الأحد، 11 مايو 2014

السياسة المصرية.. سياسة زوجتك نفسي



محمود إبراهيم صديق/كاتب مصري
(علاقه مصر بأمريكا علاقة زواج شرعي وليست مجرد نزوة ليوم واحد)، إذا كنت واقفا على الساحل الشمالي تمتد ببصرك إلى آخر بيت مصري في الجنوب محاولا البحث عن رجل يقبل لبلاده كلمات إذعان دخولها في بيت الطاعة الأمريكي، سواء كانت الكلمات مقصودة أو فهمت خطأ، سواء كانت علاقة الزواج شرعية أو لحظات من العشق استسلم فيها أصحاب القرار لرجولة الطرف الآخر.
إنك لا تستطيع أن تفصل المشهد من السياق العام الذي تعيشه الدولة أو تجتزئ الكلمات من إجمالي المشهد المصري وسلوك صناع القرار والمؤسسات الرمزية في مصر والمنوط بها الحفاظ على سياده الدولة ورفعتها.
الكلمات السابقة لم تكن من رجل بسيط يتابع أمام قنوات الإعلام المصري فقد عقله وبصيرته وبات يصدق كل ما يتلى عليه، لكنها كلمات خرجت من قمة الهرم الدبلوماسي والسياسي في مصر.
السياسة الخارجية للدولة تمثل فيمتها السيادية الأساسية من خلال علاقاتها الدولية، وترتكز في بنيتها على استقلال الدولة وقرارها السياسي ومدى امتلاكها للإرادة الحرة التي تمكنها من صناعة السياسة الخارجية وتشكيل آلياتها وتحديد مساراتها وتوجهاتها طبقا لأهداف الدولة وأبعاد أمنها القومي.
فالسياسة الخارجية ليست هي فن أن تخلع ملابسك حتى القطعة الأخيرة ليرضى عنك الطرف الآخر، ولكنها في الحقيقة هي علم وفن التعامل مع الإرادات السيادية المستقلة والتفاعل مع الدول المتشاركة في منظومات أو تحالفات سياسية ومدى قدرتك على التأثير في المجتمع الدولي على نحو يحفظ السيادة الوطنية ويحمي الحقوق القومية ويعظم من قيمه الشعب أمام العالم من خلال علاقات تُبنى على الندية والمصالح المتكافئة والاحترام المتبادل مع الأسرة الدولية مع إمكانيه تعديل المسارات طبقا لأجندة مصالحك الوطنية.
عليك أن تعظم قيمه الشعب الذي تتحدث باسمه وأنت على قمه الهرم الدبلوماسي في مصر وأن تضع نصب عينيك أيديولوجياته ومفاهيمه وثوابته وحقوقه عليك كصانع قرار، لا لتسمح لغيرك أن يضع يده على كتفك. فأنت لا تملك أن تضع كرامته في سلة المهملات أمام المجتمع الدولي بأحاديث غير مسؤولة تعبر عن احتياجك فقط للطرف الآخر أكثر من أن تفكر في أن تستدعي قوة الشعب للاصطفاف خلفك والوقوف بجانبك.
لكنني لا أتوقف عند الموقف فقط ولكن عند التعبيرات أيضا التي تعبر عن الحالة العامة التي يعيشها المصريون من فراغ قيمي وأخلاقي وفقدان الرموز المجتمعية في السجون. فلا تندهش كثيرا إن كان هذا هو المنتج النهائي للعمل السياسي في مصر.
نتفق أو نختلف مع الرئيس مرسي حتى ألتزم الحياد عندما أتحدث عن جانب من صناعة القرار السياسي في مصر.. نعم نجح وباقتدار في إعادة تشكيل الخارطة السياسة الدولية في مصر على اعتبار الندية التي استمدها من قوة الشعب المصري، وكانت جولاته الخارجية تعبر عن فهم ووعي في مدى معرفة القوى والأوزان في المجتمع الدولي منذ بداية زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية، وإجمالا بالاتحاد الأوربي وألمانيا ودول البريكس. وما اتسمت به علاقته بالولايات المتحدة بإطار من القوة، ولم يعتمد على سياسة رد الفعل وإنما كان على الصعيد الخارجي دائما على مستوى الأحداث، رغم أن الوضع الداخلي لم يكن بالتماسك المطلوب الذي يحتاجه صانع القرار.
شعر المواطن البسيط ان مصر لا تدور في فلك أية قوى عظمى، وأنها في بداية مرحله التأثير في المجتمع الدولي، ولو قدر الله لنا يومها الانضمام إلى مجموعة البريكس كما كان يطمح لتغيرت طبيعة العلاقات الدولية والإقليمية كاملة، أضف إلى ذلك مدى تأثير رؤيته في التعامل مع الاختبار الأصعب لحظة العدوان الصهيوني على غزة.
أتوقف أيضا عند متابعتي للأستاذ الدكتور حسن نافعة في برنامج "حوار خاص"، وأندهش كثيرا في كيف نفصل النظرية التي نعلمها لطلابنا عن المواقف الميدانية في السياسة. لم أندهش من المفاهيم التي يراها أن ما حدث ثورة تصحيحية في عرف الثورات، كيف تعزل نظاما سياسيا بالدبابة؟ كيف تقبل أن يحاكم نظام الرئيس مرسي على جرائم بديلا عن نظام مبارك وأنت تعلم أن أي نظام سياسي له أخطاؤه السياسية، وأن اخطاء الأنظمة طبيعية في عامها الأول.
لم أخرج إلا بنقطة محورية واحدة من حواره، وهي أخطاء الإخوان، ولا أدري كيف يتحدث الرجل عن نظام لم يستطع تشكيل حكومة حزبية، وإن كانت من حقه، طالبا من الجميع المشاركة.
لم أتفهم كيف يحلل الأحداث وهو لم يتفهم أن مصر كانت في مرحلة انتقالية وهي الأصعب في حياة الحكومات، وليراجع تاريخ لنكولن كيف أدار المرحلة الأصعب في تاريخ أمريكا.
لم أفهم كيف يرى الدكتور أن الانتخابات القادمة معبرة عن الشارع وأنه خيار طبيعي.
لا أدري أي المفاهيم السياسية التي تحدث فيها عن إمكانية عدالة انتقالية يقوم بها قائد الانقلاب حال فوزه وهو جزء من جرائم ومجازر ومطلوب للمحاكمة من الشعب.
السياسيون لا يصعدون على مبادئهم وعلى أخلاقهم عندما يكون هناك أكثر من 23 ألف معتقل في مصر، فعلى السياسيين أن ينتبهوا أن الراي العام لا يحتمل لغطا أو عبثا، فالشعور العام لدى الجماهير غير ما تشعر به أمام شاشات التلفاز أو في حجرتك المكيفة.
الأحرار ما يزالون في بلادي، وما زال الضمير السياسي يتحدث وما زالت القمم تتعالى بمبادئها.
كل التقدير لعظماء التزموا طريق الحق بين النظرية والتطبيق: الأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، والأستاذة الدكتورة نادية مصطفى، والأستاذة الدكتورة باكينام الشرقاوي.
نريد مصر مرفوعة الهامة، عالية القامة، ينشد أبناؤها نشيدها الوطني باعتزاز وفخر تحت حكم شرعي نتج عن إرادة المصريين.
الثورة مستمرة.

0 التعليقات: