الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

ليبيا سوق المساومات الإقليمية وسراب الحسم العسكري


ليبيا سوق المساومات الإقليمية وسراب الحسم العسكري
حازم عيّاد/السبيل الاردنية
 
بعد السيطرة على مدينة «رشفانه» تقدمت قوات «عملية فجر ليبيا» باتجاه مدينة «غدامس» على المثلث الحدودي بين الجزائر وتونس وليبيا لتعطي مؤشرا واضحا على ضعف وتقهقر قوات «عملية الكرامة» بقيادة حفتر وحلفائه من الزنتان، العمليات العسكرية في ليبيا تشير بوضوح الى رغبة المتحالفين تحت لواء ما يعرف بقوات «عملية فجر ليبيا» بتحقيق مكاسب ميدانية على الارض تمكنهم من التفاوض مع خصومهم من اعضاء البرلمان الليبي المجتمعين في «طبرق» وحلفائهم المحليين والاقليميين من موقع قوة وليس الضعف، ما يثير تساؤلا حول الاسباب التي دفعت نحو اللجوء الى هذا المنطق وتلك اللغة للحوار في ليبيا؟
بالعودة الى مسار الاحداث في ليبيا فإن دعوات الحوار كانت سابقة على التصعيد العسكري وكانت تدور حول تشكيل الحكومة الجديدة وتسلم البرلمان مهامه وفق الدستور الذي يشير الى ضرورة ان يتم ذلك من خلال اجتماع يعقد في مدينة «بنغازي» وارتبط النقاش والجدل بالفوضى الامنية وضرورة توحيد القوى المسلحة وبناء جيش وطني، الذي يرى فيه البعض سببا يقف خلف تعطل عمل البرلمان الجديد، الجدل في ليبيا دار على وقع الازمات الاقليمية المتفاقمة خصوصا بعد التطورات الحاصلة في مصر نتيجة الاطاحة بالرئيس المنتخب «محمد مرسي» وعلى وقع التصارع الاقليمي الناشب في سوريا وغيرها من الدول العربية، فالمناخات السياسية في العالم العربي لم تكن لتلعب دورا ايجابيا في تطوير هذا الحوار واستكمال العملية السياسية والحوار الوطني.
انفجار الازمة في ليبيا لعبت فيه الاطراف الاقليمية دورا بارزا خصوصا بعد اطلاق الجنرال «حفتر» حملته العسكرية المعروفة بـ»الكرامة» بشكل زاد من حدة المخاوف من امكانية نقل الصراعات الاقليمية في العالم العربي الى الساحة الليبية خصوصا وان النهج «الاقصائي» كان حاضرا بقوة من خلال الاتهامات الصريحة للخصوم السياسيين بالارهاب وعدم التمييز بين الفوضى الناجمة عن غياب الدولة وبين الارهاب الناجم عن وجود قوى سياسية تتبنى هذا النهج وتعمل بدورها على اقصاء الخصوم، كما اسهم تصويت 28 نائبا في البرلمان الليبي المنتخب على طلب التدخل الخارجي الى تعطيل الحوار وتسارع وتيرة المواجهات المسلحة وتبعه تدخل عسكري مباشر لدول عربية من خلال عمليات قصف جوي ودخول ليبيا سوق المساومات الدولية لتشكيل التحالف الدولي لمكافحة الارهاب مؤخرا.
من الواضح ان ما تعانيه ليبيا اساسا وفي هذه المرحلة يتلخص في التصارع الاقليمي وادوات الحوار المتبعة بين الخصوم، في وجود قوى اقليمية تعمل وتسعى ليلا ونهارا على تهيئة المناخات لتدخل خارجي في ليبيا ما يفاقم من حدة الازمة ويطيل من عمرها زمانيا ويؤدي الى توسعها مكانيا، بل ان دخول ليبيا سوق المساومات الاقليمية والدولية المرتبطة بتشكيل التحالف الدولي الاقليمي للتدخل في العراق ومكافحة الارهاب عقد المشهد وسرع من وتيرة المواجهات، ففرنسا تريد اعطاء اولوية لما يحدث في ليبيا على ما سواه، اذ ظهرت دعوات اطلقها قادة عسكريون فرنسيون الى جانب وزير الدفاع للتدخل جنوب ليبيا خشية ان تؤثر الازمة الليبية على جهود فرنسا في «مالي والنيجر» او ما يمكن تسميته مناطق نفوذها التقليدي لمكافحة «الارهاب»، في المقابل تظهر مصر ودولة الامارات حرصا اكبر على ألا يختل التوازن او ان تفقد نفوذها لصالح خصوم «سياسيين» اظهروا صلابة وقدرة على الصمود امام الضغط العسكري والسياسي، هذا لا ينفي وجود مخاطر امنية على مصر او الجزائر ناجمة عن غياب الدولة الليبية، الا ان التدخل العسكري من خلال اللعب على وتر المساومات الجارية حول تشكيل التحالف الدولي لمكافحة الارهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية لن يحقق الامن ويقي من الارهاب او توسع المواجهة مكانيا وزمانيا.
سوق المساومات الاقليمية على مكافحة «الارهاب» وتضارب مصالح الدول المجاورة لليبيا وهي «السودان والجزائر ومصر» او مصالح الدول الداعمة «قطر والامارات» يشير الى امكانية ان تتحول الازمة الليبية الى ازمة مزمنة في حال حدوث تدخل خارجي، فالمساومات الاقليمية والدولية اربكت المشهد الليبي ودفعت الحلفاء تحت ما يسمى قوات فجر ليبيا الى توسيع انتشار قواتها في الجنوب وبعض المناطق لاظهار الجدية في مواجهة المهربين والجماعات «الارهابية» في مقابل تسريعها لعملياته العسكرية ضد خصومها ارتفعت وتيرة التحضيرات المصرية والاماراتية لمواجهة الخصوم السياسيين المحليين والاقليميين في ليبيا، وهو ما دفع الجزائر بدورها لرفع وتيرة استعداها العسكري لينشأ عن ذلك حالة استقطاب اقليمي جذبت السودان واثيوبيا والمغرب، معضلة لن تتوقف الا بالضغط السياسي على كافة الخصوم للجلوس لطاولة الحوار ادراكا من الدول المجاورة والاوروبية بأن امكانية حسم المعركة في ليبيا عسكريا لن يتحقق من خلال التدخل الخارجي او البحث عن سراب الحسم العسكري. 

0 التعليقات: