الخميس، 15 مايو 2014

لا طابت لكم أرضاً ولا هنئتم بماء




*فاتح عبدالسلام /
جريدة الصباح العراقية


كل شيء مختلط في العراق. لا يمكن فصل أمر أو حالة أو موقف أو شخصية عن كم هائل من المتضادات المقابلة له.
يختلط الديني بالحياة المدنية والمقدس بالمدنس، ويختلط المليشياوي بالشرعية الانتخابية، ويختلط الطائفي بحق الدفاع ضد الإرهاب ،ويختلط الجاهل مزور الشهادات بمناصب ذات قيمة اعتبارية عليا في البلاد وبين العباد، ويختلط الماء الوسخ بالينابيع النقية ،ويختلط الإحتلال بالمقاومة، ويختلط رئيس الحكومة برئيس الحزب والوزير بعضو الحزب، ويختلط المطلوب بتهم ارهابية بالمرشح عن الشعب، ويختلط صندوق الإنتخابات بصناديق القنابر والهاونات، ويختلط التاريخ بالجغرافيا ،ويختلط لابس العمامة بمنصب قائد عسكري، وتختلط القرعاء مع أم الشعر.

كل شيء يموج في حركة مضطربة عبثية، حيث ينزل العراق في أسفل سافلين قتلاً 
وجهلاً وتسامحاً وطيبةً وقوةً وكرامة، وتطفو على سطح الخرابة مجموعة الكراسي 
المعروفة التي باتت داخلة في لعبة تشبه لعبة الأمم الشهيرة، لعبة يفوز بها كل مَن جلس على كرسي قريب منه ويفوز كل من انتزع كرسياً من تحت مقعد أحدهم الجالس عليه، ويفوز بها كل من يحمل كرسيه معه أينما ذهب الى البيت أو الشارع أو الخارج أو التواليت.

كل شيء مختلط بالأخر لا أحد يستطيع أن يعرف من الذي يعلن أنه مظلوم الذي 
يغرق بملذات مليارات السلطة في عقدها الثاني أو الذي يموت من الجوع باليوم مرتين.
اختلاط الحابل بالنابل والحامل بالعاقر والتابع بالمتبوع والمريض بالصحيح، فلا تعد 
بعد ذلك تعرف هذا من ذاك ولا هذه من تلك.


إنها ليست عشوائيات الأحوال وانما هي الأقدار المبرمجة المخطط لها التي تمشي فينا 
الى حيث حتف البلاد ودمارها.


أشبعوا موتاً إن لم تموتوا بعد و اشبعوا تصويتاً إن ظل في الميدان صوت لم يجير 
لأحد. واتركوا هذا الوطن ينتحب على جانب من هذه الكرة الأرضية الهازئة به.
الشعب يموت بكل بساطة ليس في الفلوجة كما يتوهم بعضهم فقط، يموت في كل مكان 
تخنقه فيه غصة الكرامة والحياة.


لا طابت لكم أرضاًً ولا هنئتم بماء

*كاتب عراقي

0 التعليقات: