الثلاثاء، 10 يونيو 2014

«الحروب بالوكالة» تغرق ليبيا في الفوضى

عبد الصمد الزعلي/المصدر المساء الالكترونية المغربية 

                          








  كشفت  قوات الجنرال «خليفة حفتر» بداية فصل جديد من الفوضى والخروج عن
 سلطة الحكومة المركزية، بعدماكانت قد أعلنت  عن سيطرتهاعلى مواقع عسكرية
 في ليبيا في فبراير الماضي، معلنة عن تجميد عمل البرلمانالمؤقت، الذي يعرف 
باسم المؤتمر الوطني، وتجميد الحكومة الليبية،  إلى أن يتخذ الليبيون قرارهم
 بتسليم السلطةلأي جهة يرونها مناسبة، حسب ما صرح به«خليفة حفتر»،  مضيفا
 أن  «ما قمنا به ليس انقلاباً ولا نسعى لحكم عسكري، وإنما انسجاماً مع مطالب
 الشارع التي خرجت تطالب برحيل المؤتمر العام». ليبدأ مسلسل دموي من 
المواجهات في مدينة بنغازي، تسبب حتى الآن في 75 قتيلا و141 جريحا حسب
أرقام رسمية لوزارة الصحةالليبية، بعدما شنت قوات «حفتر» حملة عسكرية على
 مواقع للثوار في بنغازي، وهو ما اعتبره المؤتمرالعاموالسلطات الليبية محاولة
 انقلاب على ثورة 17 فبراير، وقد شهدت الأوضاع، أول أمس، تطورا بعد انضمام
 لواء «القعقاع»وكتيبة «الصواعق» إلى قوات«حفتر.

وقف زحف الإسلاميين
عندما فشل  في تزعم الثورة في ليبيا، اختفى «حفتر»  تدريجيا من المشهد السياسي
 في ليبيا، قبل أن يعودبشكل مفاجئ مؤخرا. وبالرغم من تكتم الولايات المتحدة
 الأمريكية بشكل كبير على علاقات أجهزة استخباراتها بـ«خليفة حفتر»، إلا أن
 تقارير تسربت منذفترة تشير إلى أن علاقاته بالاستخبارات الأمريكية بدأت منذ
 ترأسالجناح العسكري للجيش الليبي المعارض في «تشاد». وقد  رفض مسؤول
 بارز في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الإجابة عن سؤال وجه إليه
بخصوص علاقة «حفتر» بالاستخبارات الأمريكية،مشيرا إلى أن سياسة الوكالة
 الأمريكية تمنع مناقشة مثل هده المواضيع، حسب ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن
 بوست» الأمريكية.
يرتبط «حفتر» بعلاقات قوية مع دوائر الاستخبارات الأمريكية، وحتى بعض أجهزة
 الاستخبارات في دول غربية،حسب ما نقلتهوكالة «رويترز» عن مركز أبحاث
 أمريكي تحدث بالتفصيل عن الرجل، وهو ما يجعله الرجلالمناسب لممارسة التغيير
 في ليبيا حسب إملاءات الخارج وبعض الدول التي لا تنظر بعين الرضا إلى التيارات
الإسلامية في ليبيا. كما نبش  الإعلام الأمريكي مؤخرا  في تاريخ «حفتر» وعلاقاته
 بالاستخبارات الأمريكية.
وأشارت مجلة «فرونت بيدج مغازين» إلى  أن «حفتر» عاش لعقود في الولايات
 المتحدة حتى جمعته هناكعلاقات قوية بوكالة الاستخبارات المركزية «سى آي إيه»
 ووزارة الخارجية الأمريكية.بدوره، أشار موقع «إنفورميشن كليرينج هاوس» إلى
 أن الولايات المتحدة الأمريكية استعانت بـ«حفتر» لإنهاء نفوذ الإسلاميينفي ليبيا،
 مضيفا أن «حفتر» لديهاتصالات سابقة مع وكالة الاستخبارات المركزية
 «سي إي أي».وتستهدف قوات اللواء المتقاعد «حفتر» المسؤولين الإسلاميين
 فيمحاولة انقلاب غير رسمي يحظى بدعم من جهاتخارجية غير راضية على
 نفوذ الإسلاميين في ليبيا.

<<حفتر».. سيسي ليبيا الجديد
يصفه زملاؤه في الجيش الليبي بأنه رجل مهووس بالسلطة، ومستعد لفعل كل شيء
 من أجل أن يتبوأ المناصب.بعد  فشله في الفوز بمنصب سياسي، عشية انهيار نظام
 صديقه السابق معمر القذافي، قرر الانسحاب بشكل تدريجيمن المشهد السياسي
 الليبي، بعدأن ساهم عسكريا في الإطاحة بالقذافي، لكن سرعان ما عاد مؤخرا ليثير
 الجدلبإعلانه الحرب على من وصفهم بالإرهابيين والمتشددين،
  فمن هو اللواء «خليفة «حفتر» الذي أصبح حديث وسائل الإعلام الدولية؟
ارتبط اسم القائد العسكري «خليفة حفتر» بالانقلابات في تاريخ ليبيا، فالجنرال
 المتقاعد حاول الانقلاب أكثر من مرة على العقيد معمرالقدافي، لكن كل محاولاته
 باءت بالفشل.
من مواليد سنة 1943، في مدينة «إجدابيا»، التحق بالكلية العسكرية الملكية سنة
1964 بمدينة بنغازي وتخرج منها سنة 1966، ليتمتعيينه في سلاح المدفعية. كان
 من القادة العسكريين الذين ساعدوا معمر القذافي في الاستيلاءعلى الحكم،  بعد
 تولي القذافي للحكم إثر نجاح انقلابه العسكري، وأصبح «حفتر» من مقربيه 
وصديقا شخصيا له.
لكن في سنة 1988، انشق «حفتر» عن نظام صديقه القذافي، وجاء إعلان الانشقاق
 وهو في سجن بدولة التشاد، بعدما قبض عليه من طرف جيش «تشاد» خلال
 مشاركته في الحرب التي كانت بين الجيش الليبي وبين الجيش التشاديسنة 1987،
 وهي الحرب التي انهزم فيها الجيش الليبي.
وفي السجن، قام بمراجعات توجت بانشقاقه رفقة بعض ممن كانوا معه في السجن
 عن نظام القذافي، ليتم الإعلانعن تأسيس الجيش الوطني الليبي المعارض،
 ويتولى قيادة جناحه العسكري.
كانت بداية أنشطة الجيش الليبي المعارض في سنة 1993، حيث قاد «خليفة حفتر»
 بصفته قائد الجناح العسكري محاولة انقلابية ضد نظام القذافي سرعان ما باءت
 بالفشل، ليقرر القضاء الليبي محاكمته غيابيا، وأصدرت المحكمةالعسكرية الليبية
حكما بالإعدام على«خليفة حفتر».
  الجيش الوطني الليبي المعارض الذي تشكل في سجون تشاد، لم يعمر طويلا، إذ
 سرعان ما تم تفكيكه بعد أنطرأ تغيير في هرم السلطةفي دولة التشاد وتغير الرئيس
، وتكفلت الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تقدم الدعم للجيش المعارض بنقل
 قيادته من دولة تشاد إلىداخل أمريكا،  وكان ممن تم نقلهم الجنرال «خليفة حفتر»،  قائد
 الجناح العسكري للجيش.
استقر «حفتر» في الولايات المتحدة الأمريكية واستمر في نشاطه معارضا للنظام
الليبي في الخارج،  لكن بعد تفجرالثورة ضد القذافي في شهر فبراير من سنة 2011،
 عاد إلى ليبيا وانضم للثوار وأصبح بفضل خبرته العسكرية منأبرز قياداتها 
العسكرية.بعد نجاح الثورة وسقوط نظام العقيد معمر القذافي، كان «حفتر»  يمني
 النفس بلعب دورسياسي في البلاد، إلا أن بعض الناقمين على قيادات الجيش الليبي
 في عهد القذافي وقفوا لطموحاته بالمرصاد،  فأحيلعلى التقاعد كإجراء يرضيه
ويرضي معارضيه داخل الجيش،والذين يرون أنه من بقايا نظام القذافي، في الوقت
 الذيتشير فيه مصادر أخرى إلى أن علاقته مع دوائر الاستخبارات في أمريكا وبعض
الدول الأوربية والعربية  كانت سببا في اتساع دائرة المعارضين  لبقائه في الجيش
 الليبي، أو منحه مواقع بارزة في المشهد السياسي الليبي.

الشلل الأمريكي وتعقد المشهد الليبي


لا ترغب واشنطن في التورط  المباشر  في المشهد الليبي،  لذلك أصبحت تعتمد
سياسة ما تسميه محاربة الإرهابعن بعد، وهي سياسة قائمة على التعاون عن بعد
 مع الحكومات المحلية، وهو ما يصعب الحالة الليبية في ظل ضعف الحكومة
 المركزية وغياب سلطتها على بعض المناطق في ليبيا.عجز عن التصرف، دفع
 الإدارة الأمريكية إلى نقلقوات خاصة في قاعدتها في إسبانيا في استعداد للتدخل
 لإجلاء مسؤولي وموظفي الولايات المتحدة ، في حال تسببتمحاولة الانقلاب التي
يقوم بها «حفتر»  في أعمال عنف ضد المصالح الأمريكية.
وترى واشنطن أن انهيار الحكومة المركزية يمنح الفرصة للتنظيمات المقربة من
 تنظيم القاعدة للسيطرة علىالأوضاع،  وتعتقد واشنطن أن تنظيم  أنصار الشريعة
 متورط في قتل السفير الأمريكي بطرابلس، إذ يعتقد الأمريكيونأن أحد رموز التنظيم
ويسمى «أحمد ابو ختاله»،  متورط في الهجوم الذي نفذ على السفارة الأمريكية
 وأدى إلى مقتل السفير الأمريكي، كما يوجد في قيادة التنظيم سائق سابق لزعيم
 تنظيمالقاعدة أسامة بن لادن، اعتقل في أفغانستان، ووضع في سجن «غوانتناموا».
 وتقدر أمريكا عدد العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في لبيبا بأكثر من 200 شخص،
 أصبحت لهم معسكرات تدريب في المناطق التي أصبحت لا تخضع لسيطرة الحكومة
 المركزية.
وكان تقرير صادر عن المركز الأطلسي قد حذر من أن تنظيم «أنصار الشريعة» تمكن
 من الحصول على موضع قدمفي الداخل الليبي وأصبحت لديه مئات العناصر من ذوي
 الخبرة، ممن شاركوا في حروب ومعارك عسكرية في مناطقأخرى من العالم ، ليصل عدد
المنتسبين والمناصرين له إلى عدة آلاف في مدن بنغازي ودرنة واجدابية، كما هو
 الحالأيضا في مدينة طرابلس.ويتوفر التنظيم على معسكرات تدريب في مدينة
بنغازي، يتدرب فيها العشرات من أتباع التنظيم،
 كما أصبحت ملاذا للعائدين من القتال في سوريا. معسكرات التدريب تلك تسهم
 في تكوين عناصر التنظيم والمتعاطفينمعه، في أفق السيطرة على منطقة جغرافية،
 وحسب ما يعتقد الأمريكيون، فإن ذلك سينتهي بإعلان التنظيم دولة علىمنطقة
 جغرافية، بالشكل الذي  أعلن تنظيم «داعش» دولته في سوريا.
وتعقد المشهد الليبي أكثر بعدما أعلن ما يدعى بـ«لواء التوحيد»، شبيه بلواء التوحيد في 
سوريا، وهو لواء تابع لتنظيم القاعدة، مشاركته فيالحرب ضد ميلشيات العقيد المتقاعد
«خليفة حفتر».  ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»الأمريكية أن ذلك يزيد من غرق
 ليبيا في مستنقعالاضطراب، وذلك بعد سنوات من الإطاحة بالعقيد معمر القذافي.
وتشير الصحيفة إلى أن قدرات التنظيمات المتطرفة والميليشيات المسلحة العسكرية
 تجعل الحكومة المركزية تواجهتحديا كبير، فهذه التنظيمات والمليشيات تتوفر على
 معدات عسكرية كثيرة ومتطورة، مثل البنادق المحمولة، مدافعالهاون، الصواريخ
 المتطورة، إضافة إلى شاحنات مضادة للطائرات، وهو ما يصعب على الحكومة المركزية 
وقواتهاالسيطرة على الوضع والحد من قدرات هده التنظيمات.
وتؤكد الصحيفة أن من بين الأمور التي ساهمت في الوضعية الحالية، أنه ومنذ
الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي،اعتمدت الحكومة المركزية في بناء الجيش
 والشرطة الليبيين على أعداد من المنتمين السابقين للجماعات المسلحة،
كما أن أجهزة الشرطة وقوات الجيش تشكلت وفقا للهوية العرقية في ليبيا.


أمريكا أغرقت ليبيا في الفوضى


لكن مقابل ترويج أمريكا لتخوفها من سيطرة من تصفهم بالتنظيمات المتطرفة على
 ليبيا، هناك من يتهمها بأنهاأسهمت في إغراق البلد في الفوضى، وتشير مجلة 
 «فرونت بيدج مغازين» الأمريكية إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تسببت
 في إغراق ليبيا في الفوضى العارمة، حيث تحليق الطائرات على ارتفاعات منخفضة
 فوق أسطحالمنازل، وانتشار الدبابات في الشوارع ووقوع تفجيرات وأعمال قتالية 
عنيفة، يعيدليبيا إلى فترة الثورة على العقيدالقذافي.وحملت المجلة المسؤولية إلى
 إدارة الرئيس أوباما، مشيرة إلى أن الجنرال «خلفية خفتر»، الذي يدعيمحاربة
 المتطرفين، ما هو إلا رجلقوي يحاول أن يستولي على السلطة عبر إظهار إمكاناته
في السيطرة على البلاد. 
 وأكدت المجلة أن المواجهات بين تنظيمات وميليشياتالجنرال المتقاعد «حفتر»
  أدت إلى الفوضى التي تتخبط فيها مدينة بنغازي اليوم، حيث شهدت المدينة شن
 غارات جوية قتل على إثرها العشرات.
وأشارت المجلة إلى علاقات الولايات المتحدة الأمريكية  بتنظيمات تعد اليوم متطرفة،
 وتعتبرها إدارة الرئيس الأمريكيباراك أوباماتنظيمات إرهابية، تنتمي  لتنظيم
 القاعدة، الذي تخوض أمريكا حربا دولية ضده، وذكرت المجلة  أن كتيبة 17
فبراير سبق لوزيرةالخارجية الأمريكية السابقة «هيلاري كلينتون» أن تعاقدت معها 
 من أجل حماية البعثة الدبلوماسيةالأمريكية في ليبيا، لكنها سرعان ما أوقفت
تعاونها معها، فارتمت في أحضان تنظيم القاعدة وقتا قليلا بعد ذلك.

هل تدعم دول الخليج انقلاب ليبيا
لا يخفي مسؤولون في دول خليجية تبرمهم مما يسمونه المد الإسلامي في الدول
 العربية، الذي خرج من رحمموجة الربيع العربيووضع الإسلاميين في هرم السلطة،
 لذلك تلقى فكرة تدخل طرف أجنبي من أجل القضاء علىمد تنظيم الإخوان المسلمين
 في ليبيادعما كبيرا من دول الخليج، إذ كشفت مصادر إعلامية أن مسؤولين في
 الخليج لم يخفوا دعمهم لهذا الخيار، ومن أبرز هؤلاء وليعهد إمارة أبو ظبي،
 الذي  يدعم بقوة توجيه ضربةعسكرية إلى ليبيا، من أجل القضاء على جماعة
 الإخوان المسلمين.ونقل موقع «ميديل ايست مونيتور» البريطاني عن مصادر
مطلعة أن دول الخليج تدعم فكرة توجيه ضربةقاصمة إلى ليبيا، للسيطرة على
 الوضع هناك، ووضع حد لما تصفه دول الخليج بالتهديدات الأمنية التي قد
تسببها قوة الجماعات الإسلامية المتصاعدة.ويعد ولي عهد الإمارات من أشد
 المعارضين لوجود الإسلاميين في السلطة، ونقلت المصادر ذاتها أن بن زايد يؤيد
 فكرة كان تقدم بهاقائد انقلاب مصر عبد الفتاح السيسي،تتمثل في أن توجه الولايات
 المتحدة الأمريكية ضربة إلى ليبيا بمساندة قوات عربية مشتركة تدخل
 ليبيا برا، من أجل القضاء على الجماعات الإسلامية التي ساهمت في الإطاحة
 بنظام العقيد معمر القذافي،لكن أمريكا لا تريد التورطالمباشر في ليبيا.
وتتحدث المصادر ذاتها عن جهود يقوم بها مسؤولون خليجيون لدى الرئيس
 الفرنسي فرنسوا هولاند منأجل التدخل العسكري فيليبيا لطرد جماعة الإخوان
المسلمين منها، مقابل مبالغ مالية مهمة تقدم لفرنسا.


0 التعليقات: