السبت، 14 يونيو 2014

افة النظام العربي المدمرة

شعبان عبد الرحمن
بقلم: شعبان عبدالرحمن(*)
الواقعة وقعت في العراق ثم سورية ثم مصر، ومازال في الجعبة دول أخرى، هكذا يبيت النظام الدولي الاستعماري وجنوده ورجاله وسماسرته.. فالعراق داهمه الاحتلال في مارس من عام 2003م، ثم مزقه ونهب ثرواته وأسلم قياده لطرف طائفي مازال يشعل حرباً طائفية تعيده رويداً رويداً إلى نقطة الصفر في سجل المجتمعات البشرية.. وسورية منذ تفجر ثورة شعبها في مارس من عام 2011م تعيش حرباً مهلكة يشنها النظام على الشعب، ويقف العالم الذي يقوده النظام الدولي متفرجاً انتظاراً للحظة الدمار الكامل للدولة وإبادة ما يمكن من الشعب!
أما مصر.. فقد سقطت بعد نجاح ثورتها التي أذهلت العالم وخلعت «مبارك» سقطت في أتون انقلاب عسكري أعادها إلى قفص النظام الدكتاتوري وأعاد معها الدولة العميقة لتحكم من جديد وفتح الطريق على مصراعيه أمام الهيمنة الأمريكية والصهيونية، ولا تتوقف المحاولات الدؤوبة عن تكرار النموذج السوري هناك، ولكن وعي الثوار مازال يحول دون ذلك. 
واليوم تتحرك العجلة نحو ليبيا لمحاولة استنساخ الانقلاب العسكري في مصر، وإلحاقها بالنماذج السابقة، لكن المحاولات تبوء بالفشل حتى الآن. 
وقد أشبعت تلك الأحداث تحليلاً، لكن تظل الكلمة الفاصلة لفعل السلاح ووقائع الحرب الدامية التي لا تبقي ولا تذر.. ونسأل الله الواحد القهار أن يكون الانكسار هو مآل تلك الحملة الصليبية الصهيونية الخطيرة. 
لكن السؤال الذي يتردد اليوم بإلحاح وبصوت عالٍ هو: ماذا بعد تلك الدول؟
والذي يبدو أن كل مواطن عربي – تقريباً – قد طرح هذا السؤال على نفسه.. بينما النظام العربي بمنظومة حكمه لم يلقِ له بالاً، مع أنه المعني الأول بالسؤال! إذ مازال كل طرف يعمل وفق حساباته الخاصة، ووفق ما يراه مجدياً وممكناً لهيمنته على مقدرات البلاد حتى ولو جرف الطوفان الآخرين. 
لقد أصبح الأداء الفردي والانفرادي هو سمة النظام العربي منذ حقبة طويلة من الزمان، وتلك آفة فتحت الميدان لثقافة الأنانية والقطرية والجهوية البغيضة التي اكتسحت في طريقها الصالح الجماعي، وغيبت من دفتر الأولويات مصلحة الأمة العليا ومقدراتها الحضارية والاقتصادية والمستقبلية، فكانت النتيجة فشل النظام في التعامل مع كل أزمة تواجهه، وكان طبيعياً أن يتبدى فشله الذريع خلال تعامله مع الحملة العسكرية الأمريكية على العراق منذ بانت بوادرها وتطايرت نذرها، ثم توالى الفشل الذريع وهو يتعامل مع وقائع الحرب على الشعب العراقي، وحملة سحق الدولة العراقية بكل مقوماتها وثرواتها وشعبها وحضارتها، مضيعة على الأمة رصيداً مهماً في قوتها؛ وهو ما يمثّل ضربة موجعة للجسد العربي، ثم توالت الضربات على ذلك الجسد العربي في سورية ومصر.. والأعجب أن النظام العربي بات يشارك في توجيه الضربات إلى جسده في سورية بصورة غير مباشرة، وبصورة مباشرة في مصر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
من ناحية أخرى، لم يعد سراً أن دوراً سيأتي على دول عربية أخرى ستطولها الآلة العسكرية الأجنبية، وستكون المبررات يومها هي نفس المبررات التي صدرت بشأن العراق وربما يكون شعار «تحرير الشعب» – الكاذب – هو القاسم المشترك، وعندها سيطرح الغزاة أكثر من دليل على ضرورة إزالة النظام.. أي نظام. 
فكيف ستتصرف الأنظمة – وما أكثرها - التي تنطبق عليها تلك المواصفات عندما يحل عليها الدور وتُمحق البلاد ويُباد العباد بسببها؟!
لماذا لا تتحرك هذه النوعية من الأنظمة بسرعة للمصالحة الفعلية مع شعوبها.. مصالحة وفق برنامج تكون له الأولوية على كل البرامج لإزالة ركام سنوات القهر والكبت والتعذيب والتشريد وخراب البيوت والحرمان من المواطنة؟ ويعلي في الوقت ذاته مبدأ «المشاركة» لجميع الفئات، ويسقط ممارسات الهيمنة والسطوة الفئوية والعنصرية، ويفتح أبواب البلاد لأولئك الآلاف بل والملايين من المنفيين طوعاً خارج الحدود هرباً من الجور والموت. 
لكن.. ومع أن الحال هكذا واضحة لتلك الأنظمة، إلا أنها فيما يبدو تركب رأسها «المنتشية» بصولجان الحكم، وترتب أمرها على أن يظل الوضع على ما هو عليه.. شعب مقهور وسلطة غاشمة تتنعم بكل شيء حتى ولو كانت النتيجة هي ضياع البلاد وإهلاك العباد.
.......
(*) كاتب مصري ـ مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية    \المصدر اخبار العالم    

م

0 التعليقات: