائج المرجوة  منه اللهم  ضياع 500 مليون جنيه  إسترليني على الخزينة البريطانية . وتبين لاحقا أن  فترة الخريف  لم تكن اخطر من الفترات السابقة بالرغم من وجود فيروس ه1ن1  وان الحالات المسجلة كانت حالات زكام عادية ..
يستخلص من هدا كله أن العقاقير واللقاحات التي لازالت في طور التجريب  ليست هي الحل في مكافحة مرض يبولا وإنما  السر في القضاء على هدا الداء  يكمن  تمكين الدول الموبوءة  ببنيات صحية جديرة بها الاسم .واتحاد تدابير وقائية بسيطة ومعروفة  دون تهويل آو ترهيب . يقول  الخبير انطوني  فوسي  من المعهد الوطني للحساسية والأمراض التعفنية  في الولايات المتحدة  الأمريكية  أن عماد محاربة الايبولا  يعتمد على تحسين الوعي الصحي  وتطوير قواعد الصحة العامة . وتوفير البنايات التحتية الصحية  للمرضى  في  البلدان الفقيرة  التي ينتشر فيها المرض . ومدها بالوسائل الكافية والكفيلة بمحاربة الأجتفاف والنزيف الدموي,  بدل استعمال عقاقير ولقاحات غير مجربة بما فيه الكفاية وغير مأمونة الجانب . ويضيف الخبير طو ماس ليفي  انه لحد الآن لا يعرف فيروس  لم يتم الحد من أثاره  السلبية   ودلك باللجوء إلى جرعات  معينة  من فيتاميس س لتنشيط جهاز المناعة    عبر ما يسمي " رد فعل فاتون "  التي تتم داخل الفيروس آو على قشرته آو داخل الخلية المصابة للحد من أثاره السلبية .
لكل هدا يرى الخبراء أن لا داعي للتهويل والترهيب  وان الانتشار الوسع والسريع للمرض ليشمل كل إفريقيا ودول العالم  آمر غير وارد وصعب التحقيق نظرا لخصائص الفيروس المسبب ليبولا.
إن الإشاعات  والإخبار الزائفة  التي  تتنافس في نشرها  كبريات الصحف العالمية  ,من اجل  سبق صحفي آو إغراء مالي من طرف تجار الأدوية في العالم ,   قد تكون اخطر على إفريقيا من مرض الايبولا  لما  تتسبب  فيه من  فوضى  وقلاقل  بدأت تظهر للعيان.  فكثير من الدول الإفريقية  غلقت حدودها . واستنفرت جنودها  لقمع السكان في بعض الدول  . وعزل الآلف  من الأطفال والنساء والشيوخ  في قرى من القصدير  دون غداء آو ماء  كما هو الحال في منروفيا . آو إصدار قوانين تجرم إيواء المرضى آو مساعدتهم  كما هو الحال في سيراليون . كل هدا يشي عن جهل  كامل لحقيقة هدا المرض و مؤشرا  يفيد بان صناع الأدوية  المتهافتون على الربح ولو على صحة  وامن قارة إفريقيا الفقيرة والمكلمة قد نجحوا في   ما خططوا له .



0 التعليقات: