الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

قناة الجزيرة و مسرحية الأيادي المتسخة لجون بول سارتر


الجزيرة الأكثر مشاهدة عربيا
بقلم /موسى المصلح 

لا يمكن للمرء إلا أن يستغرب و يطاوله الشك  . الشك في كل شيء له صلة بالأخلاق والمبادئ و  قيم الحرية والديمقراطية  المصداقية و الاستقلالية  والصدق والمروءة  .
    تصور معي قناة   بجندها وجنودها , صحفييها ومذيعيها  , ضيوف برامجها والوافدين عليها  على مدى أريع سنوات من   عمر الربيع العربي  و هي  تتباكي على  الحرية و الديمقراطية .
           لم يفتها يوم دون  نشر  فيديوهات للمتظاهرين في شوارع مصر وأزقتها وهم يصرخون ضد الانقلاب وسلطة العسكر .  ولم يمر يوم دون نشر  صور لمجزرة رابعة والنهضة . ولم يمر يوم دون مشهد لمصريين فقراء متذمرين من  وضع اقتصادي واجتماعي   صعب  .ولم يمر يوم واحد دون بث إبداع لشباب   الثورة وهم  يقارعون بالكلمة والصورة و النقد والتهكم اللاذع  قمع العسكر و تكميم الأفواه و ظلم المعتقلات .  
         اربع سنوات ولم يمض يوم دون أن نرى ونسمع ضيوفا يحللون ويناقشون  عثرات  الانقلاب وويلاته . ويتوقعون مستقبل الانقلاب ويستشرفون زواله .
       هده القناة  دخلت جل البيوت العربية  تفاعل معها  الملايين من الناس   بل منهم من كان يرى أنها  المنبر الوحيد لرؤية  لا يحجبها ضباب التزييف والاختلاق. و لم يتسلل  إليها  التزلف والنفاق .  وفجأة  غداة اتفاق  بين  الزعيم و الأمير  انقلب السحر  وتلقفت  عصا الاتفاق كل فيديوهات  القهر والآهات,  والقمع و الآهانات  . وجرف التواطؤ  المعارضون والمذيعون والمحللون . وأقفلت بالشمع الأحمر  برامج وقنوات بنات . وسيجبر  الضيوف  المعارضون  الصمت  والمحللون الى التنميق والمجاملات.  وستختفي  كلمة الانقلاب  قطعا و يضاف لقب  الفخامة و الصالح  والفذ إلى   اسم الزعيم  العسكري القائد  .
   لكن ادا بدلت فجأة  قناة جلدها .و أدارت رأسها  في انتهازية و ردة صارخة , مؤمنة   بان الرأس التي لا تدور لا تستحق  أن تكون رأسا بل تله  حسب مفهوم سياسي انتهازي وصولي ,  فان  الملايين من متابعي هده القناة قد شاهدوا  و عاينوا  لمدة أربع سنوات   القتل و الظلم  .و ترسخ  في ادهناهم  حقائق دامغة لا يمكن الالتفاف  حولها  حتى لو أبرمت  تسوية   تحت شمس ساطعة ولن   تتغير من قناعتهم شيئا . اللهم  تدبدب مالكي القناة و ارتدادهم  عن  قول الحق .وكفرهم بالديمقراطية .  لكن هل مالكو القناة  كانوا فعلا يِؤمنون بمبادئ الحرية والديمقراطية حقا ? الجواب  قطعا لا .
    دلك ما كان جليا ولكنا تعمدنا ألا نرى الحقيقة . وسوف لن نراها  شأننا في دلك شأن بطل مسرحية جون بول سارتر في مؤلفه المسرحي " الأيادي المتسخة " .

0 التعليقات: