الأربعاء، 25 يونيو 2014

الوصفة السحرية للقضاء على بن كيران


الوصفة السحرية للقضاء على بن كيران
رغم كل ما يقال عن جماعات الإسلام السياسي، خاصة بعدما قادتها موجة الربيع العربي إلى المشاركة في تدبير الشأن العام في بعض الدول، من انعدام الخبرة والتجربة وغياب الرؤية السياسية الواضحة، فإن الواقع يؤكد عكس ذلك، وإلا لما تطلب الأمر القيام بانقلاب "عاجل" في مصر، استباقا لنتائج ملموسة قد تتكرس على الأرض، ليس أقلها تحول مصر إلى قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب في الصغيرة قبل الكبيرة، بعد عقود من الزحف على أعتاب الشرق والغرب.. ولانتظر الجميع الانتخابات البرلمانية للتخلص من "الإخوان".. الفاشلين.. بطريقة "ديموقراطية" مادام أن شعبيتهم قد انهارت..بدل المهازل والمآسي التي نراها يوميا في "أم الدنيا"..
هذا التحليل الموضوعي لن يعجب كثيرا من أصحاب الأصوات العالية عندنا، ممن يعتبرون أنفسهم مصدر الحقائق المطلقة، لكنني اتخذه مع ذلك مدخلا للتعليق على أزمة "الثريا" التي جاءت لتملأ هي الأخرى فراغا يملأ صحراء السياسة في هذا البلد، ولو بشكل مؤقت إلى حين العثور على قشة أخرى يتعلق بها من أدركهم الغرق، لكنهم مازالوا مصرين على عدم ممارسة نقد ذاتي، أو حتى التوقف لحظة لمساءلة الذات : أين أقف؟ وما موقعي في رقعة الشطرنج؟ ولم صلتي منقطعة بالمحيط من حولي؟
في مقال الاستاذ فهمي هويدي لهذا الاسبوع عن "الموت المرحلي للسياسة في مصر" إجابات عن كثير من هذه التساؤلات، فقط يكفي تغيير اسم مصر بالمغرب، فكلنا في الهم شرق في هذا الباب.
لست من الذين يصدقون أو يعتقدون بأن رئيس الحكومة مجرد "مجذوب" أو "صاحب طريقة" دخل السياسة صدفة، ودفعته موجة لم يكن يتوقعها نحو موقع لم يكن يحلم به حتى في أقوى لحظات "إشراقه"..فمن يقرأ مسار الرجل، لابد أن يشهد له بالبراعة في تدوير الزوايا، بدليل أنه مر من عنق الزجاجة أكثر من مرة.. وحتى الذين يتهمونه بـ"العمالة للأجهزة" في فترة معينة، إنما يقدمون له شهادة بإتقان "علوم السياسة" التي هي في النهاية "فن الممكن" ولكل لحظة تاريخية ممكنها ومستحيلها..
لست من مريدي الرجل، ولا من حلقة "الدراويش" المحيطين به، ولكنني كمتابع لما يجري أسجل بتجرد وموضوعية، أن رئيس حكومتنا يملك قدرة عجيبة على "التأقلم" السريع مع المستجدات.. قد يرى بعض أتباعه في ذلك "تجليات إيمانية"، وقد يعتبرها خصومه حربائية وانتهازية.. لكنني أعتبرها نوعا من "الدهاء السياسي" الذي كاد يختفي من سوق السياسة هذه الأيام.. ومن يتابع المتغيرات التي يحملها خطاب الرجل يدرك أنه يعني ويعي ما يقول.. حتى في ما يعتبره لاحقا "زلات لسان" غير مقصودة.
فعندما وقع الانقلاب في مصر، استبشر كثيرون بـ"نهاية قد اقتربت" واعتقدوا أن الأمر لا يحتاج إلى "تمرد" ولا إلى "30 يونيو" ولا إلى "سيسي" ولا إلى "خارطة طريق"، فإشارة بسيطة يمكن أن يجعل حزب العدالة والتنمية خارج المشهد الحكومي على الأقل، حيث كان يكفي أن ينفرط عقد الائتلاف الحكومي .. لتنفتح الساحة على كثير من السيناريوهات التي تدور معظمها حول تحويل الحزب إلى "بعير أجرب" منبوذ يتهرب الجميع من المرور بجانبه..
لكن حظ رئيس الحكومة خدمه مرة أخرى، وبيد خصومه وأعدائه.. الذين منحوه جرعات أوكسجين متتالية جنبته الدخول في "غيبوبة سياسية مطولة"، بل أصبح الانقلاب المصري الذي شجع بعض "الثعابين والتماسيح" على الخروج من جحورها وعدم الاكتفاء بالإطلال برؤوسها، إلى مراجعة حساباتها.. فالبطش الشديد والقمع الدموي وملايير الخليج لم تستطع فرض الأمر الواقع على الأرض.. مع فراق جوهري بين الحالتين المصرية والمغربية، يتمثل في أن الانقلابيين وداعميهم يضعون في حسابهم أيضا أن إحراق البلد أمر وارد لأن المهم هو "قطع دابر الديموقراطية" و"استئصالها" حتى لا تتحول إلى فيروس عابر للأجواء.. بينما الوضع في المغرب لا يمكن أن يسمح بهذا النوع من المغامرات الانتحارية.. ولهذا لا يستطيع أحد اليوم مثلا أن يحدد موقف رئيس حكومتنا من "السيسي"..
كثيرة هي الأمثلة على "غباء" بعض الأعداء الذين خدموا رئيس الحكومة وحزبه من حيث لم يكن يحتسب..آخرها بدون شك الضجة المفتعلة حول قصة "الثريا"..
لا أدري هل هناك فعلا "دولة عميقة" تحرك الخيوط من خلف الستار، أم أن الامر مجرد تخبط ناتج عن "اجتهادات" فردية ولحظية، لأفراد أو جماعات مجهرية غائبة عن الوعي.. وإن كنت أتمنى ذلك، لأن العكس معناه أن "المخزون الاستراتيجي" للمخزن في مجال التحكم في الساحة السياسية قد نفذ، وأصبحنا أمام ارتجال يذكر بجماعة "الذراري" التي حذر سيدي عبد الرحمان المجذوب من الزمن الذي ستتحكم وحدها في صنع حاضر ومستقبل المغاربة..
فالضجة التي أعقبت كلاما عاديا جاء على لسان رئيس الحكومة، تخدمه ولا تضره.. لأن ما قاله هو ما يؤمن به كثير من المغاربة، ولا يرون فيه تجريحا للمرأة ولا إهانة لها..
بطبيعة الحال سيكون من العبث التذكير بعدد اللواتي والذين تظاهروا ضد "الثريا"، فنحن نعلم أن أصحاب هذه الأفكار لا وجود لهم على الأرض حتى بالتوسع المجازي وباستعمال كل تقنيات الاستعارة، ولذلك يرفضون الاحتكام إلى قواعد الديموقراطية، ولذلك ايضا يخترعون مفاهيم غريبة من قبيل "ديكتاتورية الأغلبية"، بل يعتبر الواحد منهم والواحدة منهن نفسه بمليون مغربي وربما أكثر، ولهذا يمارسون السياسة خارج سلطة الصناديق والرقابة الشعبية.. لأنهم أكبر من الديموقراطية وأدواتها..
ففي وقفة سيطايل "إن وأخواتها".. حضرت شعارات كثيرة.. لكن غابت المرأة المغربية.. وهذه هي الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها..
هل المرأة المغربية هي جماعة المترفات والمتفرنجات اللواتي تزاحمن لالتقاط صور بـ"زوم كبير" للتدليس والقفز على حقيقة العدد؟
الجواب على هذا السؤال يوجد ربما في كون رئيس الحكومة يعرف من هي المرأة المغربية، ولذلك حين قال ما قاله من على منصة البرلمان كان يخاطب اللواتي يصنعن الفارق بأصواتهن في صناديق الانتخاب -إذا نظرنا للموضوع من زاوية انتخابية- واللواتي يهزهن الخطاب العاطفي -إذا نطرنا للأمر من زاوية استغلال "المشترك الديني"-.. وهذه هي الحقيقة التي تغيب عن "الباحثات عن الحرية"..
قد يخيل لبعض المترفات اللواتي وجدن الطريق ممهدة نحو مناصب تدر عليهن ملايين شهريا.. أن كلام رئيس الحكومة إهانة لهن، لكن ملايين المغربيات الأخريات يرضيهن فقط أن يعتبرن "ضو الدار"، وهذه الشريحة هي التي ولدت الرجال الذين حاربوا دفاعا عن المغرب عبر التاريخ وسالت دماؤهم من أجل الاستقلال وروت رمال الصحراء في حربها الطويلة..
بطبيعة الحال، ولو واحدة من المتظاهرات لها ابن ينام في خنادق الصحراء، أو يسيل عرقه ممزوجا بدمه من أجل رغيف خبر "حافي"، ولا واحدة منهن تفكر في مستقبل بناتها لأن كل الخيارات متوفرة .. من الوظائف المغرية عبر "التشغيل المباشر" الذي لا يحتاج إلى محاضر 20 يوليوز، إلى "مهنة" التسكع في النوادي الراقية للتخلص من مصروف الجيب اليومي الذي قد يتعدى السميك الذي تموت وتحيا من أجله نساء لا ينقصهن لا الذكاء ولا القوة ولا الجمال الطبيعي الذي لا يحتاج إلى ساعات من الدهن والكشط.. في محلات "التدليك"..
عندما تلد هذه العينة، الرجال الذين يقاتلون من أجل الوطن أو يقضون زهرة شبابهم في معتقلات البوليزاريو دون انتظار مقابل، والنساء اللاتي يصنعن العظماء.. ويعشن بعد عقود من الصبر على دراهم معدودة هي كل ما تبقى من معاش زوج خدم البلاد وربما دفع روحه فداء للوطن.. وعندما لا يتركن شؤون بيوتهن على عاتق نساء وفتيات من "عالم سفلي".. آنذاك سيكون من حقهن الحديث باسم المرأة المغربية.. والتباكي على ما يعتبرنه انتقاصا منها..
وعندما تتصدى إحداهن لكيري كينيدي التي تخلق متاعب لا تتصور للمغرب، أو تفحم أمينتو حيدر التي إذا عطست في العيون أصيب "مشلغمو" الأجهزة في الرباط بالإسهال.. آنذاك سنحني رؤوسنا لمن وجدن أنفسهن فوق أمبراطوريات مالية ضخمة صنعها في النهاية عرق رجال ونساء من مغرب آخر.. أو وجدن أنفسهن في مواقع لا تسلم على أساس الكفاءة والقدرة، وإنما بناء على "الصداقات" التي يفترض ألا تأثير لها في مفهوم حارسات "معبد المناصفة المساواة"..
لقد جر رئيس الحكومة خصومه أكثر من مرة في الشهور الأخيرة إلى الساحة التي يجيد اللعب فيها، وفي كل مرة ابتلع هؤلاء الطعم، وعوض أن يعودوا من "غزواتهم" منتصرين غانمين وجدوا أنفسهم عراة أمام الرأي العام.. الذي يعرف كيف يميز بين "الخبيث والطيب".. ويعرف بالمناسبة أن رئيس الحكومة الذي امتدح النساء المتوهجات في بيوتهن ليس هو من أطفأ توهج ثريا الصواف ومليكة مالك وفاطمة لوكيلي في "دولة دوزيم"..
نصيحة أقدمها لخصوم وأعداء بن كيران بالمجان، عكس الاستشارات غير المجدية والمكلفة التي تقدمها وكالات العلاقات العامة لهؤلاء، وأتمنى ألا تتسلط علي بسبب ذلك "الكتائب الإلكترونية" لحزب المصباح مفادها.. إذا أردتم النيل من رئيس الحكومة، تعرفوا أولا على الشعب وتوجهاته.. فالمغاربة ليسوا هم حفنة "وكالي" رمضان، والمغربيات لسن مصاصات "مارلبورو"..
قد قال لي ذات مرة أحد كبار رجال القانون البعيدين عن دائرة الأضواء، إن أشهر المحامين في المغرب هم الذين يخسرون القضايا الكبيرة.. لأنهم عوض أن يقنعوا هيئة المحكمة استنادا على نصوص القانون، يخوضون معاركهم على الجبهة الإعلامية والسياسية.. فيكسبون الشهرة، ويتلقى موكلوهم الإدانة..وهذا ما يتكرر اليوم.. قضايا كبرى لكن بمحامين فاشلين ومحاميات فاشلات..
http://facebook.com/my.bahtat

0 التعليقات: