الأحد، 16 مارس 2014

ماذا يحمل أوباما إلى السعودية؟


المصدر/البيان اللبنانية


    لا يختلف إثنان على أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المملكة العربية السعودية نهاية الأسبوع الجاري، هي زيارة تاريخية من حيث التوقيت والظروف المحيطة بها في المنطقة العربية، حيث تتقاطع مصالح الدولتين في كثير من الدول العربية وتتباين المواقف في بعض تلك الدول.

    الولايات المتحدة دولة عظمى، وهي اليوم بمثابة الأمبراطورية التي تحكم العالم، أو معظمه، بأسلوب يختلف عن الأمبراطوريات التاريخية.في العالم العربي، طبّقت الولايات المتحدة سياسات مختلفة، لكنها كلها كانت تؤدي إلى ذات النتيجة.كان جورج بوش يتبع سياسة الإخضاع العسكري بالقوة، بينما يعتمد باراك أوباما سياسة الاحتواء 
التي تخضع الدول الخارجة عن السطوة الأميركية أو تلك التي تقف عائقاً أمام مصالحها.
   
 منذ أن حصلت الثورة الاسلامية في إيران على الشاه الذي كان يمثّل العصا الأميركية الغليظة في الخليج العربي، صارت أميركا أكثر حاجة إلى دول الخليج العربي لمواجهة إيران. منذ ذلك الحين في العام 1978 أصبحت أميركا تواجه إيران بجيرانها وليس مباشرة: حرّضت العراق أيام صدام حسين لخوض حرب استمرت ثماني سنوات مع إيران فدمّرت قدرات البلدين. ثم حرّضت الكويت على العراق للمطالبة بديونها، فاستدرجت العراق لاجتياح الكويت، ثم استدرجت الخليج لطلب نجدتها ضد صدام حسين، فاجتاحت العراق على دفعتين بدعم وغطاء من دول الخليج العربي التي كانت تريد التخلّص من صدام حسين.

 اختلفت الطريقة، لكن النتيجة واحدة وبأسلوب "الفوضى الخلاّقة" الذي يوفّر على أميركا أثماناً مباشرة لحروبها بالواسطة.في المحصّلة، أميركا تغيّر العالم العربي من الداخل، وهي اليوم تحاول تحقيق ما عجزت عنه بالمباشر.انفتحت على "العدو" إيران، وصارت العلاقات بينهما متقدّمة في التنسيق. أميركا لا عدو لها إلا من يقف أمام مصالحها.في الأصل تمكنت أميركا من بناء جدار سميك من العلاقة بين العرب وإيران. ثم هي اليوم تتركهم بعد أن تبين لها أن مصلحتها في علاقة جيدة مع إيران.تختلف السعودية مع أميركا في رؤيتها لمستقبل العالم العربي.

  صحيح أن تقاطع المصالح يفرض عليهما التنسيق، لكن لكل منهما رؤيته.اليوم هناك نوع من سوء العلاقة بين الرياض وواشنطن بسبب إبرام أميركا صفقة مع إيران من دون مراعاة مصلحة العرب، وربما على حسابهم.زيارة أوباما إلى السعودية ليست ترضية للسعودية وتطمينها فحسب، إنها في سياق محاولات حثيثة جارية منذ فترة لوساطة أميركية بين الرياض وطهران.على هذا الأساس، ستكون كل ملفات المنطقة على طاولة البحث بين أوباما والملك عبد الله.
   
   الملف الأول، هو مستقبل الحكم في السعودية. هناك من يقول إن الترتيبات جارية ليتسلّم النائب الثاني لرئيس الوزراء مقرن بن عبد العزيز الحكم بعد تنحّي الملك عبد الله وولي العهد سلمان بن عبد العزيز. وأن ولي العهد الأول سيكون وزير الداخلية الحالي محمد بن نايف على أن يكون ولي العهد الثاني أحد أبناء الملك عبد الله، في حين يجري ترتيب إرضاء الجيل الثالث من آل سعود بمناصب وزارية وأميرية.
   
  الملف الثاني، هو العلاقة بين السعودية وإيران، حيث يريد أوباما تحقيق مصالحة بين الدولتين لحماية مصالح أميركا في الخليج، إلا أن هناك تحفظاً سعودياً على هذه المصالحة حتى اليوم.
   
   الملف الثالث، هو سوريا ومستقبلها. ويبدو أن الخلاف في هذا الموضوع كبير جداً، خصوصاً أن أميركا لم تضع تصوراً كاملاً في هذا السياق، لكنها لا تمانع بقاء النظام السوري على حاله لمدة سنتين.
 
 الملف الرابع، علاقة السعودية وقطر، حيث يحاول أوباما إعادة لواء قيادة الخليج إلى السعودية مع ترك هامش واسع من حرية الحركة لدول الخليج.الملف الخامس، التسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل والتي ينص أحد أبرز بنودها على إلغاء عودة فلسطينيي الشتات، فضلاً عن تعديلات جوهرية على اتفاق أوسلو.الملف السادس، هو لبنان بكل تشعبات أزماته: عزله عن ما يجري في سوريا، إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها لتطمين المسيحيين، إجراء الانتخابات النيابية في موعدها قبل أيلول المقبل، تعديل دستور الطائف بما يعطي ضمانات وتطمينات للمسيحيين في الشرق.بهذا المعنى، تكتسب زيارة أوباما إلى السعودية يوم السبت أهمية قصوى في هذه المرحلة الحساسة في العالم العربي. ويتوقّع أن تترك نتائج واضحة على مختلف الملفات التي جرى البحث فيها مسبقاً بين مسؤولين في البلدين، وليست زيارة أوباما إلا للتصديق على ما تم الاتفاق عليه بين مسؤولي البلدين. 

0 التعليقات: