الخميس، 6 مارس 2014

الفنان المغربي بين ظلم الخلان والغربة في الوطن


   


  وأنا أجوب احد أزقة البيضاء  وقعت عيناي على  هرم من أهرام التمثيل في بلادنا.  فنان ومسرحي وممثل أمتع المغاربة لسنوات طوال.  وادخل عليهم البهجة والسرور بأعماله وحضوره اللافت والممتع , دون كلل أو ملل,  بهندامه الأنيق ونظارتيه  اللتان   أصبحتا جزءا منه. ولا يمكن تصور عبد اللطيف هلال بدونهما . لم أكن  أتصور  أن أرى هدا الفنان اللامع والإنسان  وعلامات الفاقة والفقر المادي  بادية عليه . رايته ينتعل نعلا بسيطا  وسروالا ضيقا رثا وقميصا يشي خصا ص الرجل ونكران مجتمع,  لم يكل الرجل عبر مسيرته الفنية الطويلة و المتميزة من محاولة إصلاحه ودعوته إلى البر والتضامن والتكافل  وحسن الأخلاق .

   رايته  يمشي مطأطأ الرأس لا يقوى على رفع عينه   وكأنه يتحاشى  نظرات المارين بعد جور الزمان وجحود أبناء الوطن   . وطن كان  الفنان عبد اللطيف هلال يحلم أن يسع الجميع كرامة و عزة ورغد عيش . لم ا جرئ على مصافحة الرجل وأنا من المعجبين بأعماله  وفنه   حتى لا أزيد  من مأساته و عمق جرحه الغائر.  فوقفت مسمرا  في مكاني  مذهولا  يعصرني الأسى والخزن  وآنا أرمقه  يبتعد بقامته النحيلة وظهره المنحني   .

وتذكرت فنانين آخرين  أعطوا  من فنهم الشيء الكثير دون إن  يأخذوا  معشار ما يستحقون من تقدير و عرفان جميل و أصبحوا  في دائرة النسيان  يتقاذفهم المرض والحاجة دون معيل   .     لا يملكون  من حطام الدنيا  شيء سوى رصيد محبة  كنها لهم الجمهور طيلة   صعود نجمهم  و لم يلقوا سوى الصدود والنكران  عند أفوله .

 تذكرت أيضا  قصة الشيخ اليهودي زمن عمر ابن الخطاب  رضي الله عنه  حينما أوتي به  إلى عمر بدعوى عدم  أداء الجزية  فقال قولته الشهيرة الخالدة  أكلناه  لحما لما كان شابا ورميناه عظما لما بلغ منه العجز و المشيب. وأمر  بوضع   الجزية عنه  وخصص  له  صدقة جارية من بيت مال المسلمين, تفي حاجياته و  تغنيه عن السؤال.  .

وتذكرت أيضا أننا في بلد ينظم مهرجانات تسيل لعاب فناني العالم بما يرصد لها من أموال ومكافآت فلكية تجعل العين تصاب بالحول من كثرة أصفار المبالغ المرصودة وما  يغدق فيها على فنانين  أجانب    من مبالغ ماليه خيالية  تصيب السامع  بالدوار  مقابل وصلة تعد بالدقائق  في حين أن من بين فنانينا  من افنى  عمره عطاء للبلد    يفترش  الورق المقوى لينام على الأرض خالي الوفاض  ويحاول إن يقاوم البرد والجوع والمرض  بالهروب من واقعه البائس  إلى عوالم فنية  أبدعها وشخصيات تقمصها و احتوته يوما ما  .

تذكرت أيضا  جمعيات حقوق الإنسان   التي أسقطت من برامجها هده الفئة من الناس  المهضومين الحقوق التي لم تعد تملك ما تجدد به بطاقة هوية تثبت انتماءها لهدا الوطن الذي يحملون حبه  بين حناياهم رغم جور الزمان . 

فهلا تعلم مسئولونا  من عمر   وبادروا بإتباع سنته وتخصيص معاش لهِؤلاء الفنانين العظام  بما يعينهم على نوائب الزمان  ويغنيهم عن السؤال. لاسيما أن من بينهم من  فيه من العزة ما يدفعه إلى شرب كاس الردى ولا يمد يده إلى كائن من كان .   
                                                                             موسى المصلح
                                                

0 التعليقات: